حزب الله: جهوزيتنا لصدِّ العدوان لا بداية لها ولا نهاية لها
لفتت صحيفة “البناء” إلى الأحداث على جبهة حدود لبنان الجنوبية، حيث مزيد من التوّتر والتصعيد، وقد أعلن جيش الاحتلال ليلًا عن إطلاق صفارات الإنذار في حيفا وجوارها بعد رصد ما وصفه بجسم مشبوه في الأجواء، وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن نقاش تجريه قيادة الكيان السياسية والعسكرية مع الإدارة الأميركية حول الحرب على لبنان في ظل فشل المساعي الدبلوماسية لتحقيق ما وصفته بهدف إبعاد قوة الرضوان التي تمثل قوات النخبة عند حزب الله، عن المناطق الحدودية إلى ما وراء نهر الليطاني، وهو الهدف الذي قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين الذي كان في بيروت قبل يومين قد فشل في تحقيقه. وفي هذا السياق ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أنّ «”إسرائيل” حذّرت في رسالة للولايات المتحدة الأميركية من شن عمل عسكري، إذا لم تبعد قوة الرضوان عن حدود الشمال»، بينما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين غربيين ولبنانيين، قولهم إنّ «”إسرائيل” هدّدت بتصعيد قتالها مع حزب الله إن لم يوجد اتفاق خلال أسابيع».
ردًا على التهديدات الإسرائيلية بالحرب تحدّث نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «بالنسبة إلينا هذه التهديدات لا تقدِّم ولا تؤخِّر، وعندما يقرِّر الإسرائيلي توسعة العدوان سيتلقى الجواب بصفعة كبيرة وبعمل قويّ، وعندما يبقى على الوتيرة الحالية فنحن نبقى على هذه الوتيرة لأنَّنا نعتبر أنَّ المساندة لغزّة تتحقق بهذا المقدار. من هنا يجب أن يعلم العدوّ أنَّ جهوزية الحزب عالية جدًا، فنحن نجهِّز على أساس أنَّه قد يحصل عدوان له بداية وليس له نهاية، وجهوزيّتنا لصدِّ العدوان لا بداية لها ولا نهاية لها، وهو يعلم أنَّنا أهل الجهاد والشهادة وإذا تقدَّمنا فلا نرجع إلى الوراء ودائمًا نحن متقدِّمون في العمل المقاوم وفي المواجهة».
ورأى أن «الحل للاستقرار هو بإيقاف العدوان، وهذا الحل يبدأ من غزَّة وليس من لبنان»، لافتًا إلى أن «من طلب منَّا أن نتوقف قلنا لهم نحن قمنا بالمساندة وردة فعل، قولوا لمن بدأ أن يتوقف حتّى يتوقف كلّ ما نتج عن هذا العدوان، وبالتالي الاستقرار في لبنان والمنطقة وإيقاف الحرب الدائرة على مستوى كلّ الإقليم بنسب متفاوتة وفي غزّة بالنسبة الأعلى لا يحصل إلَّا إذا توقف العدوان بشكل كامل على غزَّة وبعد ذلك تتوقف كلّ الأمور الأخرى لأنَّها مرتبطة بمواجهة العدوان على غزَّة».
وتوالت التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العدوان على لبنان لإبعاد حزب الله عن الحدود إلى شمال الليطاني، ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين غربيين ولبنانيين، قولهم إنّ «”إسرائيل” هدّدت بتصعيد قتالها مع حزب الله إن لم يوجد اتفاق خلال أسابيع».
وأوردت هيئة البث الإسرائيلية، أنّ «”إسرائيل” حذّرت في رسالة للولايات المتحدة الأميركية من شنّ عمل عسكري، إذا لم تبعد قوة الرضوان عن حدود الشمال».
وقال وزير الحرب في حكومة الاحتلال يوآف غالانت لنظيره الأميركي لويد أوستن: «نفضل إعادة السكان إلى الشمال عبر تسوية ومستعدون أيضًا للقيام بذلك عبر القوّة العسكرية». وشدّد غالانت على التزام «إسرائيل» بإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان ونقترب من اتّخاذ القرار.
