ليلة بضيافة كيم غيَّرت وجهة نظر كوريا الجنوبية
مسؤولون من كوريا الجنوبية قالوا إنَّ المبعوثين فوجئوا بوُدّيته وردوده "الصريحة والجريئة"
لم يكن أحد يتخيَّل أن يكون لدى زعيم كوريا الشمالية، كيم يونغ أون، الذي يظهر دائماً على أنّه شخض حازم وعنيد، قدرة كبيرة على لعب دور ديبلوماسي هام، وهو ما كشفه الإجتماع الأخير بينه وبين مسؤولين من كوريا الجنوبية.
وكيم، الذي لم يسافر قط إلى الخارج بصفته قائداً أعلى لكوريا الشمالية حتى هذا الأسبوع، وكانت لقاءاته الوثيقة بالضيوف الأجانب مقتصرة على الشخصيات البارزة من الصين وكوبا وسوريا، أو دينيس رودمان، لاعب كرة السلة الأميركي السابق، يشبه جده، الذي كان مؤلَّهاً بين شعبه على نحو متزايد، حتى في تصفيفة شعره المميزة، وابتسامته الودودة، وخصره المُكوَّر، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وعند وصول وفدٍ من المسؤولين الكوريين الجنوبيين لزيارة كيم، الذي يمتلك ترسانةً نووية مع أنَّ سنّه لم يتجاوز 35 عاماً بعد، والذي ظلّ غامضاً حتى عندما أرعبت تجارب أسلحته النووية والباليستية العالم أجمع، لم يكن أيٌّ منهم يعرف ما يجدر بهم توقُّعه بالضبط.
اللقاء الذي كشف شخصيته
وقال مسؤولون من كوريا الجنوبية إنَّ المبعوثين الذين كانوا يبلغون من العمر ما يكفي ليكونوا في سنّ والد كيم، فوجئوا بوُدّيته وردوده “الصريحة والجريئة” أثناء اجتماعٍ عُقِدَ الإثنين الفائت في بيونغ يانغ، عاصمة كوريا الشمالية، وتجاوز 4 ساعات، بحسب الصحيفة الأميركية.
وكانوا قلقين من أنَّ كيم قد يُهدِّد بحدوث انفراج “هش” إذا ما استأنفت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة المناورات العسكرية المشتركة الشهر المقبل. في السابق، ردَّت كوريا الشمالية على مثل هذه التدريبات باختبارات صاروخية وتهديدات شديدة اللهجة بشنّ ضربةٍ نووية على أميركا.
وبحسب “نيويورك تايمز”، فقد جاء في رسالةٍ مكتوبة بخط اليد، سلَّمها تشونغ يوي يونغ، رئيس الوفد الكوري الجنوبي، بنفسه إلى كيم: “نتمنّى أن تتمكَّنوا من اتخاذ قرارٍ جريء آخر؛ حتى نستطيع التغلُّب على هذه الأزمة”، بينما التقطت القنوات، التي تديرها حكومة كوريا الشمالية، صورةً لهذه الرسالة.
وقد فاجأ كيم ديبلوماسيي جارته الجنوبية، ليس فقط بقبول التدريبات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة باعتبارها حقيقةً واقعة؛ بل أيضاً بالإعراب عن استعداده لبدء المفاوضات مع واشنطن بشأن إنهاء برنامجه للأسلحة النووية. وأخبرهم بأنَّه سيُعلِّق كل تجاربه على الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية ريثما تجري مثل هذه المحادثات.
وبحسب الصحيفة الأميركية، كانت هذه سابقةً لافتةً للنظر لديبلوماسية كيم الدولية، إضافةً إلى كونها تحوُّلاً ملحوظاً في لهجته على الأقل، إنْ لم يكن في استراتيجيته ذاتها بعد؛ وذلك بعد مرور أشهرٍ فقط على إثارته المخاوف من نشوب حرب في شبه الجزيرة الكورية، بإجرائه سلسلة من اختبارات الصواريخ النووية والباليستية العابرة للقارات.
ومع أنَّ كثيراً من الناس صاروا يرونه ديكتاتوراً لا يرحم، مهووساً بالأسلحة النووية، ومولعاً بقتل مساعديه وأقاربه غير المخلصين، قدَّمَ كيم الآن جانباً مختلفاً من شخصيته باستضافته المبعوثين الكوريين الجنوبيين الذين جاءوا لمناشدته تغيير هذا المسار.