باسيل يصعّد… و”حزب الله” عاتب ويتفهم
حارة حريك تحمّل باسيل شخصيًا ما آل إليه حال التحالف الإنتخابي
قصد رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، من خلال جولته الإنتخابية في قضاء جبيل أمس الأول، أن يوجّه رسائل سياسية وإنتخابية للأصدقاء والخصوم في آن، وهو توجه إلى حليفه الإستراتيجي، أي “حزب الله”، برسالة واضحة المعالم فسّرها البعض على أنها أتت على خلفية رفض ضم مرشح الحزب عن دائرة جبيل الشيخ حسين زعيتر إلى لائحة التيار في كسروان التي يترأسها العميد شامل روكز، وقال في أحد تصريحاته مباشرة على الهواء: “نحترم تمثيل الآخرين في مناطقهم ولا نضع يدنا على مقاعدهم… نحن اليوم أمام امتحان جديد، بيننا وبين “حزب الله” وبين كل اللبنانيين، ومن خلال هذا القانون هل سنحترم هذه المبادئ أو أن رغباتنا السياسية أقوى منا وتغلب على هذه المبادئ؟ ففي المكان الذي نحترم فيه هذه القيم ونسلم بها يكون التلاقي طبيعياً، وفي المكان الذي نخذلها يكون التباعد، و”التيار الوطني الحر” لن يكون الا الجهة الحريصة على التلاقي، ككل مرة، بمعزل عن الانتخابات ونتائجها لأن هذه الانتخابات مرحلة ظرفية، في حين ان المبادئ شيء ثابت وباق ودائم، وهذا الشيء الذي على أساسه وضعنا أسس التعاطي مع كل الذين نتفاهم معهم انتخابيا، ونرغب بذلك، ونمد يدينا في كل الجهات، ونحاول جمع اللبنانيين مع بعضهم البعض، ولو كان هناك استحالة في جمع كل اللبنانيين في الانتخابات، فالانتخابات مرحلة تمر والتلاقي يأتي من بعدها”.
هذا الكلام وضعه البعض في خانة عدم تفاهم “التيار الوطني الحر” مع “حزب الله” في معظم المناطق، التي خاضا فيها معارك مشتركة في إنتخابات العام 2009، والتي كان من شأن هذا التحالف أن أعطى الأرجحية لـ”التيار” على غيره من الأحزاب وأستطاع أن يكون التيار الأكثر تمثيلًا في الساحة المسيحية وثاني أكبر تكتل نيابي في البرلمان على مستوى كل لبنان، وذلك بعد فشل المفاوضات بينهما حول أكثر من دائرة.
ولأن ترشيح الشيخ زعيتر عن دائرة جبيل جاء على لسان الأمين العام للحزب شخصيًا وجد باسيل نفسه محرجًا تجاه القاعدة العونية في المنطقة، التي عبرّ بإسمها النائب سيمون أبي رميا برفض هذا الترشيح، لأنه يعرف مسبقًا أن “حزب الله” لن يتراجع عن هذا الترشيح مهما كلّف الأمر، وهو ماضٍ في ما رسمه من مخططات إنتخابية في أكثر من منطقة، وبالأخص في بعبدا وبعلبك – الهرمل وجزين، حيث يبدو حتى الساعة أن لا إمكانية لأي تفاهم إنتخابي بين حليفي الأمس، من دون الغوص كثيرًا في التحليل والإستنتاجات، التي قد تقود في أحسن الأحوال إلى طرح أكثر من علامة إستفهام حول تأثر هذه العلاقة بالجو الإنتخابي.
بعض العارفين والقارئين في فنجان “حزب الله” لا يستبعدون أن يكون للتوتر الإنتخابي بين الحليفين أثر سلبي، إذ يعتبر كثيرون أن العلاقة بين الحليفين لن تكون بعد 7 أيار كما كانت من قبل، خصوصًا أن حارة حريك تحمّل باسيل شخصيًا ما آل إليه حال التحالف الإنتخابي، وما يمكن أن تكون عليه صورة التحالف الإستراتيجي بينهما، على رغم حرص القيادة العليا في الحزب على تمييز علاقتها مع رئيس الجمهورية عن علاقتها بباسيل، من دون إغفال إمكانية تجاوز “غيمة الربيع” العابرة لتعود الأمور إلى مجراها الطبيعي، مع إعطائها اسبابًا تخفيفية إنطلاقًا من إستيعابها ظروف معارك باسيل الإنتخابية، التي تملي عليه إتخاذ مواقف تصعيدية بهدف شدّ عصب الناخب المسيحي، وبالأخصّ في المناطق الحساسّة، والتي تفرض عليه أن يكون سقف مواقفه الجماهيرية عاليًا.
ووسط هذا الجو عقد اجتماع بين باسيل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، جرى خلاله استعراض إمكانية التحالف في الدوائر المشتركة بين الطرفين، مع تأكيد مصادر مطلعة أن “حزب الله يحرص على احتضان باسيل انتخابياً”.
فالأمور وتطورها بين الحليفين متروكة إلى ما بعد الإنتخابات وإلى ما بعد فرز الخيط البيض عن الأسود، وهذا ما ستظهره نتائج فرز صناديق الإقتراع.
اندريه قصاص