انفجرت العلاقة التعاقديّة بين كلّ من مؤسسة كهرباء لبنان وتحالف الشركات المشغلة للمحركات العكسية في معملي الذوق والجيّة «MEP, OEG, Arkay Energy». وأصبح لدى النيابة العامة التمييزية إخبار من مؤسسة كهرباء لبنان تتهم فيه التحالف بتزوير المستندات، واستعمالها لتحصيل أموال عامة، إذ دفعت مؤسسة الكهرباء مبلغاً قيمته 4.7 ملايين يورو مقابل لا شيء، فضلاً عن «تهديد مرفق الإنتاج الكهربائي في الجيّة والذوق بالأعطال والتوقف عن العمل».
يعود الانفجار الكبير في العلاقات بين كلّ من مؤسسة كهرباء لبنان والشركة المسؤولة عن تشغيل وصيانة المحرّكات العكسية في معملي الجيّة والذوق «MEP»، والانتقال من المفاوضات إلى الدعاوى القضائية، إلى كتاب تزعم «MEP» أنّه صادر عن الشركة الألمانية المصنّعة للمحرّكات «MAN Energy Solutions» في 20 حزيران من عام 2025، وتقول الشركة الألمانيّة إنّها «لا تعرف عنه شيئاً». وفي هذا النص رواية مؤسسة كهرباء لبنان الموجودة أمام القضاء. أما رواية «MEP» للقصة، فحاولت «الأخبار» معرفتها من ممثل التحالف يحي مولود، ولكنّه رفض التصريح وقال إنّ ما عندهم وضع أمام القضاء.
لذا، تبدأ القصة بالتعريف بشركة «MAN»، وهي الشركة المصنعة للمحرّكات العكسية المركبة في معملي الجيّة والذوق منذ عام 2017. ووفقاً للعقود، يجب أن تشرف هذه الشركة على أعمال الصيانة الأساسيّة على المحرّكات، لا سيّما ما يعرف بـ«الصيانة العامة أو Major Overhaul». وبموجب التقارير الفنيّة الصادرة عنها تدفع مؤسسة كهرباء لبنان بدلات الصيانة والتشغيل للشركة المشغلة في لبنان، أي «MEP». ولكن في عملية الصيانة الأخيرة، وبحسب المستندات التي حصلت عليها «الأخبار»، تقول مؤسسة كهرباء لبنان إنّ الكتاب الذي تؤكّد فيه الشركة الألمانيّة إشرافها على عمليات الصيانة مزوّر وغير صحيح ولم يصدر عن «MAN».
إلا أنّ هذا الكتاب، أي الكتاب الصادر عن «MAN» في 20 حزيران، كبّد المؤسسة تسديد مبلغ مالي دفع بدل صيانة المحرّك الرقم 3 في معمل الجيّة قيمته 2.35 مليون يورو، و2 مليون يورو دفعت بدل صيانة المحرّك الرقم 2 في الجيّة أيضاً، فضلاً عن دفع قسم من المبالغ المالية العائدة لفترة حفظ التجهيزات، أي الفترة التي لم تشغل فيها المحرّكات.
اكتشفت مؤسسة كهرباء لبنان التزوير في المستندات بعد تسديد المبالغ وأثناء المفاوضات مع «MEP» على استلام المحرّكات بعد إجراء أعمال الصيانة العامة عليها. حينها طلبت مؤسسة كهرباء لبنان من «MEP» تقارير الشركة الألمانية المصنعة، والتي تفيد بأنّ المحركات تمّت صيانتها تحت إشراف الشركة وباستخدام قطع الغيار الأصلية لدفع المستحقات.
هنا، أرسلت «MEP» إلى مؤسسة كهرباء لبنان كتاباً مؤرخاً في 20 حزيران، وموقعاً من نائب رئيس الشركة الألمانية أولاف غينيا ورئيس قسم الترميم والصيانة دان زندر يؤكّد أنّ المحركين 2 و3 في معمل الجيّة جاهزان للعمل. وأعمال الصيانة تمت تحت إشراف الشركة، والذي أمّنته بالاتصال من بعد لتعذر حضور موظفيها إلى لبنان بسبب الأوضاع الأمنيّة فيه، فضلاً عن مصادقتها على صحة قطع الغيار المركبة، إنّما من دون تقارير تفصيليّة.
دفعت مؤسسة كهرباء
لبنان مبلغاً قيمته 2.35 مليون يورو لصيانة المحرّك الرقم
3 في معمل الجيّة
وعلى إثره سدّدت كهرباء لبنان المبالغ المطلوبة منها للشركة. ولكن، استمرّت المفاوضات مع «MEP» للحصول على التقارير الفنيّة بقطع الغيار ووضع المحرّكات بعد الصيانة. فأعادت مؤسسة كهرباء لبنان الطلب في شهر آب من «MEP» إرسال التقارير الفنيّة للمحرّكات للتأكد من حسن تنفيذ أعمال الصيانة، وذلك لتتمكن مؤسسة كهرباء لبنان من تسديد الأموال المتوجبة عليها لـ«MEP».
وأتى هذا الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان في 5 آب من عام 2025. فحوّلت الشركة في 14 آب نفس كتاب الشركة الألمانية المصنعة المحوّل في 20 حزيران وبالتوقيعات والمعلومات ذاتها، إنّما مؤرخاً بـ3 حزيران بدلاً من 20.
هنا بدأت مؤسسة كهرباء لبنان بالتدقيق، فوجدت أنّ الشركة الألمانية «MAN» غيّرت اسمها وأصبح «EVERLLENCE» في 4 حزيران، ومعه عدّلت الاسم في كلّ العناوين في كتبها ومراسلاتها، فضلاً عن عناوين البريد الإلكتروني. كما يعلم المهندسون في مؤسسة كهرباء لبنان أنّه، وفي 3 حزيران من عام 2025، المحركات لم تكن جاهزة للعمل، إذ لا تزال مفتوحة للصيانة، ما يطرح المزيد من التساؤلات حول صحة الكتاب المؤرخ في 3 حزيران، والمتطابق بشكل شبه تام مع كتاب 20 حزيران، والذي يقول إنّ المحرّكين 2 و3 في الجيّة جاهزان للتشغيل.
لذا، طلبت مؤسسة كهرباء لبنان من «MEP» توضيحات، وفي الوقت نفسه، قامت بمراسلة الشركة الألمانية لتعرف أين وقعت المشكلة. فأفادت «MEP» بأنّ «الكتابين صحيحان»، وأرفقتهما برسالة من موظف في الشركة الألمانية يدعى عبد الله قزقايا يؤكّد صحة الكتابين.
وفي 8 تشرين الأول من عام 2025، فوجئت مؤسسة كهرباء لبنان بأنّ الشركة الألمانية لا تعرف شيئاً عن الكتاب الموقع في 20 حزيران من عام 2025، وهو الكتاب الذي على أساسه سدّدت المؤسسة مبالغ مالية لصالح «MEP». كما قالت الشركة الألمانية لمؤسسة كهرباء لبنان إنّ «أولاف غينيا ودان زندر لم يوقعا على الكتاب». لذا طلبت الكهرباء من الشركة الألمانية المزيد من التوضيحات.
وللغاية عقد اجتماع إلكتروني في 16 تشرين الأول من عام 2025 بين كلّ من رئيس مجلس إدارة كهرباء لبنان كمال حايك ونائب مدير «EVERLLENCE» (MAN سابقاً) أولاف غينيا، وممثل الشركة الإقليمي عبد العزيز الحربي، وفيه أعاد غينيا التأكيد أنّه لم يوقع الكتاب الصادر في 20 حزيران، وأشار إلى أنّ «الشركة تتابع تحقيقاتها الداخلية بهذا الشأن لكشف الملابسات وتحديد المسؤوليات».
