إسرائيل تطبّق «نموذج الضفة» جنوباً: فصائل السويداء متمسكة بسلاحها
انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من داخل قرية رسم الرواضي في ريف القنيطرة الجنوبي، ما سمح لسكانها بالعودة إليها بعد تهجيرهم قسراً منها منذ الـ 18 من الشهر الماضي. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» من مصادر محلية في القرية نفسها، فإن عمليات تخريب ممنهجة طاولت البنى التحتية والتيار الكهربائي بذريعة البحث عن أنفاق ومستودعات أسلحة افترضت القوات الإسرائيلية وجودها في القرية التي تبعد 5 كيلومترات عن شريط الفصل مع الجولان المحتل. يأتي ذلك بالتوازي مع استمرار عمليات تدمير البنى التحتية العسكرية السورية في ريف القنيطرة، ولا سيما بالقرب من سد المنطرة في منطقة أمّ العظام، وتواصل إجراءات تحصين موقع تل أحمر قرب بلدة كودنا، من قبل جيش الاحتلال، بعد تحويله إياه إلى واحدة من النقاط المستدامة في الداخل السوري.
وفي تطوّر هو الأول من نوعه منذ عدة أسابيع، تحرّكت دورية لقوات «حفظ السلام» (أوندوف) – التي كانت قد اكتفت بمراقبة الاعتداءات الإسرائيلية التي بدأت مع سقوط النظام السوري السابق -، من نقطتها في قرية جملة في منطقة حوض اليرموك، لتتجول في قريتَي معرية وكويا، قبل أن تتجه نحو النقطة الإسرائيلية الواقعة في ثكنة الجزيرة، المشرفة على وادي اليرموك. وفي هذا السياق، أفادت مصادر عشائر محلية، «الأخبار»، بأن الدورية مكثت في تلك النقطة لمدة 15 دقيقة قبل أن تعود إلى «معرية»، حيث بدأت بجمع أسماء الفلاحين الذين يتوجهون بشكل يومي إلى الأراضي الزراعية في وادي اليرموك، وذلك تحت مسمى «تنظيم عملية دخولهم» إلى الأراضي التي احتلّتها إسرائيل أخيراً.
يواصل حكام دمشق الجدد مساعي فرض سيطرتهم على الجنوب
وبالتوازي مع تقييد حركة المزارعين، تعيش في مدينة البعث (مركز محافظة القنيطرة)، نحو 260 عائلة نزحت إليها من قرى الحميدية والصمدانية والحرية التي احتلتها إسرائيل، ضمن مساكن مهجورة تعود ملكيتها للحكومة السورية، في ظروف مأسوية، نظراً إلى أن تلك المساكن كانت قد تضرّرت بشكل كبير نتيجة الأعمال القتالية التي شهدتها المنطقة سابقاً. في المقابل، يعيش سكان القرى الذين فضّلوا البقاء على النزوح، ما يسمّونه بـ«التجربة الفلسطينية»؛ إذ يضطرّ هؤلاء من أجل المرور نحو أعمالهم ومدارسهم في المناطق غير المحتلة، إلى الالتزام بالتوقيت الذي تفرضه قوات الاحتلال على حركتهم، والتي يقيّدها العدو بما بين السابعة والعاشرة صباحاً، والثالثة والخامسة مساءً، وسط التدقيق في هوياتهم الشخصية وأسباب مرورهم من الحواجز بشكل يومي. كما يمنع جيش العدو أيّاً كان من الاقتراب من تلك الحواجز في غير التوقيت المحدد تحت طائلة الاستهداف المباشر، في ظلّ تحذيرات جديدة وجّهها إلى وجهاء المنطقة والمخاتير من الإدلاء بأي معلومات عن مواقع وجود الاحتلال و«نشاطاته»، أو عن النزوح والحياة المعيشية، تحت طائلة الاعتقال بتهم تتعلق بـ«أمن دولة إسرائيل»، بحسب مصادر أهلية.
في غضون ذلك، يواصل حكام دمشق الجدد مساعي فرض سيطرتهم على الجنوب، من خلال الحملات الأمنية التي تُشنّ تحت شعار ملاحقة «فلول النظام». وتأتي هذه التطورات في وقت أعلن فيه مرهف أبو قصرة، الذي بات يشغل منصب وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة بعدما كان القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام»، رفض دمشق الموافقة على منح بعض الفصائل «خصوصية طائفية أو دينية»، في إشارة إلى مطالب فصائل في محافظتَي درعا والسويداء بـ«وضع خاص»، ورفضها تسليم الأسلحة.
وأضاف، في تصريحات إعلامية، أن «معظم فصائل السويداء» أبدت موافقتها على الانخراط في الجيش السوري الذي يسعى أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) إلى تأسيسه، وهو ما يتنافى مع معلومات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر متعددة في السويداء ذات الغالبية الدرزية. إذ لا تزال الجماعات المحلية تجد أن مبررات بقاء سلاحها قائمة، وتتمثل في أن «التهديدات المحدقة بالمحافظة لم تنتهِ، وأن شرط تسليم السلاح والانخراط في الجيش هو تشكّل هذا الجيش أولاً، ومعرفة شكله وآليات عمله». وفي الوقت نفسه، تشير المعلومات إلى وجود نقاش موسع بين قادة الفصائل المحلية والمرجعيات الدينية في السويداء لتشكيل «جسم عسكري موحد»، على أن تعمل قيادته في وقت لاحق على مفاوضة دمشق على الانخراط في الجيش بشروط لا تمسّ هيكلية ما يمكن وصفه بـ«جيش السويداء»، أو «قوة حماية السويداء»، حين تشكيلها.