انتفاضُك فخامة الرئيس يساعد الإعلام في إكمال مسيرته
الياس عون*
ذكرى تأسيس قوى الأمن الداخلي كانت مناسبة لافتتاح المعرض التاريخي لقوى الأمن. هذا المعرض الذي وعرفاناً بالجميل أشار اللواء عثمان في كلمة ألقاها بالمناسبة، إلى دور النقيب المتقاعد جوزف نعمه في جمع إرشيف لقوى الأمن الداخلي وتدوين تاريخها قبل أن تطويه دفّة النسيان.
وقد حضر هذا الاحتفال الى جانب فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون رئيس الوزراء سعد الحريري وشخصيات سياسية وعسكرية وسفراء عرب وأجانب وقادة عسكريون وقضاة.
بعد كلمة اللواء عثمان ألقى الرئيس عون كلمة أشاد فيها بالجهود التي بذلتها قوى الأمن من 157 سنة إلى اليوم، للحفاظ على الأمن، وصون حياة المواطنين وحرّيتهم واستقلالهم، وختم كلامه قائلاً: “إنّ الأمن والاستقرار ليسا كافيين، وعلينا إراحة الناس نفسّياً، والإعلام مسؤول عن ذلك في الطليعة، وفي بعض الصحف لا نسمع إلا الأخبار السيئة التي تبنى على أمور تافهة. ونحن نأمل في أن نتعاون مع الإعلام، في مسح الصورة المتشائمة من ذهن الشعب اللبناني”.
فخامة الرئيس عون، أنا كنقيب للمحرّرين أكنّ لفخامتك كلّ تقدير واحترام، لما تتصف به من صدق في الرؤية، وصلابة في اتخاذ القرار، وشجاعة وإقدام في التنفيذ ولا يخطرنّ في بال، أني بالواقع القربوي أو العائلي، أرى تلك الصفات، بل لأنكم حقاً تتصفون بذلك، وتضحياتكم، وتفانيكم، ووقوفكم، إلى جانب الحقّ أبداً، خير دليل على ذلك. ولكن ما استرعى انتباهي في خطابكم بمناسبة افتتاح المعرض التاريخي لقوى الأمن، وكنتُ من المدعوّين، إلقاء المسؤولية على الإعلام أنه يشرد بالمجتمع اللبناني نحو أجواء متشائمة.
نحن لا ننسى فخامة الرئيس، أننا وقت زرناك لتهنئتك بارتقائك سُدّة الرئاسة أنك قلت: “إنّ الإعلام له دور أساسي وتأثيري اجتماعّياً وشعبوياً، وعلينا أن ننهض بهذا الجسم الإعلامي، ليتألّق دوره، وينحو أبداً الى زرع التفاؤل والأمل في نفوس وقلوب الشعب اللبناني بأكمله”. ولأنّ الجسم الإعلامي كُنّي عن جدارة بالسلطة الرابعة، واليوم ها نحن قد بتنا بالاسم “سلطة”؛ وهذا وضع مؤسف. فالانتباه لتلك السلطة للقيام بدورها بمسؤولية واعية وسليمة، أمر ضروري وحتميّ.
وهنا نسأل: أوَليس على الدولة واجبات تجاه هذا الجسم الإعلامي وإعانات لهذا الجسم كي يستمرّ قوياً وقادراً ومجرّداً؟ فماذا تقدّم له الدولة؟ إنّ الإعلام اليوم، يعاني من هجمةٍ شرسة مادية وتكنولوجية، وواجبنا جميعاً صوْن هذا الجسم، وإعانته بقوّه، ليبقى حيّاً وفاعلاً. نحن لا ننكر بعض الشوائب، في الإعلام، وإتلاف هذه الشوائب ليس معجزة إطلاقاً، علماً أنّ كلّ الأجسام السياسية والعدلية والطبية، تعاني مما يعانيه الجسم الإعلامي، والإصلاح بمحبّة ووعي مفيدٌ وفاعل.
إذا قمنا فخامة الرئيس بمقارنة بين الإعلام في الغرب، والإعلام في لبنان، لوجدنا الامتيازات فارقة، والإعانات فارقة، والبدل الأجري فارق جداً. الإعلاميون في الغرب، لهم المقابل المادي والمعنوي الذي يطيّب نفوسهم وحياتهم، بينما الإعلاميون في لبنان على تضحيتين: الأولى لقطف الخبر والثانية للحصول بكلّ جهد وصعوبة على حقوقهم المعنوية والمادية، إذا لم تَضِع عليهم تلك الحقوق. وبرهاناً على ذلك حضر إلى مكتبي أحد الصحافيين يرجوني أن أتصل بأحد السفراء العرب، لكي يكون وسيطاً لتحصيل حقوقه المادية من إحدى الصحف التي لا أظنّها عاجزة عن دفع حقوقه.
هذا ما أردت توضيحه فخامة الرئيس، ونحن لا نشكّ أبداً بغيرتك ومحبّتك للإعلاميين بشكلٍ عام وتقديرك لتضحياتهم، ولا نشك أبداً أنّ في انتفاضتك على كلّ ما يسيء لهذا الإعلام، ويعيقه، ستساعده في إكمال مسيرته بأمانة وصدق ووفاء.
*نقيب محرري الصحافة اللبنانية