اخبار محليةالرئيسية

الضغوط الأميركية تضع حكومة سلام أمام معادلة دقيقة

البناء

تتواصل الضغوط الأميركية على الدولة لإحلال أولوية ملف سلاح المقاومة على ملف إلزام الاحتلال بتنفيذ موجبات الاتفاق الخاص بوقف إطلاق النار والانسحاب إلى ما وراء الخط الأزرق، في ظل موقف لبناني منفتح على كل نقاش حول مستقبل السلاح، لكن على قاعدة أولوية الانسحاب الإسرائيلي وفقاً لنص اتفاق وقف إطلاق النار بعدما نفذ لبنان موجباته بانسحاب حزب الله لصالح الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني.

تكثفت الاتصالات السياسية اللبنانية مع دبلوماسيين غربيين وعرب، إضافة إلى مسؤولين أميركيين، في محاولة لاحتواء التصعيد مع «إسرائيل» ومنع انزلاق البلاد نحو مواجهة أوسع. وتركّزت هذه الجهود ولا تزال، بحسب مصدر سياسي مطلع لـ»البناء» على مطلبين أساسيّين: وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجنوب، ومنح لبنان هامشاً زمنياً إضافياً لمعالجة ملف سلاح حزب الله، غير أن الأجواء التي ارتسمت من هذه الاتصالات لا تبدو مشجعة، إذ تزداد الضغوط الدولية، وخصوصاً الأميركية، باتجاه مطالبة لبنان بخطوة أولى ملموسة، تظهر جدّية في التعامل مع هذا الملف. ويعكس هذا التحوّل تراجعاً في هامش التساهل الدولي، وانتقالاً من مرحلة الاحتواء والتفهم إلى ممارسة الضغط المباشر، ما وضع الحكومة اللبنانية أمام معادلة دقيقة بين تجنب المواجهة العسكرية والحفاظ على توازن الداخل السياسي، في وقت تضيق فيه هوامش المناورة بسرعة، وهذا الأمر دفع رئيس الحكومة إلى الإعلان عن جلسة لمجلس الوزراء للبحث في ملف حصرية السلاح.

كشفت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر مطلعة أن واشنطن تكثف الضغط على بيروت للإسراع بإصدار قرار رسميّ من مجلس الوزراء يلزمه بنزع سلاح حزب الله قبل استئناف المحادثات بخصوص وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.

وذكرت المصادر، وهم مسؤولان لبنانيان ودبلوماسيان ومصدر لبناني مطلع، أنه إذا لم يقدم الوزراء اللبنانيون التزاماً علنياً، فإن الولايات المتحدة لن ترسل المبعوث الأميركي توم براك إلى بيروت لإجراء مفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين ولن تضغط على «إسرائيل» لوقف الغارات الجوية أو سحب قواتها من جنوب لبنان.

وذكرت المصادر أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، طلب من الولايات المتحدة ضمان وقف «إسرائيل» ضرباتها كخطوة أولى من أجل التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار الذي تسنّى التوصل إليه العام الماضي وأنهى قتالاً دام شهوراً بين حزب الله وإسرائيل. وأضافت المصادر لـ «رويترز» أن «إسرائيل» رفضت اقتراح برّي بوقف ضرباتها على لبنان.

وعليه دعا رئيس الحكومة نواف سلام إلى جلسة حكوميّة نهار الثلاثاء المقبل، أبرز بنودها البحث في موضوع حصر السلاح بيد الدولة. وأفاد سلام أنه، وبسبب الدعوة إلى جلسة تشريعية نهار الخميس، تزامناً مع الموعد الأسبوعي لجلسة مجلس الوزراء ومشاركة الحكومة فيها، قرر تأجيل جلسة مجلس الوزراء.

وأضاف أن مجلس الوزراء سيعقد جلستين في الأسبوع المقبل، وسيكون على جدول أعمال الجلسة الأولى استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلّق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتيّة حصراً، وهو النقاش الذي بدأ في جلسة 17 نيسان الفائت، إضافة إلى البحث في الترتيبات الخاصّة بوقف الأعمال العدائيّة لشهر تشرين الثاني الفائت، والتي تضمّنت ورقة السفير توم براك أفكاراً بشأن تطبيقها.

وكان رئيس الحكومة زار رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في بعبدا، وبحث معه الأوضاع العامّة في البلاد، والقوانين المطروحة على جدول أعمال جلسة مجلس النواب، إضافة إلى ما سيطرحه في اللقاءات الّتي سيعقدها عون في زيارته الرسميّة إلى الجزائر التي بدأت يوم أمس.

وأكدت مصادر سياسيّة أنه لا مانع بالنسبة للرئيس نبيه بري من إدراج بند سلاح حزب الله على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، شرط أن يجري النقاش ضمن الأطر التي رسمها خطاب القسم والبيان الوزاري اللذان نالا إجماع القوى السياسية. ومع ذلك، تشير أوساط برّي إلى أن الاهتمام الفعلي في الوقت الراهن هو على الجلسة التشريعية المرتقبة يوم الخميس، نظراً لما ستتضمّنه من إقرار لقانونَي إصلاح القطاع المصرفيّ واستقلالية القضاء. ويكتسب هذان القانونان أهميّة مضاعفة، لا فقط لكونهما مطلبين داخليين ملحين، بل أيضاً لأنهما يشكلان جزءاً أساسياً من ورقة الإصلاحات التي طرحها الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان، والموفد الأميركي توم براك.

وأعلن مرشح الرئيس الأميركي لتولي منصب سفير الولايات المتحدة في لبنان ميشال عيسى أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي أنه إذا تمّت المصادقة على تعيينه في منصبه فإنه سيعمل مع الرئيس اللبناني جوزف عون والحكومة اللبنانية والجيش اللبناني لضمان استعادة سيادة لبنان بشكل كامل. وشدّد على أن «نزع سلاح حزب الله ليس اختيارياً ولكنه ضروريّ ووقت العمل هو الآن». وأضاف عيسى أن «حزب الله يعلم أنه إذا لم يسلّم السلاح فإن شيئاً ما سيحصل. لا أعرف ماذا سيحصل ولكن شيئاً ما يجب أن يحصل». وختم عيسى «أسمع في الأخبار أن الحكومة اللبنانية قد تجتمع قريباً وتتخذ قراراً حول جدول زمني معين لنزع السلاح. وهذا قد يخلق ضغطاً على أمل أن يحلّ المشكلة. ولكن يجب على الحزب أن يذهب وينزع سلاحه لجلب نوع من الأمل للبنان».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى