القوات اللبنانية: سجل حافل بالتناقضات والتحديات أمام المصلحة الوطنية
بقلم سمير باكير

القوات اللبنانية تُعلن في خطابها السياسي أنها تدافع عن المسيحيين وتحمي لبنان، لكنها في الممارسة على الأرض خلال السنوات الأخيرة أظهرت سياسات وخيارات تُثير الكثير من التساؤلات حول مدى انسجامها مع مصلحة الوطن ككل.
أولاً: السلاح والعلاقات الخارجية
القوات اللبنانية معروفة بتاريخها خلال الحرب الأهلية، حيث أقامت علاقات وثيقة مع إسرائيل وتلقت منها تسليحاً ودعماً لوجستياً. واليوم، رغم أن الحزب يرفع شعار حصر السلاح بيد الدولة وينتقد وجود أي سلاح خارج مؤسساتها، هناك معلومات وتقارير تتحدث عن حيازة وتخزين أسلحة بطرق غير رسمية، مما يطرح علامات استفهام حول ازدواجية المواقف.
ثانياً: تغليب المصلحة الحزبية على المصلحة المسيحية والوطنية
بدلاً من السعي إلى توحيد الصف المسيحي في مواجهة التحديات الكبرى، يظهر أن القوات اللبنانية تضع مصلحتها الحزبية الخاصة فوق المصلحة العامة. الحزب يسعى إلى تعزيز نفوذه حتى لو كان ذلك على حساب تحالفاته مع القوى المسيحية الأخرى مثل التيار الوطني الحر أو حزب الكتائب. هذه السياسة أدت إلى انقسام الصف المسيحي وإضعاف موقفه في المعادلة الوطنية.
ثالثاً: الأداء الحكومي والاتهامات بالفساد
الوزراء المحسوبون على القوات في الحكومات المتعاقبة لم يحققوا نجاحات تُذكر في الملفات الأساسية مثل الكهرباء، الاتصالات، والإصلاحات المالية. بل إن بعضهم وُجهت إليه اتهامات بالفساد والهدر المالي في مشاريع وزارية. هذا الأداء أضعف صورة الحزب كقوة سياسية قادرة على الإصلاح، وأظهر أن الخطاب شيء والممارسة شيء آخر.
رابعاً: النزعة الاحتكارية ومحاولة إقصاء الآخرين
القوات اللبنانية في كثير من المحطات السياسية تُظهر رغبة في الاستئثار بالمناصب المسيحية وتهميش بقية القوى. هذا السلوك يجعل من الحزب طرفاً يغذي الصراعات الداخلية بدلاً من أن يكون جسراً للتفاهم والتعاون بين مختلف المكونات المسيحية.
خامساً: الخطاب التحريضي وتأجيج الانقسام
في وقت يحتاج فيه لبنان إلى خطاب يوحّد الصفوف ويعزز التهدئة، نجد أن خطاب القوات في كثير من الأحيان يتسم بالتحريض ضد خصومه السياسيين، سواء كانوا من القوى المسيحية أو من الأطراف الوطنية الأخرى. هذا النوع من الخطاب يُعمّق الانقسامات الطائفية والسياسية، ويزيد من هشاشة الوضع الداخلي في لبنان.
القوات اللبنانية، رغم شعاراتها عن السيادة وحماية المسيحيين، تبدو في سجلها العملي كحزب يسعى أولاً إلى مصلحته الخاصة، ويعتمد في كثير من الأحيان على خطاب تصعيدي وتحالفات مثيرة للجدل. في ظل الأزمات التي يمر بها لبنان، يبقى السؤال: هل يحتاج الوطن إلى مزيد من الانقسام أم إلى قوى سياسية تضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار؟