وئام وهاب… صوت صارخ في وجه التكفير والتفتيت د. هشام الأعور

في زمن باتت فيه الكلمات تُحسب بميزان الدم، ويرتفع فيه صوت القتل فوق صوت العقل، يخرج وئام وهاب، لا بصوت خافت، بل بصوت عالٍ جهوري، ليقول “كفى” في وجه ماكينة التكفير والتدمير التي تُهدد السويداء وعموم الجبل.
جريمته الوحيدة، في نظر من امتهنوا الترويج للكراهية والدم، هي دفاعه الصريح والواضح عن أهله وناسه، أبناء الطائفة الدرزية الشريفة، الذين لطالما كانوا حماة الأرض والكرامة في السويداء وخارجها. قالها وهاب بوضوح لا لبس فيه: لا للتكفيريين، لا للذبح باسم الله، لا لمحاولة تحويل الجبل إلى ساحة حرب تُدار بأوامر خارجية.
لم يكتفِ برفض الفكر الظلامي، بل فضح أمام الناس معدن من يحاولون ترويج هذا الفكر، وعلى رأسهم أحمد الشرع، الذي انكشفت نواياه الإجرامية، وأهدافه غير البريئة، بعدما أراد أن يجعل من السويداء معقلاً للفوضى والموت المجاني.
وئام وهاب قال “نعم” للكرامة، نعم للعيش المشترك، نعم للدرزي والعلوي والشيعي والمسيحي والكردي، وحتى السني الذي يرفض أن يُختزل دينه في جماعات تحترف القتل. وقف موقفًا أخلاقيًا وسياسيًا بامتياز، يرفض تحويل الطوائف إلى وقود لحروب لا ناقة لها فيها ولا جمل.
ما يتعرض له وهاب من بعض المشايخ الذين لا يجيدون سوى لغة التكفير والاتهام، هو محاولة بائسة لإسكات الصوت الأخير الذي لا يزال يقول الحقيقة، ويقف سدًّا منيعًا في وجه التطرّف والعنف. أولئك الذين يُنصّبون أنفسهم قضاةً على النوايا، ويرفعون سيوفهم على من يخالفهم الرأي، يسعون لإغراق السويداء في حمّام دم، بينما يمدّ وهاب يده نحو السلام والكرامة.
إن التطاول على وئام وهاب ليس مجرد إساءة إلى شخص أو موقف سياسي، بل هو تطاول سافر على كرامة بني معروف بأسرهم، وعلى تاريخ الجبل الذي لم ينحنِ يومًا لظلم ولا خنوع. فالرجل الذي وقف حيث عجز كثيرون، ودافع حيث تراجع آخرون، لا يُمسّ دون أن يُفهم أن المساس به هو مساسٌ بكرامة الطائفة، وبهيبة من حملوا راية العز والوفاء لقرون. فليحذر كل من تسوّل له نفسه أن يعبث بثوابتنا، لأننا لا نُفرّط بمن حمل قضايا الناس على كتفيه، وكان صوته امتدادًا لصوتنا جميعًا.