“المير” يحشر جنبلاط بثلاثيّة المقاعد الدرزيّة
أرسلان موعود بحقيبة "دسمة" قد تكون وزارة الدفاع ويتّكل في ذلك على كتلة "ضمانة الجبل"
العقدة الدرزيّة تُراوح مكانها ولم يصدر بعد أيّ موقف من الرئيس المكلّف أو من جهات درزيّة توحي بالتوصّل إلى حل لها، ولا تزال المواقف من بداية انطلاقة التأليف على حالها إذ يطالب “الحزب التقدّمي الاشتراكي” بحصر المقاعد الدرزيّة به، فيما يريد النائب طلال أرسلان الحصول على مقعد درزي من ضمن الحصّة الثلاثيّة المتمسّك بها رئيس “التقدّمي” وليد جنبلاط.
مردّ مطالبة الاشتراكي بحصر التمثيل الدرزي به هو حصوله على سبعة مقاعد في الانتخابات النيابيّة من أصل ثمانية، وبعد أنْ ترك على اللائحة مقعداً درزياً شاغراً لأرسلان، فيما وجهة نظر أرسلان مفادها أنّ نتائج الانتخابات ليست سبباً لإقصائه عن الحكومة وحصر التمثيل الدرزي بـ”الاشتراكي” فقط، فهو يطالب بمقعد وزاري له باعتباره واحداً من أركان الزعامة الدرزيّة وشريكاً فعلياً في السلطة والزعامة في الجبل .
طموحات المير وفق ما بات معروفاً ذهبت بعيداً حيث يردّد المتابعون أنّ أرسلان موعود بحقيبة “دسمة” قد تكون وزارة الدفاع ويتّكل في ذلك على كتلة “ضمانة الجبل” التي جمعته بالنواب العونيّين وعلى دعم لا محدود من تكتّل “لبنان القوي” لنيل ما يريد. في المقابل، يعتبر “الاشتراكي” أنّ أرسلان وصل إلى النيابة بأرقام غيره بعدما فشل تحالفه مع “الاشتراكي” وبعد أنْ ترك له جنبلاط مقعداً على اللائحة الجنبلاطيّة.
الكباش الأرسلاني والجنبلاطي حول التمثيل في الحكومة كان أمراً متوقّعاً حصوله وهو بدأ منذ الانتخابات النيابية وتستمر مفاعيله حتى اللحظة، وثمة من يعتبر أنّ الخلاف هو أبعد من أرسلان وجنبلاط وله وجه آخر يتّصل بالعلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”الاشتراكي”. فثمّة “وعد” قديم أعطي لدارة خلدة بتسلّم حقيبة الدفاع في الحكومة يعود تاريخه إلى التحالف في الانتخابات، وهذا الوعد الذي لا يُقرّ به أي فريق سواء من جهة أرسلان أو “التيّار” بعد، من شأنه عندما يتم الإعلان عنه أن يخلق إشكالية لدارة المختارة. فإسناد حقيبة بوزن الدفاع إلى المنافس الدرزي لجنبلاط يُعتَبَر بمثابة طعنة لن يتقبّلها وليد بيك وهو لذلك بدأ إطلاق النار باكراً والمجاهرة برفض هذا الموضوع استباقياً وقبل الدخول في مرحلة الحماوة الحكوميّة.
حتى اللحظة لا يزال جنبلاط على رفضه التخلّي عن أيّ مقعد درزي من حصّته، فيما المير مستمر بتسريب الرسائل التي تهتز لها أعصاب المختارة. وثمّة من بدأ بتسريب أخبار تفيد بأنّ حصّة المير محفوظة لدى تكتّل “لبنان القوي” بالحقيبة السياديّة. ولا إشكالية في هذه المسألة طالما أنّ توزيع الحقائب وفق القوى السياسيّة والتيّارات محسوم على أساس أنّ الماليّة للثنائي الشيعي (أمل وحزب الله)، والداخلية لـ”تيّار المستقبل” و”الدفاع” و”الخارجيّة” من حصّتي رئيس الجمهورية والتكتّل العوني.
الإشكاليّة الوحيدة المتبقية هي درزيّة متّصلة بالصراع الدرزي التقليدي، فأوساط أرسلان تستمر بتسويق تمسّكه بالحصول على وزارة أساسية، وحقيبة الدفاع كانت قبل الطائف من حصّة المير مجيد أرسلان، فيما “الاشتراكي” يعتبر أنّ إعطاء الدفاع لخصمه في الجبل بمثابة استهداف عوني له، فأرسلان في الحسابات الجنبلاطية وصل بأرقام غيره وعلى متن التحالف مع “التيّار” وجنبلاط حصد كل المقاعد الدرزيّة إلا واحداً وأرقام الوزير السابق وئام وهّاب أثبتت تقدّمه درزياً على كثيرين، وبالتالي ليس مسموحاً درزياً أنْ يتلطى أحدهم وراء عباءة سياسيّة من خارج الطائفة للوصول إلى المراكز العليا.
كلّ ذلك يقود إلى اعتبار أنّ حلّ العقدة الدرزيّة ليس سهلاً، وهي سيف ذو حدين قد يجرح جنبلاط في حال قبل بتسليم أرسلان حقيبة سياديّة وكذلك في حال رفض التسليم بالأمر الواقع. وفي الوقت ذاته ثمة من يعتبر أنّ هناك وجهتي نظر لدى الفريق العوني إما بتفادي المشكل مع جنبلاط والانسحاب من التدخّل في الموضوع الدرزي وترك الخيار الأرسلاني، في حين يعتبر آخرون أنّ الوزير جبران باسيل ذاهب في تبني خيار أرسلان حتى النهاية من دون الأخذ بالنصائح التي أعطيت له بالتروي في خياراته وعدم افتعال خلاف مع جنبلاط وترك الموضوع الدرزي داخل اروقة وجدران البيت الدرزي، خصوصاً أنّ التجربة مع أرسلان في تكتل “التغيير والإصلاح” لم تكن مشجّعة بعدما انسحب في الحقبات السابقة منه واستمرّ فيه النائب السابق فادي الأعور.
في كل الأحوال فإنّ العقدة الدرزية هي من عوامل الضغط المستمرّة على الرئيس المكلّف، وإنْ كانت الترجيحات بأنّ أرسلان عندما ستوكل إليه حقيبة غير أساسيّة سيُبادر إلى الانسحاب من الحكومة، كما حصل في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عندما أوكل مقعده حينها للوزير مروان خير الدين.
مروى غاوي – ليبانون فايلز