اخبار محليةالرئيسية

ماذا كشف تيننتي حول خطة عمل “اليونيفيل”؟

حسين سعد - المدن

الإنتظار في مقر قيادة قوات الأمم المتحدة المعززة، ” اليونيفيل”، يأخذ في هذه الأيام شكلاً مختلفاً، مسكوناً بالقلق على المصير، بعد 47 عاماً ونيف على إنتدابها إلى جنوب الليطاني.

لا تخفي اليونيفيل صعوبة التجديد في الأيام المقبلة. فهو لا يشبه أكثر من خمسين تجديداً، كانت تمر كـ”شربة مياه”، بإستثناء التمديدين الأخيرين. كما أن اليونيفيل، البالغ عديدها حوالي عشرة آلاف عسكري، ينتشرون في البر والبحر، من أكثر من 47 دولة، لا تملك معلومات كافية عن مسار التجديد ومآله، لكنها تستعد لسيناريوهات خفض العديد من جهة، ورفع مسؤولياتها ومهامها العملياتية من جهة أخرى.

ما أصبح محسوماً، وفق مشاورات الدول المؤثرة في عملية التجديد، ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية على رأسها فرنسا، هو أن هذا التجديد الذي يأتي بعد متغيرات هائلة في المنطقة، سيُمرَّر. إذ يعتقد جميع الأفرقاء أن الحاجة تبقى ملحة لوجودها، بما تشكله من قناة اتصال ميدانية غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان. ولكن، تبقى العين اللبنانية على الصلاحيات التي سيمنحها مجلس الأمن الدولي لهذه القوات، والمتعلقة بحرية الحركة في شكل أوسع. وكذلك، على شرط التجديد مرة أخيرة، وفق ما ترغب فيه إسرائيل، ومن خلفها أميركا.

لكن النتائج المترتبة على انتهاء عمل اليونيفيل في الجنوب تتجاوز الدورين السياسي والأمني لتلامس مباشرة نواحي إقتصادية عديدة. إذ يترتب عنه فقدان آلاف العائلات اللبنانية مصدر رزقها وفرص عملها، وأيضاً حرمان المجتمع المحلي، كالبلديات والمدارس ودور الرعاية وغيرها، من هذه القوات التي ترفدها بالمشاريع الإنمائية والخدمية، والتي كانت كثيفة في السنوات التي أعقبت عدوان تموز 2006 في بلدات وقرى جنوب الليطاني.

لم يتبدل المشهد في مقر اليونيفيل في الناقورة، الذي تتولى أمنه الوحدة السريلكنية منذ سنوات. فكل الأمور تسير بشكل اعتيادي، مقابل تكثيف الدوريات في الخارج وتأهيل المواقع. لكن الحديث والتساؤلات بين القيادات العسكرية والموظفين المدنيين ينصبّ على التجديد الاستثاني في هذا الظرف الاستثنائي.

لا نأخذ الأسلحة إذا عثرنا عليها

“ننتظر قرار مجلس الأمن. فهناك مواقف مختلفة في ما يعلق بالتمديد للبعثة، من دول عدة كالولايات المتحدة وفرنسا وسواهما”. بهذا الكلام يستهل الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي حديثه إلى “المدن”، ويقول: “من السابق لأوانه التكهن بما سيحدث. لذا علينا الانتظار حتى 25 آب، موعد الاجتماع الرسمي في مجلس الأمن الدولي حول هذه المسألة. ومن المهم أن تبقى البعثة. وهذا ما أكد عليه الرئيس جوزيف عون. فوجود اليونيفيل هنا هو للمساعدة في إعادة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، والعمل على عودة الجيش الإسرائيلي إلى مواقعه. فالبعثة مهمة أيضًا لاستقرار المنطقة. فمن خلال الوجود الدولي، يمكن مراقبة الوضع وتقديم تقارير إلى مجلس الأمن. وهناك أيضاً تقديم المساعدة للمجتمعات المحلية التي عانت لأكثر من 15 شهرًا أثناء النزاع، وحتى بعد النزاع، حيث توجد مناطق دُمرت بالكامل.

