خطاب المرجع الروحي للموحدين الدروز الشيخ أمين الصايغ.. نداء تحديد البوصلة
فواز نمر الشعراني

أطل المرجع الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز سماحة الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ في كلمة مصورة توجّه بها إلى أبناء الدروز السوريون، في فترة مفصلية وحاسمة في تاريخهم الحديث. والتي وصفها سماحته بأنها مفترق آخر للطرق يتطلب منا الاختيار السليم وعدم إضاعة البوصلة.
وأكَّد على أنها لحظة تتطلب استعادة ذاكرة القيم المعروفية الشريفة بقصد استعادة الوعي والإرادة. ما لذلك من أهمية بالغة في حماية أمننا وأمن هويتنا من لعبة الأمم الي قد دخلت بها مجتمعات المنطقة، هذه اللعبة التي بتنا ندرك أنها لا تودي إلى شيء بقدر ما تودي إلى فصم عرى مجتمعاتنا وزيادة تمزقات وهشاشة نسيجها. وفي ضوء ذلك أشار سماحته إلى مجموعة من النقاط التي من المهم التنبّه لأهميتها وضرورة التمعّن فيها:
أولًا: وجوب التمسك بالهوية العربية الإسلامية، تأكيدًا منا على وعي ديني وسياسي بتراث الموحدين وإسهاماتهم الفكرية الثمينة في القضايا والأمن الإسلامي المشترك. وإن دعوته لهذا الأمر في مثل هذا الوقت خصوصًا هي أكبر دليل على عمق تجذّر عروبة الدروز وإسلامهم، وأنهما ليسا نتيجة لحاجة أو غاية وأنهم بعد هذا التاريخ كله ليسوا بحاجة لمن يشهد لهم بسلامة هذا الانتماء وصحته وحقيقته.
ثانيًا: إن التمسك بخيار الدولة التعددية والعادلة هو السبيل الأهم الضامن للحقوق من أجل الاستعداد لمجابهة المخاطر الجمَّة التي سببتها المجازر والاعتداءات على التاريخ والعقل والوعي والدين وعلى المستقبل، مشيرًا إلى أهمية دور الإخوان في الدول العربية لتأمين معابر إنسانية لأبناء السويداء. فالدولة التعددية والعادلة هي السبيل الوحيد الذي يضمن لنا حقوقنا كأبناء جرحى لهذا الوطن تعرضوا لخطر تهديد الوجود، ولا بديل عن هذا السبيل في إعادة العمل على اللّحة المجتمعية. وللأخوة العرب دور مهم في عودة الاستقرار والهدوء عبر سعيهم الحقيقي والمهم لتحسين الوضع الإنساني وفق تدخل إسعافي وسريع.
ثالثًا: التأكيد على الحق في التواصل والتفاعل السليم مع كافة المجتمعات الدرزية على قاعدة ومبدأ ضمان وتعزيز الهوية العربية لهذه المجتمعات، مؤكدًا على أساس القيم التوحيدية في وجود المجتمع التوحيدي الذي وجد دون الحاجة، في دعوة وجوده إلى مشرع بشري. وعلى القوانين رعاية وصيانة هذا الوجود والقيم عبر رعايتها وصيانتها لهذا التواصل. فالتواصل بين أبنداء الجلدة الواحدة ليس تهمة يا أصدقاءنا، وهو حق مشروع وممارس من قبل أبناء العديد من الطوائف الأخرى، وهو ليس ندعاة للتخوين والاتهام ما لم يتجاوز حدود التهديد لأمن ومصالح الأوطان، وهذا المعيار خصوصًا لا تحددة جهة أو فئة اتجاه أخرى. بل ترسم حدودها أنظمة الدول وقوانينها تبعًا لمحددات أساسية وواضحة تبتعد فيها عن الشبهات.
رابعًا: ضرورة الإصغاء إلى صوت النخب والمثقفبن داخل المجتمع الدرزي مشيرًا إلى دورهم المهم والفاعل في رفع الظلم. وهذا بالضبط ما نحتاجه في هذه اللحظة، واليوم قبل غدَا لتفادي أي مأزق مستقبلي قد يتمثل باحتقان داخلي أو مواجهات أو اصطفافات، في وقت نحن فيه بحاجة كبيرة للتلاحم والتوافق والتضامن. وهنا تبرز أمامنا إعادة الاعتبار للصوت المدني داخل المدينة لدوره المهم في بناء الجسور والسعي للعمل المشترك في السعي والبناء.
وفي ختام كلمته جدّد سماحته المناشدة لوقفة ذاتية تحمل من التأمل المستمر ومن التعمق غير المغرق للسؤال عن هويتنا عبر سؤالنا عن ذاتنا الجماعية وعن العالم وغاية مسار أفعالنا وغاية وجودنا في هذا العالم، مؤكدًا أن الخير يكمن في استحضار العقل والضمير في حكم النفوس قبل أن يحكموا بظواهر الأفعال والأجسام بالقوانين الوضعية، ما من شأنه إعادة صياغة رسالتنا التوحيدية المعروفية الحقيقية التي لن تمحوها غزوة أو يحدّها ظلم أو يشوبها محاولات تشويه وتضليل.