وتتولى جهات دبلوماسية أوروبية، وفق ما علمت «البناء»، نقل رسائل إلى الحكومة اللبنانية والى حزب الله ناصحة بتخفيف العمليات العسكرية التي يقوم بها حزب الله ضدّ «إسرائيل» لكي لا تشكل ذريعة للحكومة الإسرائيلية لشن عدوان أكبر على الجنوب. وتعزو الجهات الدبلوماسية السبب إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يواجه مأزقًا كبيرًا في غزّة ويحتاج إلى حرب على الجبهة الشمالية مع لبنان لتحقيق إنجاز عسكري وأمني وهمي يصرفه في الداخل الإسرائيلي سياسيًا في استعادة الأمن إلى مناطق الشمال، وهو أي نتنياهو مستعد لشن عدوان لحماية وجوده السياسي. وبرأي الجهات الدبلوماسية بأن نتنياهو يقترب من نهايته السياسية بعد فشله في تحقيق أي إنجاز في المرحلة الأخيرة من الحرب، وسيواجه تشققات إضافية في حكومته ومزيدًا من الضغوط الأميركية والخارجية، ولذلك يمكن لحزب الله ومحور المقاومة تمرير هذه المرحلة بأقل الخسائر ومن دون حرب كبرى حتّى تنضج الظروف الخارجية والداخلية في «إسرائيل» لتغيير حكومي والإطاحة بنتنياهو. ولفتت الجهات إلى أن الظروف الداخلية في «إسرائيل» مؤاتية لشن حرب على لبنان في ظل الدعم العالمي غير المسبوق الذي حظيت به «اسرائيل» في الوقت الراهن، وقد تستخدمه في التعامل مع جبهة الشمال، كما استخدمته في حرب غزّة.
إلا أن مصادر في فريق المقاومة أدرجت كلّ هذه التهديدات في إطار الحرب النفسية والمعنوية ضدّ المقاومة وجمهورها لخدمة كيان الاحتلال وليس حبًا بلبنان وحرصًا عليه، مشيرة لـ»البناء» إلى أن «كيان الاحتلال هو الخائف والمردوع من الحرب مع لبنان، وإلا لماذا لم ينفذ تهديداته حتّى الآن؟ ولماذا يرسل كلّ هذه الرسائل والتهديدات للبنان وللمقاومة؟ ولولا قوة الردع التي تمثلها المقاومة والخوف من تداعيات الحرب على الكيان الإسرائيلي، لكان جيش الاحتلال شن عدوانًا على لبنان منذ زمن بعيد، وخاصة بعد 7 تشرين الأول الماضي. وتضيف المصادر أن العدوان الإسرائيلي الموسّع على لبنان لن يحقق أهدافه فلن يبعد حزب الله عن الحدود ولن يضمن الأمن للشمال ولن يعيد المستوطنين، والحل الوحيد المتاح أمام العدوّ هو وقف العدوان الهمجيّ على غزّة والرضوخ للتفاوض على الشروط التي وضعتها حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية، وإلا فإن كيان الاحتلال سيكون أمام حرب استنزاف طويلة الأمد سترسم نهايته لأن قوى المقاومة حينها قد لا تستجيب لدعوات وقف إطلاق النار وللتسويات، بل ستخوضها حتّى النهاية وستحولها إلى حرب كبرى.
ولفتت المصادر إلى أن «الظروف الداخلية في كيان الاحتلال والتحولات في الرأي العام العالمي وخاصة الأميركي – الأوروبي، وقدرات حزب الله والتداعيات الكارثية على «إسرائيل»، عوامل تحول دون تهريب المستويات السياسية والعسكرية في الكيان قرار حرب كبيرة على لبنان».
وعلمت «البناء» أن رسائل وصلت لمن يعنيهم الأمر، بأن أي عدوان إسرائيليّ واسع على لبنان، فإن الجبهة السورية ستدخل في الحرب بشكل واسع، وتدخل قوى أخرى في الحرب وقد تتحوّل إلى إقليمية.
بدوره، أكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أنّنا «لا نسمح للعدوّ الصهيوني بالتطاول على حقوق المسلمين وكراماتهم وعلى مقدّساتهم. العدوّ الذي مارس توحّشه وأفرَط في عدوانيّته ضدّ المدنيين في غزّة كان مرجّحًا أن يميل ميلةً باتجاه لبنان فلمّا رأى جهوزيتنا أصبح يحسب للمسألة ألف حساب. عندما يلوّح العدوّ في شنّ هذه الحرب وهو قد فشل في تحقيق أهدافه في غزّة على كلّ المستويات فهو يهوّل ولا يستطيع أن يفعل ما يهوّل به وستبقى يدُ المقاومة هي العليا». ورأى أنّ «العدو الإسرائيلي يضطر للانكفاء والانسحاب لأنه تعِب وواجه مقاومة لم يكن يتوقعها وأَحبط وأَحرج كلّ الذين يدعمونه، وهو غير جاهز للحرب أمام ما أعدّت له المقاومة الإسلاميّة في لبنان وستُريه كلّ بأسها».