تزاحمت كثافة تردد الرسائل وتواترت اللقاءات في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة، وسط هذا الحراك المتسارع، أكد المبعوث الامريكي اموس هوكشتاين خلال زياراته للبنان مؤخرا على استمرار الضغوط من أجل التوصل إلى تسوية في غزة، كما ورد في الأخبار أن الطروحات المقترحة بشأن جبهة الجنوب اللبناني تصب في صالح فكرة انسحاب حزب الله من نهر الليطاني.
ومن ناحية أخرى، تتحدث فرنسا عن تمديد القرار 1701، وترى أن هذا القرار لا يزال من الممكن أن يكون مجالاً للنقاش والاتفاق دون أي تعديل.
وتشير الأخبار والتحليلات إلى أن حزب الله أكثر اتفاقاً مع الرأي الفرنسي ورفض بشكل أساسي طروحات الجانب الأميركي. ولذلك تحاول أميركا تهويل حجم التهديدات الإسرائيلية والتخويف منها، وتقول إنه إذا لم يتم قبول الانسحاب فإن الهجوم الإسرائيلي على لبنان لا مفر منه.
كمحلل ومراقب لما يحدث من تطورات، أرى أن الأدلة والمؤشرات تشير إلى أن احتمال الهجوم الإسرائيلي على لبنان غير موجود بالأساس.
ذلك لانه لن يكون هناك مخرج لإسرائيل في حال شنت حملة شاملة على لبنان، وسوف تنطفئ عمليا جهود أميركا والوسطاء الآخرين لوقف الحرب والأزمة الأمنية في المنطقة، وبالتالي ستكون البنية التحتية للطاقة في إسرائيل في مرمى حزب الله.
بالتوازي، هناك تقارير تفيد بأن فرنسا تعارض بشكل أساسي النهج الأميركي في الملف اللبناني، وخصوصا المطالب غير المقبولة منطقيا.
هوكشتاين يسعى وراء اقتناص فرصة لتعيينه كوزير للخارجية الأميركية في الإدارة الديمقراطية المقبلة، وبهذا المعنى يريد أن يحقق لنفسه إنجازات دبلوماسية بأي شكل من الأشكال وبسرعة قصوى.
وهذا الموضوع جعل فرنسا تعتقد أن الاقتراح الأميركي الجديد لن ينفذ قبل تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة. وإذا كان هناك ضغط كبير على حزب الله، فلن يكون ذلك غير فعال فحسب، بل سيعرقل المسارات السياسية القائمة أيضا.
في الواقع كانت الرسائل الواردة دائما قائمة على حقيقة أن إسرائيل غير قادرة على مهاجمة لبنان بسبب الموقف المعارض للولايات المتحدة، وهو ما دفع هوكشتاين لاستخدام هذه الورقة أيضا في المفاوضات.
في حين ترى فرنسا أنه لا يوجد أي عائق من قبل الدول الأخرى، ولهذا يتجلى لنا ان إسرائيل تمتنع عن مهاجمة لبنان لمجرد أنها تعلم أن هذه الحرب لن يكون فيها اي منتصر، وأنها ستدفع ثمنا باهظا سيدوم لسنوات.
كمحلل للقضايا اللبنانية، أعتقد أن دور فرنسا تضاءل، وأن هذا البلد لم يعد له تأثير في لبنان ولا يمكنه القيام بدور الوسيط. ولم تتخذ فرنسا موقفا واضحا في إدانة الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان، وتسببت في تراجع مكانتها كمدافعة عن قيم حقوق الإنسان.