
منذ ما قبل إعادة مجلس الوزراء رمي كرة الخلاف حول قانون الانتخاب، تحديداً الشق المتعلق منه بطريقة اقتراع المغتربين، إلى المجلس النيابي من جديد، كانت العديد من الأوساط المحلية بدأت الحديث عن إحتمال الذهاب نحو تمديد ولاية المجلس الحالي، على وقع معلومات عن أن غالبية الأفرقاء، كل لأسبابه الخاصة، لديهم مصلحة في ذلك، باستثناء رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي يرفض هذا التوجه.
اليوم، لا يبدو أن لدى الأفرقاء اللبنانيين القدرة على الاتفاق على مخرج، من الممكن أن يقود إلى إنجاز تفاهم على الخلاف القائم حول تصويت المغتربين، لا سيما أن معظمهم ينظر إلى الأمر انطلاقاً من مصالحه الخاصة، أي كيفية زيادة عدد المقاعد النيابية التي من الممكن أن يفوز بها، لكن السؤال الذي كان يطرح نفسه، في الأيام الماضية، يتعلق بموقف القوى الخارجية المعنية، في حال وصلت الأمور إلى حد تهديد الاستحقاق الإنتخابي.
في هذا السياق، تكشف مصادر سياسية واسعة الإطلاع، عبر “النشرة”، عن تبلغ مجموعة من القوى المحلية إشارات خارجية مشجّعة على التمديد، تحديداً من الجانب الأميركي، الذي يمارس الدور الأكبر في لبنان في المرحلة الراهنة، على عكس ما كان عليه الموقف في العديد من الاستحقاقات الماضية، حيث كانت الولايات المتحدة ترفع شعار ضرورة إنجاز الإستحقاقات الدستورية في موعدها.
في تفسيرها لهذا الواقع، تذهب هذه المصادر إلى الإشارة إلى أن لدى واشنطن برنامج عمل واضح، لا يعتبر أن الاستحقاق الانتخابي هو الأولوية في لبنان، بل أن التركيز ينصب على ملفين أساسيين: الأول هو المتعلق بواقع القطاع المصرفي، في ظل الأزمة القائمة منذ العام 2019، أما الثاني فهو ملف سلاح “حزب الله”، حيث تضغط على السلطة الحالية لإنجاز خطوات عملية بأسرع وقت ممكن.
ما تقدم، قد يدفع الكثيرين إلى طرح علامات الإستفهام، حول الربط بين برنامج العمل الأميركي والإستحقاق الإنتخابي، خصوصاً أن البعض كان يعتبر أن رهان الولايات المتحدة هو على الانتخابات النيابية في العام 2026، على قاعدة أنها من الممكن أن تقود إلى تأمين أغلبية مؤيّدة لهذا البرنامج، مستفيدة من التحولات التي سُجلت بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، في شهر أيلول من العام الماضي.
هنا، تذهب المصادر السياسية الواسعة الإطلاع إلى أن واشنطن مرتاحة إلى الحكومة الحالية برئاسة نواف سلام، التي توصف، من قبل أوساطها، بأنها متعاونة وشجاعة، وبالتالي تفضل إستمرار التعاون معها، في المرحلة المقبلة، لا سيما أن المطلوب الذهاب إلى تحقيق خطوات عملية في الملفين المذكورين في وقت قريب، في حين أن الإستحقاق الإنتخابي سيعني تحولها إلى حكومة تصريف أعمال.
بالتزامن، تشير هذه المصادر إلى أنّ القوى السياسية، التي تدرك أن الدور الخارجي هو الأساس في معالجة ملف السلاح، لا سيما أن المنطقة تمر بسلسلة من التحولات المتسارعة، لا تفضل الذهاب إلى معالجة الملف المصرفي قبل أشهر قليلة من فتح صناديق الإقتراع، خصوصاً أن المطروح من حلول سيكون، بالدرجة الأولى، على حساب المودعين.
في المحصّلة، توضح المصادر نفسها أن أميركا تعتبر أنه، في حال حصول الإستحقاق الإنتخابي في موعده، ليس هناك ما يضمن تحقيق النتائج المرجوّة، كما أن ليس هناك ما يضمن إعادة تكليف رئيس الحكومة نفسه من جديد، ولا حتى القدرة على تشكيل حكومة جديدة في وقت قصير، لا سيما بعد الخلافات التي كانت قد ظهرت في الأشهر الماضية، ما يعني أن الخيار الأفضل هو السعي إلى إنجاز المطلوب في عهد الحكومة الحالية.