“الطعن الدستوري” تجاوز ما حوَته “الرسالة الرئاسية”
كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”: في خِضم الاستعدادت للانتخابات النيابية طغى الطعن الدستوري الذي تقدّم به عشرة نواب أمام المجلس الدستوري على ما عداه من أحداث، وتجاوَز ما حوَته “الرسالة الرئاسية” إلى مجلس النواب في شكلها ومضونها، بعدما تحوّلَ الطعن بالمادة 49 بنداً من سبعة بنود أخرى فاستوعبَها وجَعلها بلا معنى. وهو ما أدّى إلى التريّث في قراءتها ومناقشتها بعد تحديد المخالفات الأخرى المرتكَبة. وعليه، فما هو المنتظَر؟.
على وقعِ التحضيرات التي يجريها لمقاربة الطعون النيابية المنتظرة بعد 6 أيار المقبل موعدِ إجراء الانتخابات النيابية يخصّص المجلس الدستوري اجتماعه، عند العاشرة من قبل ظهر اليوم، للبحث في الطعن الذي تقدّمَ به رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل ومعه رئيس حزب الوطنيين الأحرار وأعضاء كتلة نواب الكتائب وأربعة نواب آخرون من “اللقاء الديمقراطي” وتكتّل “الإصلاح والتغيير” و”المستقبل” من أجلِ الطعن “في دستورية قانون موازنة 2018” مع “طلبِ وقفِ التنفيذ”.
ومِن المقرر دستورياً – وبحسب المواد 19 و20 و21 من نظام المجلس – أن يلتئمَ المجلس الدستوري اليوم للبتّ المبدئي بقبول الطعنِ في الشكل كما بالنسبة الى طلب البتّ بوقفِ تنفيذ بعض البنود المطعون بها “جزئياً أو كلّيا” لاستحالة وقفِ تنفيذ قانون الموازنة كاملاً.
وتسمية أحد أعضائه مقرّراً – بموجب المادة 31 من نظامه ـ يتولّى وضع التقرير الخاص بالطعن خلال مهلة الأيام العشرة المقبلة حداً أقصى ليلتئم المجلس بعدها وخلال خمسة ايام – عملاً بمضمون المادة 36 – وبدء البحث في مضمون التقرير في جلسات مناقشةٍ ومذاكرة تمهيداً لإصدار قراره النهائي في مهلة 15 يوما. وكل ذلك سيَجري في خلال شهر حدّاً أقصى يُحتسَب من تاريخ تقديم الطعن.
وبحسب كلّ الآراء الدستورية فإنّ ما شابَ الموازنة من اخطاء وخروج على الدستور ليس قليلاً ولا من الصعب فهمُه. فهناك بنود كثيرة تجاوزَت من خلالها لجنة المال والموازنة ما يقول به الدستور، وكرّسَها مجلس النواب في جلسة تشريعية عامة عقِدت على أعتاب مؤتمر “سيدر 1” لتقديمها في المؤتمر خطوةً اصلاحية لا بدّ منها دون التروّي أو النظر الى ما احتوَت من مخالفات دستورية وقانونية هي التي أدّت الى الطعن امام المجلس الدستوري.
ولمّا تزامنت هذه الخطوة مع خطوة رئيس الجمهورية بتوجيه كتاب الى المجلس النيابي طالباً اليه تفسيرَ المادة 49 من قانون الموازنة الخاصة بمنحِ ايّ اجنبي “إقامة دائمة” لقاء تملّكِه عقاراً سكنياً وفق معايير مالية محدّدة إن جرى ذلك في بيروت أو في خارجها، فقد ادّى الطعن الى تجميد رئيس الجمهورية بالتكافل والتضامن مع رئيس مجلس النواب العملَ بالرسالة ومضمونِها في انتظار كلمةِ المجلس الدستوري الحاسمة.
وجاءَت خطوة رئيسَي الجمهورية والمجلس النيابي، لتزامنِ مبادرة رئيس الجمهورية والتقدّم بالطعن أمام المجلس الدستوري بفارق ساعات قليلة. فالرئيس ميشال عون الذي بعث في الثامنة صباح الثلاثاء برسالته الى المجلس النيابي تطبيقاً لنصٍّ دستوريّ يحدّد صلاحياته عملاً بالفقرة 10 من المادة 53 من الدستور، والفقرة 3 من المادة 145 من النظام الداخلي للمجلس النيابي، لم يكن على علمٍ مسبَق بالطعن الذي قدِّم إلى المجلس الدستوري ظهراً.
فاتّصل برئيس المجلس في الأولى بعد الظهر لمعالجة الموقف. وقد تمّ التوافق على تجميد الرسالة والخطوات التي تفرضها بعدما تجاوَز الطعن النيابي مضمونها وراح الى أبعد مما قالت به لجهة “إعادة النظر” في المادة 49 فحسب، بل ذهبَ بعيداً الى ما عداها من مواد من القانون نفسِه، فتقدَّم أمر النظر بها من قبَل المجلس الدستوري على كلّ ما يمكن أن يقوم به مجلس النواب.