اخبار محليةالرئيسيةخاص دايلي ليبانون

مجزرة مجدل شمس.. هكذا أثبتت موقف الموحِّدين القومي والعروبي

مقال الصحافي يوسف الصايغ في موقع مركز سونار الإعلامي

لم يعُد سراً أن كيان الإحتلال الغارق بأزماته السياسية وهزائمه الميدانية منذ عملية السابع من أكتوبر يسعى بشتى الوسائل للخروج من المستنقع الذي وطأه بقدميه في قطاع غزة وفي رفح لاحقاً، وكذلك الأمر على صعيد جبهة الإسناد في جنوب لبنان فأوضاع جيش العدو ومستوطنيه ليست أفضل حالاً من جبهة الداخل، في ظل خلو مستوطنات الشمال وشل العجلة الحياتية بفعل عمليات المقاومة، بينما مواقع العدو وتجهيزاتها الفنية والتجسسية تتعرض يومياً لنيران المقاومين ما أدى الى شل قدرات بعضها بمستويات كبيرة جداً وبعضها الآخر بات خارج الخدمة نهائياً.
وفي ظل ما يعانيه كيان الإحتلال سياسياً وميدانياً وبظل عجزه عن وقف جبهة الإسناد في جنوب لبنان بشتى الوسائل الدبلوماسية والعسكرية، تم اللجوء الى مخطط إثارة الفتنة والتحريض على المقاومة في لبنان من خلال اللعب على وتر التحريض المذهبي، فقام جيش الإحتلال بإقتراف مجزرة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، والتي أسفرت عن إستشهاد 12 من أطفال البلدة وجرح عدد آخر، بصاروخ أطلق من إحدى منظومات القبة الحديدية المتثبتة في تلك المنطقة لإعتراض صواريخ ومسيرات المقاومة.
وكان لافتا فور إرتكاب الجريمة مسارعة إعلام العدو الى توجيه الإتهام الى حزب الله والإضاءة على ان بلدة مجدل شمس تقطنها غالبية درزية، في محاولة مكشوفة للإيحاء بأن حزب الله قام بإستهداف سكان بلدة درزية، ويندرج ذلك في سياق المخطط الإسرائيلي لإثارة الفتنة والتحريض على المقاومة في لبنان من “البوابة الدرزية”.
وعلى غرار الجهوزية الميدانية كان إعلام المقاومة حاضرا للرد على مزاعم العدو ودحض روايته فكانت تصريحات مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف لوسائل إعلام دولية بنفي المزاعم الإسرائيلية، وكعادته منذ إنطلاق جبهة إسناد غزة في الثامن من أكتوبر أصدر الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية بياناً نفى من خلاله تنفيذ أي عملية في الجولان المحتل، هذه الخطوات كانت متوقعة عند كيان الإحتلال بمختلف مستوياته السياسية والأمنية، لكن المواقف الصادرة عن القيادات الدرزية السياسية والروحية هي التي شكلت عنصر المفاجأة لدى العدو الذي لم يكن يتوقع هذا الموقف الواضح والثابت، في التأكيد على رواية المقاومة في تحميل جيش الإحتلال المسؤولية عن مجزرة مجدل شمس ونفي كل المزاعم “الإسرائيلية” بهذا الشأن.
لا شك ان موقف الرئيس السابق للحزب الاشتراكي وليد جنبلاط كان له الوقع المؤثر لا سيما وان البعض ظن أن كلام جنبلاط لن يكون بهذا المستوى من الوضوح في تحميل كيان الإحتلال المسؤولية عن مجرزة مجدل شمس، بل إنه ذهب أبعد من ذلك في إعلان الوقوف الى جانب المقاومة لإسقاط المشروع الإسرائيلي كما تم إسقاطه سابقا في إشارة الى إسقاط إتفاق 17 أيار في لبنان، وفي الإطار عينه كان خطاب رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان وباقي القيادات الدرزية الحليفة للمقاومة في التأكيد الوقوف الى جانب اهل الجولان المحتل ودعم صمودهم في رفض الإحتلال ومشاريعه المشبوهة.
أما على المستوى الروحي جاء خطاب الرئيس الأعلى للهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز المرجع الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ ذات الصدى الكبير والأثر الواسع في التأكيد على ثوابت طائفة الموحدين الدروز في لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة، ما يشكل بوصلة الموحدين في تثبيت خياراتهم القومية والعروبية الى جانب فلسطين ومقاومتها والى جانب سوريا ودولتها، ورفض المشاريع التقسيمية التي أطلّت برأسها من بوابة السويداء منذ أشهر والتي عمل كيان الإحتلال عبر شخصيات دينية وسياسية في فلسطين المحتلة على محاولة دعمها وتمويلها بهدف التحريض على مشروع الإنفصال عن الدولة السورية الأم، لكن هذا المخطط والذي يندرج في سياق مشروع “الدويلة الدرزية” التي تم العمل على تنفيذه منذ عقود سقط ولن تنجح كل المحاولات لإنعاش هذا المشروع لا سيما من بوابة السويداء، والتي جاءت مواقف مرجعياتها الروحية في سياق موقف المرجع الشيخ أمين الصايغ في التأكيد على وحدة الموقف والمصير مع أهل الجولان المحتل، ما ينسف كل المشاريع والخطط الإنعزالية التي كانت تحاك للسويداء تحت ستار “الحراك الشعبي” الذي تحوّل الى منصة لإعلان مشاريع سياسية لا تمت للسويداء وأهلها بصلة.
في المحصلة بات واضحا ان رهان “الإسرائيلي” على إذكاء نار الفتنة ضد المقاومة في لبنان من البوابة الدرزية عبر إرتكاب مجزرة مجدل شمس واتهام المقاومة بها سقط وبالضربة القاضية، بعد تقاطع المواقف السياسية والروحية عند خانة تأكيد الموقف الموحِّدين الدروز القومي والعروبي، ما يعني ان الهدف المتوخى من مجزرة مجدل شمس إنقلب على كيان الإحتلال، وفشلت محاولة كيان الاحتلال إتخاذ “المجرزة” ذريعة للقيام بشن عدوان على لبنان تحت شعار الثأر لأطفال مجدل شمس، وهل من يقوم منذ عشرة أشهر بإرتكاب المجازر بحق أطفال وأهالي غزة ويسفك دمائهم بكل دم بارد ان يقنع العالم بأنه يريد الدفاع عن أطفال الجولان المحتل، الذين قتلوا بأحد صواريخ منظومة القبة الحديدية والتي يبدو أنها باتت تُستخدم لإرتكاب المجازر بحق المدنيين، بعدما عجزت عن إعتراض صواريخ ومسيّرات المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى