“الخط الأزرق” جنوباً ضاع بين الركام… و”اليونيفيل” تقرّ بتجاوزه في يارون
عباس صباغ - النهار

من يمنع الخروق على طول الخط الأزرق جنوباً، ولا سيما بعد احتلال إسرائيل مزيدا من الأراضي اللبنانية؟
منذ عام 2000 تم ترسيم ما بات يعرف بالخط الأزرق، وبعد تحرير معظم الأراضي اللبنانية، لا يعترف لبنان بالخط الأزرق على أنه حدود جنوبية، وإنما خط انسحاب للخامس والعشرين من أيار/ مايو لذلك العام.
وعلى الرغم من ذلك لا تزال هناك نقاط خلاف على الخط وصل عددها إلى 13، يصرّ لبنان على أنها أراض لبنانية محتلة، فيما تتنصل تل أبيب من التفاوض في شأنها.
بعد نجاح لبنان في تحرير معظم أراضيه في ايار 2000، رسمت الأمم المتحدة بعد نحو شهر، في حزيران/ يونيو من ذلك العام خط انسحاب أطلق عليه اسم الخط الأزرق، لتأكيد الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من معظم الأراضي اللبنانية. ويعدّ ذلك الإجراء الأول من نوعه منذ الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان في آذار/ مارس 1978.
إلا أن ذلك الترسيم لم يمنع استمرار احتلال إسرائيل لنقاط لبنانية على طول الحدود، وتحفظ لبنان ولا يزال عن 13 نقطة من ضمنها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة والقسم اللبناني من بلدة الغجر. وتعدّ نقطة B1 قرب رأس الناقورة من أبرز النقاط المتحفظ عنها، وخصوصا أن اسرائيل نقلت السياج الحدودي إلى داخل الاراضي اللبنانية بمسافة تصل إلى نحو 30 متراً، بما يؤثر تلقائياً على الحدود البحرية.
إلى ذلك، فإن الإصرار الإسرائيلي على الاحتفاظ بتلك النقطة يهدف إلى عدم السماح بانكشاف منطقة سياحية شمالها، وفي حال إعادة النقطة إلى مكانها الطبيعي وفق الترسيم بين لبنان وفلسطين قبل قرن من الزمن، عندها تصبح تلك المنطقة مكشوفة، وهذا ما تخشاه تل أبيب، وتاليا ترفض تثبيتها ولا تسمح للبنانيين بالاقتراب منها.
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، أكملت تل أبيب بناء الجدار الفاصل في أكثر من منطقة جنوبية، ومنها قبالة بلدتي يارون ورميش الحدوديتين. الجدار بطول يصل إلى نحو 438 مترا، يظهر تغييراً في شكل المسار الحدودي، بعد تثبيت مكعبات على خط مواز تقريبا للخط الأزرق، مع تجاوز هذا الخط في نقاط عدة.
وفي منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت أصدرت “اليونيفيل” بياناً رسمياً أكدت فيه أن “الجيش الإسرائيلي بنى جدرانا خرسانية على شكل T جنوب غرب وسط شرق يارون”، تتجاوز الخط الأزرق وتجعل “أكثر من 4 آلاف متر مربع من الأراضي اللبنانية غير قابلة للوصول”.
في هذا السياق، يؤكد المتحدث الرسمي باللغة العربية باسم “اليونيفيل” داني الغفري لـ”النهار” أن “الإسرائيليين، على الرغم من إبلاغهم بالخروق لم يصححوا الأمر ولم يغيروا موقع الجدار”، مشيرا إلى أن لا معطيات لدى “اليونيفيل” تفيد بموعد محدد لإزالة الخرقين في يارون.
بدوره يؤكد العميد المتقاعد منير شحادة أن ملف الخط الأزرق عاد إلى الواجهة “ولكن ليس من زاوية تثبيته”، مذكرا بما قاله الموفد الأميركي السابق آموس هوكشتاين عن “ضرورة نسيان الخط الأزرق”.
ويوضح لـ”النهار” أن المفاوضات لن تصل إلى نتيجة في ظل احتلال 7 نقاط لبنانية، لأن إسرائيل لم تعد تعترف حتى بحدود اتفاقية سايكس – بيكو، وتتصرف من دون أي رادع، ما يعني إسقاط الاعتراف بالحدود الدولية الموروثة عن تلك المرحلة”.
ويسأل: “كيف يمكن في هذا السياق التمسك بالخط الأزرق كمرجعية؟ إن هذا الخط كما عرفناه لم يعد موجوداً. فإسرائيل لا تلتزمه ولا تعترف به، بل تنقض عليه فعلياً. وأي محاولة للعودة إليه كمرجعية قانونية دون توافر وسائل الردع الحقيقية، تبقى محكومة بالفشل”.
لكن الواقع الميداني اليوم في ظل فرض ما يشبه المنطقة العازلة مع توسيع المراكز في المناطق المحتلة، أو ما بات يعرف بالنقاط الخمس، إضافة إلى مواقع أخرى، يشي بأن تل أبيب تجاوزت الخط الأزرق عملياً وكسرت كل الخطوط الحمر، ما يضع لبنان أمام مهمات جسام لإعادة تثبيت حدوده، مع عدم اكتراث إسرائيلي بأي مطلب لبناني .
ترميم علامات “الخط الأزرق”؟
في تشرين الاول الماضي، بدأت قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل ترميم علامات الخط الأزرق التي تضررت العام الماضي، في خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار في جنوب لبنان، وفق ما اعلنت في بيان صادر عنها.
منذ بدء أعمال الترميم الميدانية في 15 تشرين الأول/ أكتوبر في ميس الجبل، أُعيد وضع خمس علامات جديدة، ومن المقرر ترميم أخرى مستقبلاً.
قبل الحرب في العام 2023، كان هناك 272 علامة على طول الخط الأزرق. وقد أظهر تقييم أجرته اليونيفيل أن 24 منها تضررت و33 علامة أخرى دُمرت مع اشتداد النزاع.
وتطلب أعمال الترميم الجارية التي تقوم بها اليونيفيل تنسيقاً مكثفاً مع الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي لضمان سير العمل بسلاسة.
لكن اليونيفيل التي نشرت خبراً عن ترميم تلك العلامات في تشرين الاول، لم تتبعه بأي خبر جديد منذ نحو شهرين، ما يوحي بأن العمل توقف منذ ذلك الحين.
شكوى لبنانية ضد إسرائيل لبنائها جداراً يتخطى “الخط الأزرق”
أعلنت الرئاسة اللبنانية، أن لبنان سيتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد إسرائيل لبنائها جداراً إسمنتياً على حدود لبنان الجنوبية “يتخطى الخط الأزرق”.
وقالت الرئاسة إن الرئيس جوزف عون طلب “من وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي تكليف بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة، رفع شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل لإقدامها على بناء جدار إسمنتي على الحدود اللبنانية الجنوبية يتخطى الخط الأزرق الذي تم رسمه بعد الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000”. وطلب عون “إرفاق الشكوى بالتقارير التي صدرت عن الأمم المتحدة التي تدحض النفي الإسرائيلي لبناء الجدار”.
وكان متحدث باسم الأمم المتحدة قد أعلن أن مسحاً أجرته قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) خلص إلى أن جداراً بناه الجيش الإسرائيلي يتخطى الخط الأزرق
كيوسك
الخط الأزرق تتجاوزه إسرائيل في يارون ومناطق أخرى، ولا استجابة للطلبات اللبنانية والأممية




