
على الرغم من إعلان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن حزب الله أبدى إيجابية وانفتاحاً في ما خص الحوار حول السلاح والاستراتيجية الدفاعية، استمرت الحملة الإعلامية والسياسية المحلية على المقاومة وسلاحها لمواكبة الضغط الخارجي على الدولة اللبنانية والحديث عن مهلة لنزع السلاح والتهديد بعودة الحرب الإسرائيلية إذا لم يسلّم الحزب سلاحه للدولة، ما يُخفي وفق ما تقول مصادر سياسية لـ»البناء» نية خبيثة بتحويل مسألة السلاح الى خلاف داخلي سياسي وأمني وربط الدعم الدولي للبنان وعودة الاستثمارات ومفاوضات صندوق النقد الدولي ومسألة الانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات وإعادة الإعمار وعودة الجنوبيين إلى قراهم، بمسألة نزع السلاح، بهدف تصوير سلاح المقاومة أنه المشكلة الأساسية والتي تعيق كل مسار الدعم الخارجي وحل الأزمات وإعادة بناء الدولة. وحذّرت المصادر من الهدف المشبوه التي تدأب على تنفيذه بعض القوى السياسية ووسائل إعلام محلية وعربية وأجنبية، لتطويق المقاومة من بيئتها اللصيقة ومن البيئة الوطنية، لتسريع مخطط الانقضاض على المقاومة وتصفيتها سياسياً وشعبياً ووطنياً تمهيداً لتصفيتها عسكرياً وأمنياً، وبالتالي تحقيق أهداف الحرب العسكرية الإسرائيلية التي لم يستطع الإسرائيلي تحقيقها.
واستغربت المصادر كيف استمرار البعض بحملته على المقاومة وسلاحها وبيئتها، فيما رئيس الجمهورية يتصدّى للضغط الدولي على لبنان بفتح باب الحوار مع حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول السياسة الدفاعية للدولة اللبنانية وكيفية الاستفادة من المقاومة في إطار تعزيز قوة الدولة وبسط سيطرتها وأخذ دورها ومسؤوليتها في حماية الحدود اللبنانية أكان الجنوبية أو الشمالية – الشرقية، فيما لم ينطق هذا البعض المشبوه ببنت شفا حول الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان واحتلاله جزءاً من الجنوب، وخرقه للقرار 1701 ولاتفاق وقف إطلاق النار.
وشدّدت أوساط مطلعة في فريق المقاومة لـ»البناء» على أن «المقاومة هي أحرص الأطراف على مصلحة الوطن وهي التي قدّمت عظيم التضحيات ودفعت آلاف الشهداء وعلى رأسهم السيد الشهيد حسن نصرالله لتحرير الجنوب وحماية لبنان وأهله وسيادته وثرواته قرابة نصف عقد، وبالتالي لا أحد يزايد على المقاومة التي صدّت الحرب الإسرائيلية الأميركية الغربية الأخيرة على لبنان للقضاء على حزب الله والمقاومة وفرض المشاريع الإسرائيلية، والتزمت المقاومة بتطبيق القرار 1701 وإعلان وقف إطلاق النار بالتنسيق مع الجيش اللبناني الذي يستكمل انتشاره في الجنوب. ولذلك كما ساهمت المقاومة والثنائي حركة أمل وحزب الله بإعادة تكوين السلطة بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وإجراء سلسلة تعيينات أساسية، لإعادة تفعيل دور الدولة وعملها، فإن المقاومة ستكون متجاوبة ومنفتحة على الحوار مع أي طرف لبناني لا سيما رئيس الجمهورية وفي الحكومة لبحث عنوان عريض هو كيف نحمي لبنان؟ وما هو دور المقاومة وسلاحها في تعزيز منطق الدولة ودورها على مختلف المناطق اللبنانية وفي حماية السيادة والدفاع عن الجنوب وكل لبنان من العدوان الإسرائيلي والأطماع الصهيونية؟».
وفي سياق ذلك، أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض أن «حزب الله، منفتح على أي مسار حواريّ داخليّ تطلقه الدولة اللبنانيّة لمعالجة الملفات العالقة، خصوصاً أن المواقف الرسمية اللبنانية أظهرت إدراكاً عميقاً لأهمية الحوار في حماية الاستقرار الداخلي، الذي تهدده المواقف والسياسات الأميركية خدمة لـ»إسرائيل»». وقال: «إن الضغط على الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله على حد تعبيرهم، ومحاصرة لبنان مالياً، ومنع المساعدات عنه، وإعاقة عملية إعادة الإعمار، واختلاق الأكاذيب المفبركة حول دور مرافئه، وآخرها استهداف مرفأ بيروت بهدف إخضاعه للوصاية الأمنية الأميركية، مضافاً إلى تغطية الاغتيالات التي يقوم بها العدو الإسرائيلي، يشكل تهديداً مباشراً للاستقرار اللبناني». واعتبر فياض أن «المواقف الداخلية العدائية والاستفزازية، تؤدي دوراً خطيراً، في الاحتقان الداخلي وتعميق الانقسامات داخل المجتمع اللبناني، لأنها مواقف تتجاوز دائرة السياسة إلى قضايا جوهرية تتعلق بالمصير والأرض والأمن والحق بحياة طبيعية لمكوِّن أساسيّ من المكونات اللبنانية».
ولفت فياض إلى أن «المطلوب أولًا تمكين الجيش اللبناني عدةً وعديدًا ما يبعث الاطمئنان في نفوس الشعب اللبناني، على قدرة القوى العسكرية والأمنية للتصدّي لهذه الأخطار، وعندها فقط نستطيع القول إن الدولة المطلوبة باتت حاضرة لرعاية أهلها وناسها وتحقيق أمنهم واستقرارهم، فلا يعودون بحاجة لحماية أنفسهم بأنفسهم وإقامة أمنهم الذاتي بسلاحهم».
وإذ علمت «البناء» أن رئيس الحكومة التزم أمام مسؤولين أميركيين وغربيين وقوى سياسية محلية بفتح مسألة ما يسمّيه بالسلاح غير الشرعي على طاولة مجلس الوزراء، على أن يطرح هذا الموضوع بعد الانتهاء من درس قانون إصلاح المصارف، شدّد سلام في كلمة له خلال افتتاح معرض صوَر «خمسون في خمسين» في المكتبة الوطنيّة، لمناسبة الذّكرى الخمسين للحرب اللّبنانيّة، إلى أنّ «اتفاق الطائف قال ببسط سلطة الدّولة على كامل أراضيها بقواها الذّاتيّة، وهو ما تخلّفنا عنه طويلًا، فلا بدّ من التّشديد اليوم على ألّا دولة حقيقيّةً إلّا في احتكار القوّات المسلّحة الشّرعيّة للسّلاح، فهي وحدها الّتي توفّر الأمن والأمان لكل المواطنين، وهي وحدها القادرة على بسط سلطة القانون في كلّ أرجاء البلاد، وعلى صون الحرّيّات العامّة والخاصّة. وهذا ما أكّد عليه البيان الوزاري لحكومتنا، حكومة الإنقاذ والإصلاح».