ويقول تيننتي الذي مضى على مهامه 19 عاماً في الجنوب إننا نواصل عملنا، وهذا الأمر لم يتغير. فأنشطتنا مستمرة على الأرض، وعملنا لا يقتصر على الدوريات فقط، بل هناك أيضاً الدعم الذي نقدمه إلى الجيش اللبناني، ومساعدتنا للمجتمعات المحلية. ونحن الآن ننتظر ما ستكون عليه الأمور نتيجة تجديد الولاية. فالمسألة لا تنحصر في هذا التجديد فحسب، بل تتعلق أيضًا بالواقع المالي المتمثل حالياً في عدم دفع المتوجبات المالية إلى الأمم المتحدة، وهذا ليس فقط لليونيفيل، بل للأمم المتحدة بأكملها. لذا فهذا تحدٍ آخر سيتعين على البعثة والأمم المتحدة مواجهته في المستقبل القريب.

وحول ما إذا كان تقليص عديد اليونيفيل المحتمل سيؤثر على الوضع في الفترة المقبلة، قال: سيكون من الصعب علينا أن نقوم بكل أنشطتنا العملياتية بعدد أقل من القوات. فإذا خُفّض العديد بسبب الصعوبات المالية، فستحتاج البعثة إلى أن تكون قادرة على القيام بالمزيد من العمل ولكن بعدد أقل.

وأكد تيننتي أن الوضع مختلف الآن تمامًا عما كان في السابق، وقال: “ما نراه على الأرض مختلف، والنزاع مختلف. نحن لم نشهد نزاعًا كهذا من قبل. تبدل الوضع في لبنان ككل، وكذلك في سوريا والمنطقة في شكل عام. ولكن علينا أن نتطلع إلى المستقبل ونرى كيف يمكننا الاستمرار في تنفيذ ولايتنا بعدد أقل من القوات. ولهذا السبب، هناك خطة قائمة منذ فترة طويلة لمعرفة كيف يمكننا الاستمرار في ذلك. لكننا مستعدون لما هو آتٍ، ولكي نكون قادرين على دعم السلطات اللبنانية، ومواصلة دعم السكان. أما في ما يتعلق بقوة اليونيفيل البحرية، فلا نعرف حتى الآن ما إذا كان سيكون هناك تخفيض أيضًا. لكن بوجود التكنولوجيا الحديثة، أعتقد أنه يمكن إنجاز الكثير من العمل حتى مع وجود عدد أقل من السفن أو عدد أقل من الجنود على متنها”.

وهل تعتقد، في ظلّ الظروف الحالية، أن الحاجة إلى اليونيفيل مستمرة، ولا سيما بعد التطورات في المنطقة؟ أجاب تيننتي: “أعتقد أن الحاجة إلى اليونيفيل هي الآن أكبر مما كانت قبلاً. أنا أتفهم وجود هواجس بشأن عمل البعثة، ولكن دعونا نفترض انها لم تعد موجودة على الاطلاق، ولم يعد المجتمع الدولي موجودًا في الجنوب، فماذا يمكن أن يحدث؟ أنت بحاجة إلى حَكَم، إلى جهة محايدة تقدم التقارير إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي”.

وعما إذا كان انسحاب اليونيفيل سيرافقه انسحاب إسرائيلي من النقاط المحتلة في الجنوب، أوضح تيننتي: “من الصعب جدًا الجزم بذلك الآن. لقد طالبنا وما زلنا نطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية. وإذا كانت السلطات اللبنانية تنفذ الجزء المطلوب منها، فعلى الجيش الإسرائيلي أن يفعل الشيء نفسه. وقد انتشر الجيش اللبناني في الجنوب وهو يعمل أيضًا للعثور على الأسلحة غير المصرح بها.

وأعلن تيننتي أن اليونيفيل تعمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني لضمان عدم وجود أسلحة في الجنوب، كما يتم تنفيذ العديد من الأنشطة بشكل مستقل. ولكن يتم تنسيقها جميعًا وفقًا للخطط التي نقدمها مسبقًا إلى الجيش اللبناني. وفي الخلاصة، يتم تنفيذ الأنشطة كلها بالتنسيق مع الجيش، مع الإشارة الى ان جزءاً من القرار 1701 ينص على إزالة الأسلحة غير المصرح بها. ونحن لا نأخذ الأسلحة في حال العثور عليها، بل نُبلغ الجيش اللبناني عنها.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى