رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها كرة القدم اللبنانية، وخصوصاً في هذه الفترة في ظل الحرب الدائرة في جنوب لبنان واحتمال توسّعها، تبقى هناك بعض اللمحات المضيئة التي تُعطي الأمل بأن اللعبة الشعبية الأولى في لبنان قد تمرض، لكنها لا تموت. تشهد اللعبة قبل بداية هذا الموسم حالة لافتة تتمثل في احتراف عدد لا بأس به من اللاعبين اللبنانيين مع أندية خارجية. فما هي الأسباب وما هي التأثيرات؟
منذ ما قبل انتهاء الموسم الكروي الماضي، بدأ عدد من اللاعبين الاحتراف مع أندية خارجية، فكان وليد شور أول الذين أُعلن عن احترافه في الخارج، وتحديداً في أستراليا. بعد ذلك، توالت الأسماء من حسن سرور الذي احترف مع الزوراء العراقي، إلى محمد الحسيني الذي وقّع عقداً احترافياً مع النجمة البحريني، مروراً بعلي علاء الدين وانتقاله إلى الدوري الكويتي مع نادي فحيحيل، وأخيراً وليس آخراً خليل بدر وانتقاله من النجمة إلى المنامة البحريني.
قد لا يتوقف عدّاد اللاعبين الذي سيحترفون هذا الموسم خارجياً. فاسم لاعب العهد كريم درويش مطروح بقوة، لكن يقابل هذا الطرح تمسّك كبير من ناديه ببقائه في الفريق بعدما اتخذ القرار بعدم إقفال النادي. في موضوع درويش، يبدو طرح النادي منطقياً في ظل حاجة بطل لبنان السابق إلى مهاجم من مستوى كريم درويش بعد رحيل لاعبه الاسكتلندي لي إيروين إلى الدوري الفنلندي. وبالتالي، فإن العهد لا يمكن أن يُفرّغ فريقه، وخصوصاً بعد انتقال بعض لاعبيه إلى الصفاء من جهة، واحتراف آخرين خارجياً. وفي حال التنازل عن درويش سيجد نفسه مجبراً على التعاقد مع مهاجم أجنبي لا يمكن أن يكون بمستوى جيّد إلا إذا كان عقده كبيراً، وهو ما ليس للعهد قدرة عليه.
لكن بغضّ النظر عمّا إذا احترف درويش أو لم يحترف، فإن ظاهرة انتقال لاعبين لبنانيين إلى الخارج تبدو لافتة هذا الموسم. المميز فيها أن تعاقدات اللاعبين جاءت في معظمها مع فرق عربية في العراق والكويت والبحرين وهذا يدل على ارتفاع مستوى اللاعب اللبناني بحيث أصبح مطلوباً عربياً بعدما كانت أقصى الطموحات عقد احترافي في ماليزيا أو إندونيسيا أو الهند أو بنغلادش.
الحاج: يستفيد منتخب لبنان بشكل كبير من احتراف اللاعبين خارجياً
لكن ما هي الأسباب التي أدت إلى هذه الطفرة نوعاً ما على صعيد احتراف لاعبين لبنانيين خارجياً؟
يجيب وكيل اللاعبين علي ماجد عن هذا السؤال في اتصال مع «الأخبار»، إذ يرى أن السبب الأول هو كأس آسيا التي أقيمت مطلع العام الحالي وشارك فيها منتخب لبنان الأول. «هذه هي أول فترة انتقالات تحصل بعد إقامة كأس آسيا، ولعل الصورة الجيدة التي قدّمها منتخب لبنان بعيداً عن مسألة عدم تأهله إلى الدور الثاني ساهمت بشكل كبير في ارتفاع الطلب على اللاعب اللبناني خارجياً»، يقول ماجد.
سبب آخر هو الوضع الحالي على الصعيد الأمني وعدم وضوح الصورة حول الموسم الجديد وشكله والقلق الذي يعيشه لبنان من احتمال توسّع الحرب، ما قد يهدد الموسم الكروي برمّته. «اللاعب المحلي يشعر بعدم الاطمئنان حيال ما قد يحدث على صعيد الموسم الكروي. هذا الأمر يدفعه إلى التفكير في قبول عرض احترافي حتى لو كان مشابهاً لما قد يحصل عليه في لبنان، لكن على قاعدة أن ما هو مضمون أفضل من عدمه». يضيف وكيل اللاعبين لـ«الأخبار».
ويرى ماجد أن من الأسباب المهمة لما يحصل هو تغيّر عقلية اللاعب اللبناني. «أصبح اللاعب وتحديداً الجيل الجديد مقتنعاً بأنه إذا أراد أن يُطوّر نفسه ويفتح آفاقاً جديدة له يجب عليه التضحية والابتعاد عن بلده وعائلته، لما للاحتراف من فائدة كبيرة في تطوير قدرات اللاعب اللبناني» يقول علي ماجد.
الانعكاسات الفنّية
حين تسأل المدرب الوطني والمدير الفني لفريق العهد جمال الحاج عمّا إذا كان احتراف اللاعبين مفيداً للكرة اللبنانية، يجيبك سريعاً «أكيد. الاحتراف أمرٌ جيد لعدة أسباب. أولاً، أن اللاعب يشعر بقيمته المعنوية حين يدخل على فريقه الجديد وهو لاعب محترف.
ثانياً، الاحتراف يحمي اللاعب من الإصابات في ظل لعبه في بيئة كروية سليمة بعكس لبنان، حيث يكون اللاعب رهينة التوتر والقلق النفسي نتيجة عدم الاستقرار» يشرح الكابتن جمال لـ«الأخبار».
وعلى صعيد منتخب لبنان، هل هناك فائدة إيجابية لاحتراف اللاعبين خارجياً؟
«طبعاً. وأعطيك دليلاً أن الفترة الذهبية لمنتخب لبنان مع المدرب ثيو بوكير كانت في ظل احتراف عدد من اللاعبين في دوريات كبيرة كرضا عنتر ويوسف محمد «دودو» وحسن معتوق. وبالتالي، فإن احتراف اللاعب خارجياً يؤثر إيجاباً على منتخب لبنان وخصوصاً على الصعيد الفني».
ويتوافق رأي الكابتن جمال مع وكيل اللاعبين علي ماجد، الذي يقول في هذا السياق «اللاعب اللبناني يلعب في لبنان على ملاعب صغيرة وبأرضية اصطناعية، في حين أنه في الخارج يلعب على ملاعب كبيرة وبعشب طبيعي، وهذا ما يرفع من مستواه ويجعله معتاداً على نوعية الملاعب التي يلعب عليها منتخب لبنان في استحقاقاته الآسيوية والعربية»، يختم ماجد حديثه إلى «الأخبار».