تصريح عون عن «تعويض غزة في لبنان» يثير القلق من حرب اسرائيلية آتية
إحتفال كشفي غير مسبوق لحزب الله... قاسم: المقاومة لا تساوم

كتبت صحيفة “الديار”: منذ أيام قليلة، أثار تصريح الرئيس جوزيف عون تساؤلاتٍ عميقة حين قال: “هل هناك من يفكّر في التعويض عن غزة في لبنان؟” – عبارةٌ حملت ما هو أبعد من الموقف السياسي، لتتحوّل إلى إشارة تحذير من خطرٍ داهم يُخيّم على الجنوب، وقلقٍ من حربٍ إسرائيلية محتملة قد تجعل من لبنان ساحةً بديلة بعد هدنة غزة.
فبينما تسرق شرم الشيخ الأضواء بـ “قمة السلام” التي تُطلق المرحلة الأولى من “خطة ترامب” لرسم ملامح “غزة الجديدة”، يتحرّك لبنان رسميًا عبر شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بعد العدوان على المصيلح، في محاولةٍ لتثبيت حقّه وردع الخروقات الإسرائيلية التي لم تتوقف رغم القرار 1701.
لكن خلف الديبلوماسية، يلوح شبح التصعيد: مؤشرات ميدانية تتحدث عن استعداداتٍ إسرائيلية غير اعتيادية، واحتمال تنفيذ عمليات شبيهة بـ”البايجر” نتيجة التفوّق التكنولوجي. وفي الداخل، جاء الاحتفال الكشفي غير المسبوق لحزب الله بمشاركة أكثر من 74 ألف كشفي ليحمل رسائل القوة والجهوزية، حيث أكد الشيخ نعيم قاسم أن “المقاومة لا تساوم”.
وبين تحذير الرئيس، وحركة الحكومة، وحشود المقاومة، يبدو لبنان اليوم واقفًا على حافة مرحلة جديدة وخطرة، تتقاطع فيها الديبلوماسية بالنار، ويُطرح فيها السؤال الذي يخيّم على الكواليس السياسية والعسكرية:
هل بدأ العدّ التنازلي لمواجهة جديدة على الحدود؟
تحرك سلام
هذا وطلب رئيس الحكومة نواف سلام من وزير الخارجية يوسف رجي تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، “بما يشكّل انتهاكًا صارخاً للقرار 1701 ولإعلان وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني الماضي”. وفورا، أعطى رجي توجيهاته إلى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتّحدة في نيويورك، بتوجيه هذه الشكوى طالبا نشر رسالتها وتوزيعها كوثيقةٍ رسمية على كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
ولطالما طالب نواب وقياديو حزب الله وحركة “أمل” الحكومة بالتحرك باتجاه مجلس الأمن ردا على الخروقات الاسرائيلية المتمادية، مع العلم أن كل التطورات الاخيرة منذ اندلاع حرب غزة حتى اليوم أكدت أن لا ما يردع اسرائيل وأنها لا تأبه لا للمجتمع الدولي ولا لمجلس الأمن.
جدوى الشكوى لمجلس الأمن
ويعتبر الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين أن “الشكوى إلى مجلس الأمن الدولي يمكن أن تكون وسيلة مهمة للدول من أجل عرض نزاع أو تهديد للسلام على المجتمع الدولي، لكن فعاليتها تختلف بحسب طبيعة النزاع وموازين القوى داخل المجلس” لافتا في حديث لـ”الديار” الى أن “أبرز فوائد الشكوى ، حتى لو كانت معرضة للتعطيل بسبب فيتو تضعه إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، فلفت انتباه المجتمع الدولي إلى قضية أو عدوان أو تهديد للسلام. فعندما تتعرض دولة لاعتداء أو تدخل خارجي، تقدم شكوى لتوثيق الأمر رسميًا”، مضيفاً:”كما تسمح الشكوى بالحصول على موقف رسمي من مجلس الأمن، قرار أو بيان رئاسي. علما أن المجلس قد يدعو إلى وقف إطلاق النار أو يقرر إرسال قوات حفظ سلام أو يفرض عقوبات على المعتدي”.
ويوضح يمين أن “الشكوى تسجَّل في أرشيف الأمم المتحدة، وتصبح وثيقة دولية رسمية يمكن الاستناد إليها لاحقًا في المحاكم أو المفاوضات، من دون التغاضي عن أهمية الضغط الديبلوماسي والإعلامي. فمجرد مناقشة القضية في مجلس الأمن يجعلها تحت أنظار العالم، ويحرج الدول المعتدية أو الداعمة لها”، خاتما:”من هنا من واجب الحكومة اللبنانية أن تبادر الى تقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي ردا على كل اعتداء إسرائيلي”.
ماذا تُحضّر اسرائيل؟
ويخشى لبنان الرسمي، بالرغم من التطمينات التي سمعها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في نيويورك، من تصعيد إسرائيلي يؤدي إلى جولة جديدة من الحرب قبل نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل.
وتشير مصادر واسعة الاطلاع لـ”الديار” إلى أن “الزيارة المرتقبة لبابا روما الى لبنان نهاية تشرين الثاني قد تجعل من المستبعد أن تكون هناك جولة جديدة من الحرب قبل هذا التاريخ، لكن مع إسرائيل لا يمكن الحسم بأي شيء، والخشية من أن تكون تعد لعمليات تشبه عمليات البايجر نظرا لتفوقها التكنولوجي الكبير”.
بالمقابل، وجّه حزب الله يوم الاحد رسائل متعددة الاتجاهات من خلال التجمّع الكشفي الكبير “أجيال السيد” الذي أقيم في المدينة الرياضية في بيروت، بمشاركة أكثر من 74 ألف كشفي وكشفية، إحياءً لذكرى استشهاد السيد السيد حسن نصرالله والسيد الهاشمي هاشم صفي الدين، واحتفالًا بالعيد الأربعين لتأسيس جمعية كشافة الإمام المهدي.
وقالت مصادر مطلعة أن “حزب الله أراد ومن خلال هذا التجمع الكبير جدا وغير المسبوق توجيه رسالة للداخل والخارج بأنه لا يمكن القفز فوق إرادة هذه البيئة وهذه الجماهير الغفيرة وأن حزب الله رغم كل النكسات التي تعرضت لها لا يزال قويا وقادرا على استعادة زمام الأمور اليوم أو غدا”، وأضافت المصادر لـ”الديار”:”ليس خافيا على أحد أن حزب الله يعيش حالة استنفار على كل المستويات خشية أن تكون إسرائيل تُعد لجولة حرب جديدة أو حتى لعمليات على غرار البايجر، ومن هنا كان النجاح بإحباط مخططات التفجير التي اعلن عنها الأمن العام اللبناني مؤخرا”.