الرئيس بري مُطمئِن: لا حرب.. وهذا ردّي على مقاطعي التشريع
عماد مرمل - صحيفة الجمهورية

تعطّلت الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، نتيجة مقاطعة عدد من الكتل والنواب لها، احتجاجًا على عدم إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر في شأن تصويت المغتربين، على جدول أعمال الجلسة. فما هي تداعيات هذا التعطيل وتفسيراته السياسية؟
اللافت، انّ القوى النيابية التي قاطعت الجلسة التشريعية وحالت دون انعقادها، تعاملت مع الأمر من منطلق انّها حققت “انتصارًا سياسيًا” على الرئيس نبيه بري، وسجّلت هدفًا في مرماه، علمًا انّ المرمى كان خاليًا، لأنّ رئيس المجلس لم ينزل بثقله في “المباراة” كما يُستنتج منه.
وبدا واضحًا انّ الكتل المعارضة لرئيس المجلس “احتفلت” بنجاحها في فرط عقد الجلسة ومنع انتظام التشريع المشلول، معتبرة انّ ما حصل هو إنجاز لها يعزز رصيدها في المعركة ضدّ بري.
ويفترض معارضو رئيس المجلس أنّ تمكّنهم من شل السلطة التشريعية سيشكّل قوة ضغط عليه، من شأنها أن تدفعه عاجلًا أم آجلًا إلى التراجع عن موقفه المعترض على ضمّ اقتراح القانون في صدد تصويت المغتربين للنواب الـ128 إلى جدول أعمال الجلسة التشريعية.
ولكن، هل حسابات خصوم رئيس المجلس في محلها؟
يستغرب بري أمام زواره ابتهاج البعض بتعطيل الجلسة التشريعية، والتباهي به، كأنّه إنجاز، في حين أنّ العكس صحيح.
وحين يُقال لبري إنّ معارضيه يعتبرون أنّهم حققوا نصرًا عليه عبر تطيير الجلسة التشريعية، يجيب وقد علت وجهه ابتسامة عريضة ممزوجة بنظرات الشفقة: “انّه نصر وهمي لا أساس له، إذ إنّ القوانين التي كانت مدرجة على جدول أعمال الجلسة ليست ملكي وإنما هي للصالح العام، وفي حال كانوا لا يريدون إقرارها “شو بدّي أعملهم، يصطفلوا..”.
ويشير بري إلى أنّه لم يبذل أي جهد استثنائي لحشد النواب وتأمين النصاب، “بل تركت حرّية الحضور أو الغياب لكل نائب وفق ما يرتأيه مناسبًا من دون أي تدخّل من قبلنا”.
وحين يُسأل بري عمّا إذا كان قلقًا من احتمال أن يشن العدوّ “الإسرائيلي” حربًا واسعة على لبنان، يردّ بثقة: “لا حرب، والأجواء إيجابية وانا مطمئن في هذه المرحلة”.
وبالعودة إلى الاشتباك النيابي، هناك من يلفت إلى أنّ المقاطعين استعجلوا الاحتفاء بتطيير النصاب وتعطيل التشريع، “لأنّ الخاسر الأكبر مما جرى ليس رئيس المجلس أو الثنائي الشيعي وحلفاؤه، بل الدولة والشعب اللذين هما الأكثر تضرّرًا من منع إقرار القوانين التي كانت ستناقشها الجلسة التشريعية”.
ويشير أصحاب هذا الرأي، إلى “انّ مشاريع القوانين التي تمّ تأخيرها لا تخصّ شخص بري، وهو لم يأت بها من “بيت بيو”، وإنما هي ترتبط بمصالح الدولة والمواطنين، وبالتالي فإنّ الحؤول دون إقرارها يتسبّب في ضرر عام، ليس فقط على المستوى الداخلي بل أيضًا على مستوى المحاولات المبذولة لترميم صورة لبنان في عيون الخارج، الذي يضع السلطة تحت المجهر، ويراقب سلوكياتها وقدرتها على تحقيق الانتظام المؤسساتي والإصلاحات الضرورية عبر التشريعات اللازمة”.
ويعتبر هؤلاء، أنّ خصوم بري أطلقوا النار على أقدامهم نكاية به “أي أنّهم ومن أجل إحباط الدعوة التي وجّهها لعقد الجلسة التشريعية، استخدموا سلاح التعطيل والمقاطعة، على رغم من معرفتهم بآثاره السلبية”.
وإذا كان المقصود من إجهاض الجلسات التشريعية الضغط على بري لإعطاء المغتربين إمكانية الاقتراع للنواب الـ128، فإنّ العارفين يؤكّدون انّ سياسة التحدّي تزيده تمسكًا بموقفه وإصرارًا عليه مهما كانت كلفته، “خصوصًا انّه مقتنع بأنّ الظروف السائدة في عدد من دول الإغتراب لا تسمح بتكافؤ الفرص، سواء بين الناخبين أو بين المرشحين، الأمر الذي يعني انّه لا يمكن تطبيق قاعدة “اللعب النظيف” في الانتشار، وبالتالي لا يبدو بري في وارد إهداء الفريق الآخر امتياز الاستفادة من هذا الخلل للتأثير على توازنات المجلس المقبل”.
ومؤدى كلّ ذلك، انّ توازنًا سلبيًا يحكم حاليًّا واقع المجلس، قوامه: بري قادر على منع إمرار مطلب تعديل مادة تصويت المغتربين، الهادف إلى إعطائهم حق الاقتراع للنواب مجتمعين، ومعارضوه قادرون على منع التشريع. أما الحل فلا يكون سوى بالتوافقات والتسويات، والّا سيتفاقم المأزق وسيتمدّد.




