اخبار محليةالرئيسيةخاص دايلي ليبانون

كلام السفير عيسى.. رهان أميركي على مزيد من التنازلات اللبنانية!

رئيس تحرير موقع دايلي ليبانون - يوسف الصايغ

أطل السفير الأميركي من أصول لبنانية ميشال عيسى من عين التينة بكل “صراحة ووضوح” – كتجميل لمصطلح “وقاحة”- ليعلن أن “المفاوضات التي يجريها لبنان مع الجانب الإسرائيلي ضمن لجنة الميكانيزم لا علاقة لها بتوقف الغارات الاسرائيلية” على لبنان”.
كلام عيسى يؤكد على المشروع الاميركي القائم على فصل مسار المفاوضات السياسية والدبلوماسية التي يتم الضغط على لبنان من أجل الانتقال بها الى مستوى المفاوضات المباشرة مع الجانب الاسرائيلي، ما يعني إدخال لبنان في مرحلة التطبيع السياسي المباشر مع تل أبيب، عن الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة في الداخل اللبناني، والتي يحاول الأميركي بالاصالة عنه وبالنيابة عن الكيان الاسرائيلي القول انها ضد حزب الله فقط.
تصريح سفير بلاد العم سام من مقر الرئاسة الثانية يكشف عن محاولة خلق شرخ بين الحكومة اللبنانية وبين جزء من المكوّن الشعبي والسياسي في لبنان ممثلاً بثنائي حزب الله وحركة أمل وحلفائهما، وهذا الكلام يتلاقى مع بعض خطابات القوى السياسية في الداخل التي تراهن على “الدور الاسرائيلي” في مسألة نزع السلاح، والتي عبّر عنها أحدهم بعبارة “رح نقدر نعيش يومين متل الخلق”.
لكن يبدو أن السفير عيسى نسي أو تناسى وجود وزراء يمثلون الثنائي في الحكومة، وبالتالي قرار التفاوض السياسي لا يأتي خارج إطار الإجماع الحكومي، أو معاكساً لإرادة أو رأي الفريق الوزاري الممثل للثنائي في حكومة نواف سلام العتيدة، لكن كلام السفير عيسى من عين التينة يدفع للسؤال حول إمكانية اعتباره بمثابة رد على خطوة رئيس الجمهورية جوزيف عون، الذي أعلن عن تعيين السفير سيمون كرم كـ”مفاوض مدني” ضمن الفريق اللبناني في إطار لجنة “الميكانيزم” التي تشارك في مفاوضات الناقورة.
فهل أراد السفير عيسى في إطلالته الأولى من عين التينة القول أن خطوة تعيين مفاوض مدني غير كافية والمطلوب تقديم المزيد من التنازلات، لا سيما في ظل الحديث عن مطلب إسرائيلي بتحويل منطقة جنوب الليطاني الى “منطقة اقتصادية” دون أن تتضح الأهداف الكامنة وراء هذا المطلب، علما ان السفير كرم ربط مطلب المنطقة الاقتصادية بخطوة عودة أهالي المناطق الجنوبية اليها، وربما هذا ما أزعج الجانب الأميركي الذي يريد موافقة لبنانية خالصة على هذا المطلب الاسرائيلي – الاميركي، وربما كلام السفير عيسى جاء كترجمة لعدم الرضى الأميركي على موقف السفير كرم.
بالمقابل فإن موقف الثنائي وتحديدا حزب الله من مسالة المفاوضات ثابت وغير قابل للتفاوض، وهو مرتبط بالنقاط التي سبق وأعلن عنها أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم وعدد من مسؤولي الحزب، حيث تم التأكيد على رفض أي تفاوض سياسي أو تطبيع مع إسرائيل، مع التشديد على ضرورة أن يتم العمل على إنهاء الاحتلال ووقف الاعتداءات الإسرائيلية وإطلاق الأسرى وبدء عملية الإعمار”، وهذا الموقف أكده الرئيس بري أيضاً حيث شدد على ضرورة أن تقوم لجنة الميكانيزم بدورها لإنهاء الاحتلال”، مع الإشارة الى انه رفض استقبال السفير كرم كموقف رافض لتوسيع التفاوض مع الجانب الإسرائيلي خارج لجنة الميكانيزم، وإلى ملفات أخرى غير الجوانب العسكرية والأمنية والتقنية”.
مع الإشارة ايضاً الى أن الرئيس بري شرح لوفد سفراء مجلس الأمن الدولي حقيقة ما يجري في الجنوب وأنّ لبنان طبق كلّ موجباته في اتفاق 27 تشرين فيما «إسرائيل» لم تلتزم بأيّ شيء ولا تنفع معها الضغوط الدولية أو أنها غير كافية للجم الاعتداءات الإسرائيلية، ولفت الى أنّ التفاوض تحت النار لن يحلّ الأزمة بل سيؤدي إلى زيادة التوتر واستئناف الحرب في أي لحظة والعودة إلى ما قبل اتفاق 27 تشرين”.
وعليه يبدو واضحاً أيضا أن كلام السفير عيسى من عين التينة هو بمثابة محاولة أميركية مكشوفة للدفع بلبنان الى تقديم المزيد من التنازلات السياسية في إطار المفاوضات التي تجري ضمن إطار لجنة الميكانيزم، بينما تواصل إسرائيل اعتداءاتها داخل الأراضي اللبنانية دون حسيب أو رقيب، وبالطبع هذا الأمر لا يتم الا بموجب ضوء أخضر أميركي، بهدف دفع لبنان الى تقديم التنازلات تحت ضغط الميدان وبالتقاطع مع أصوات في الداخل تصوب نحو السلاح وتروج لـ”السلام” المزعوم، فهل ينجح الرهان الأميركي أم أنه سيكون هناك رد لبناني خارج الإطار الدبلوماسي والسياسي؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى