
بعد أخذ وردّ حول إضاءة صخرة الروشة بصور الأمينين العامّين السيدين الشهيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، حسم جمهور المقاومة الموقف وارتفعت صور الشهيدين القائدين على الصخرة البحرية بمواكبة عشرات الآلاف من المواطنين الذين قدموا من مختلف المناطق اللبنانية، والذين أسقطوا «التعميم السياسي» الذي أصدره رئيس الحكومة نواف سلام بمنع إضاءة الصخرة والتجمع أمامها بحجة أنها أملاك عامة، ما دفع بالإعلام المحسوب على الفريق الأميركي في لبنان إلى تحميل الجيش اللبناني والقوى الأمنية مسؤولية السماح للمشاركين الوصول إلى محيط صخرة الروشة وإطلاق كلام بلغ حدّ التهجم فيما كانوا حتى الأمس القريب يدّعون دعمهم للجيش في موضوع حصرية السلاح بيد الدولة وأنهم يثقون به للدفاع عن لبنان.
ووفق معلومات «البناء» فإنّ فريق رئيس الحكومة والقوى السياسية والإعلام المناهض للمقاومة توقعوا أن يقيم الجيش والقوى الأمنية حواجز تمنع مرور المواطنين ما يؤدّي الى وقوع اشتباكات ويجري تصوير الأمر بأنّ حزب الله يعتدي على الجيش والأجهزة الأمنية، ولذلك أثار إضاءة الصخرة كما أراد حزب الله غضب وامتعاض نواف سلام الذي طلب إجراء تحقيقات وتوقيف المسؤولين عن إضاءة الصخرة، كما أفيد أنه سيعتكف في مكتبه في السراي حتى معالجة الأمر.
وبحسب ما يتردّد في الأوساط، فإنّ أكثر من سفارة في لبنان طلبت من رئاسة الحكومة إصدار قرارات لمنع حزب الله من التجمّع في منطقة الروشة وإضاءة الصخرة بصور السيد نصرالله والشهداء، وذلك كي لا يستفيد الحزب من حشد جمهوره ومؤيديه في العاصمة بيروت ما يتيح له إبراز صورة للخارج بأنه لم يضعف أو يتراجع ولا يزال يثبت حضوره السياسي والشعبي والوطني في قلب العاصمة بيروت.
ووفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» فإنّ حزب الله أراد من خلف تنظيم هذه الفعالية الضخمة، إيصال أكثر من رسالة للداخل والخارج، أبرزها أنّ حزب الله لم يضعف أو يتراجع كما يُشيع الإعلام والسياسيون الذين يدورون في فلك السفارة الأميركية في عوكر، بل لا يزال حاضراً على كافة المستويات الإعلامية والسياسية والشعبية والتنظيمية كما العسكرية والجهادية، والرسالة الثانية هي أنّ الإرادة الشعبية وروح وعقيدة المقاومة لن تهزمها حرب ولا عدوان ولا حصار مالي أو تهديد أمني، فكيف تهزمها قرارات أو تعاميم غبّ الطلب لا تساوي الحبر الذي كتبت به وبالتالي كل مَن يحاول استضعاف المقاومة وحصارها بقرارات ستخيب آماله. أما الرسالة الأهمّ فهي للأميركيين والإسرائيليين بأنّ المقاومة باقية ولن تنفع قرارات حكومية بإملاءات خارجية بسحب سلاح حزب الله، وأنّ أيّ مغامرة بزجّ الدولة بمقامرة كهذه فإنّ الإرادة الشعبية ستكون حاضرة في الشارع للدفاع عن السلم الأهلي والوحدة الوطنية وسلاح المقاومة الذي لا يزال الدرع الحصينة والوحيدة للدفاع عن لبنان ومواجهة الإعتداءات الإسرائيلية والمشاريع الأميركية الصهيونية في المنطقة.
وفيما حضر مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا الفعالية، وجّه صفا الشكر الى قائد الجيش العماد رودولف هيكل والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله على تعاونهما في توفير الأمن للفعالية، كما شكر الرئيس نبيه بري وأكد الثبات على خط المقاومة ونهج السيد نصرالله والشيخ نعيم قاسم.
وكان حزب الله وجمهور المقاومة وعدد من الشخصيات السياسية تجمعوا في محيط صخرة الروشة حاملين الأعلام اللبنانية وحزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي وحركات المقاومة الفلسطينية وصور السيد نصرالله والشهداء، وانتشار مئات القوارب قبالة البحر رافعين الأعلام وصور وأناشيد وخطابات السيد نصرالله، وقاموا بإضاءة الصخرة بصورة تجمع السيد نصر الله مع الرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري ونجله الرئيس سعد الحريري، وبصورة أخرى تجمع السيد نصر الله والرئيس بري وسعد الحريري، وبصورة أخرى تتضمّن شعار «إنا على العهد» وإصبع سماحة الشهيد السيد نصر الله. وافتُتحت الفعالية بإضاءة الصخرة بصورة علم لبنان.
وقد كانت لافتة الدقة والإدارة المميّزة للفعالية، وسط حشود شعبية كبيرة قُدّرت بعشرات الآلاف. كما كان لافتاً التنسيق العالي المستوى بين المنظمين والأجهزة الأمنية لا سيما الجيش اللبناني حيث لم يسجل أيّ إشكالية أو حادث خلال النشاط.
إلا أنّ نجاح الفعالية بأجواء حضارية وأمنية هادئة ومن دون استفزاز لأحد، أثار حفيظة وغضب رئيس الحكومة التي أشارت أوساط نيابية لـ»البناء» أنه يتعامل بكيدية مع مكون لبناني أساسي ومع مناسبة من المفترض أن تكون مناسبة وطنية جامعة، وبدل أن يوجه كلمة بذكرى استشهاد السيد نصرالله الذي يُعتبر رمزاً وطنياً وعربياً وإسلامياً كبيراً وثائراً أممياً عبر الحدود والدول والطوائف والأعراق والأمم إلى فضاء العالمية والإنسانية، حاول منع جمهور المقاومة من مجرد إضاءة صخرة الروشة بصورته، ويريد توقيف المسؤولين عن إضاءة الصخرة واستجواب الأجهزة الأمنية المشرفة على توفير الأمن للفعالية، فيما يصمّ آذانه وبصره وتعاميمه عن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب والبقاع والضاحية وكل لبنان وليس آخرها المجزرة المروّعة التي ذهب ضحيتها شهداء وجرحى بينهم أطفال ونساء في بنت جبيل، ما يؤكد بأنّ سلام ينصت فقط للخارج وليس لأهل وطنه ومصالحهم وأمنهم واستقرارهم.
وأكّد سلام، في تصريح عقب انتهاء الفعالية، أنّ «ما حصل في منطقة الروشة، يشكّل مخالفةً صريحةً لمضمون الموافقة المُعطاة من قِبل محافظ مدينة بيروت لمنظّمي التحرّك، الّذي على أساسه صدر الإذن بالتجمّع، والّذي نصّ بوضوح على «عدم إنارة صخرة الروشة مطلقاً لا من البرّ ولا من البحر أو من الجو، وعدم بثّ أيّ صور ضوئيّة عليها». وقال في تصريح «اتصلتُ بوزراء الدّاخليّة والعدل والدّفاع، وطلبتُ منهم اتخاذ الإجراءات المناسبة بما فيه توقيف الفاعلين وإحالتهم على التحقيق لينالوا جزاءهم، إنفاذاً للقوانين المرعيّة الإجراء».