اخبار محليةالرئيسية

“بين صمت الدولة ودماء بنت جبيل… هل يتحرّك العهد أخيرًا؟”

حسين مرتضى - مدير مركز سونار الإعلامي

في وقتٍ تغلي فيه الحدود الجنوبية للبنان على وقع المجازر التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية، وآخرها المجزرة الدامية التي طالت مدينة بنت جبيل، يعلو الصوت اللبناني مجددًا بالسؤال المشروع:
أين الدولة؟ وأين القرار السيادي؟

فمع تصاعد التوترات وسقوط المزيد من الضحايا المدنيين، يُطرح اليوم بجدية مصيرية:

هل سيُقدم الرئيس عون على قطع زيارته إلى نيويورك، حيث يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؟

هل سيتّخذ قرارًا جريئًا ويدعو إلى جلسة عاجلة للحكومة، لبحث تداعيات العدوان على الجنوب؟

وهل سيُعقد اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للدفاع أو لمجلس الأمن الوطني، يفضي إلى تخويل الجيش اللبناني بالرد على الاعتداءات المتكررة التي تخترق السيادة وتستبيح الأرض والناس؟

هذه التساؤلات لا تنبع من فراغ، بل من شعور متنامٍ لدى اللبنانيين، خصوصًا في الجنوب، بأن الدولة باتت متفرجة على مصيرهم، وتكتفي ببيانات الشجب والإدانة، في وقتٍ يُنتظر فيه تحرّك فعلي، لا رمزي.

في بنت جبيل، لم تُستهدف مواقع عسكرية ولا مراكز قتالية، بل سُفكت دماء مدنيين بسطاء، أطفال ونساء وشيوخ، كانوا يلوذون ببيوتهم، فإذا بها تتحوّل إلى قبور جماعية بفعل غارة غادرة.

ولأن الدماء لا يجب أن تُترك بلا ثمن، يطالب أبناء الجنوب، وسائر اللبنانيين، بأن تثبت الدولة — ولو مرة واحدة — أنها قادرة على اتخاذ قرار وطني مستقل، بعيدًا عن الحسابات السياسية والطائفية، وأن تأذن للمؤسسة العسكرية بالرد وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا.

الجيش اللبناني، الذي طالما أثبت انضباطه وحرفيته، لا يحتاج سوى إلى قرار سياسي شجاع ليتحرك ضمن إمكانياته لحماية ما تبقى من هيبة الدولة وحدودها.

إن لحظة بنت جبيل قد تكون فرصة أخيرة للعهد ليثبت وطنيته، لا عبر الخطب والمواقف الكلامية، بل عبر قرارات سيادية فعلية. فلبنان لا يحتمل المزيد من العجز، وشعبه لا يستحق أن يُترك وحيدًا في وجه العدوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى