اخبار محليةالرئيسية

عندما صدر الأمر للجيش بمواجهة المسيّرات الاسرائيلية إذا..

عماد مرمل - الجمهورية

مع ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان ترافقها تهديدات بالأسوأ والأعظم، تكبر التحدّيات والضغوط التي تواجه السلطة السياسية وسط عجز الخيار الديبلوماسي حتى الآن عن صنع أي فارق، ما دفع رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى توجيه رسالة انزعاج وامتعاض إلى من يهمّه الأمر، وعلى طريقته.

لا تشكّل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة استهدافاً لـ«حزب الله» فحسب، بل هي تصيب أيضاً صدقية الدولة وصورتها وسمعتها وكرامتها، في اعتبار انّها المعنية بالدفاع عن السيادة والمواطنين، خصوصاً منذ التوصل إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي أناط بها مسؤولية الحماية، وبالتالي فإنّ أي اعتداء لا يقابله من جهتها رد ما، إنما ينطوي على إساءة لمكانتها ودورها.

والمتضرّر المباشر من هذا الواقع هو الجيش اللبناني، لا سيما منه المنتشر ضمن نطاق جنوب الليطاني، إذ إنّ الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار في هذه المنطقة، كما حصل في بلدة بليدا، يمثل إحراجاً له وإضعافاً للثقة بينه وبين الجنوبيين.

وإذا كان العدو الإسرائيلي يملك تفوقاً كاسحاً في الجو من غير الممكن مجاراته، الّا انّ ذلك لا يعني انّ الجيش ليس قادراً بالحدّ الأدنى على الدفاع عن عنفوانه في مواجهة أي توغل برّي إسرائيلي داخل المناطق الجنوبية المحرّرة، انسجاماً مع طبيعة وظيفته وفلسفة وجوده، بمعزل عن الخلل الهائل في موازين القوى مع الاحتلال الإسرائيلي.

من هنا، وإزاء تمادي العدو في ارتكاباته التي وصلت إلى درجة اقتحام المجلس البلدي في بليدا بكل ما يحمله من رمزيات وطنية وقتل الموظف ابراهيم سلامة، بادر رئيس الجمهورية إلى الطلب من قائد الجيش العماد رودولف هيكل التصدّي لأي توغل إسرائيلي في الأراضي الجنوبية المحررة، دفاعاً عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين.

ويكتسب هذا القرار أهميته، ليس من مفاعيله العسكرية التي تتحكّم بها الظروف الميدانية والتقديرات العملانية، وإنما من دلالاته وأبعاده السياسية التي تعكس تطوراً لافتاً في موقف رئيس الجمهورية إزاء تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية وامتناع واشنطن عن أي ضغط حقيقي على تل أبيب للجمها، في حين أنّ لبنان الرسمي قدّم أقصى المرونة الممكنة لتثبيت الاستقرار في الجنوب.

 

ويؤكّد العارفون، أنّ موقف عون ترك ارتياحاً كبيراً لدى المؤسسة العسكرية التي كانت تحتاج إلى غطائه السياسي ومظلته الرئاسية لتحصين دورها في الجنوب وإعطائها الدعم المعنوي اللازم، خصوصاً أنّ الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.

 

ويكشف هؤلاء، انّ قيادة الجيش كانت قد وجّهت أمراً إلى الوحدات العسكرية المنتشرة في الشريط الحدودي، بوجوب إطلاق النار على أي مسيّرة إسرائيلية تحاول الإعتداء على المزارعين أثناء قطاف الزيتون في حقولهم، وبالتالي أتى طلب الرئاسة من الجيش التصدّي للتوغلات الإسرائيلية، كي يمنحه الحصانة الضرورية للتعامل مع كل الاحتمالات.

 

كذلك، يكشف المطلعون انّ الجيش بادر، بعد الاعتداء على بليدا وردّ فعل عون، إلى إحداث مركز جديد ومتقدّم له على المسلك الذي من المرجّح أن تعتمده قوات الاحتلال في أي عملية توغل جديدة، بعدما كان مركزه السابق يقع على مسافة بعيدة نسبياً من مكان الاقتحام الأول.

 

وتعتبر قيادة الجيش، وفق المطلعين، أنّ الواجب يقتضي مواجهة كل محاولة إسرائيلية للتقدّم البري في الأماكن التي تنتشر فيها الوحدات العسكرية، حتى لو كان ميزان القوى مختلاً بكامله لصالح العدو، «إذ إنّ الدفاع عن الأرض والنفس هو خيار مبدئي وإلزامي، لا يرتبط بحسابات الربح والخسارة المادية، وإنما بالحق المشروع وبالوظيفة الاستراتيجية للجيش».

 

وبناءً عليه، لا يعتبر الجيش أنّ ما طلبه منه عون توريطاً له كما يروّج البعض، بل تثبيتاً لمهمّته الأصلية كحارس للأرض وسكانها بعيداً من محاولات استدراجه إلى الاقتتال الداخلي او زجّه في الزواريب الضيّقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى