
منذ 6 أيام، أنهت حكومة الرئيس نواف سلام انتظاراً دام 5 سنوات لتعيين الهيئة الناظمة لزراعة القنّب للاستخدامَين الطبي والصناعي، برئاسة جورج فاضل ووجود 6 أعضاء، مستكملاً تطبيق القانون 178 /2020، وذلك بعد يومٍ واحد من تنظيم مؤتمر «زراعة القنّب بين الواقع والمرتجى» في السراي الحكومي برعاية الرئيس سلام وحضور عدد من الوزراء والنواب والصناعيِّين والأطباء.
يُعتبَر مزارعو قضاء الهرمل تحديداً والبقاع عامةً «أكثر المستفيدين مادياً» بحسب الرأي العام اللبناني، وهي منطقة تُعتبَر إحدى المعاقل الكبرى وخزاناً شعبياً لـ«حزب الله»، الذي تنصّل سياسياً من كل ما شأنه أن يربطه بالتصويت على القانون وتطبيقه وتعيين الهيئة الناظمة، على رغم من أنّ وزير الصحة ركان ناصر الدين حضر المؤتمر في السراي.
من جهةٍ أخرى، قدّر الرئيس سلام عائدات قطاع القنّب الهندي «إذا ما أدير بشفافية» بحوالى المليار دولار سنوياً، ممّا يرفد الخزينة العامة بعائدات هي بأمسّ الحاجة إليها. علماً أنّ أية دراسة جدوى اقتصادية كاملة لم تُجرَ حتى اللحظة من قِبل وزارة الزراعة لحسم تقديرات العائدات والتكاليف بشكل كامل.
كارتيل ومذكرات توقيف ومسح للأراضي؟
ad
وتجدر الإشارة، إلى أنّ لدى لبنان إمكانات صناعية عالية للاستفادة من هذه النبتة في إنتاج أدوية للأمراض المزمنة والمستعصية، وصولاً إلى مواد في الصناعات التحويلية، لكنّ استكمال المراسيم التطبيقية لإدارة القطاع ومراقبته لم تنتهِ بعد، ممّا يُعرّض عمليات توزيع الرخص وإنماء البقاع والهرمل إلى دوّامة «احتكار كارتيل» جديد، يُضاف إلى كارتيلات باقي القطاعات.
ويُشير النائب أنطوان حبشي لـ«الجمهورية» إلى «أنّه قطاعٌ خاص يخضع إلى التنافس في السوق، والمزارع يتعامل مع كل الشركات المتنافسة التي لا يمكنها أن تقوم بعملها من دون وجود مزارعين لا يملكون أرضاً. فإذا طُبِّق القانون بشكل صحيح مع مراسيم تطبيقية صحيحة، سيكون لدى المزارع نقطة قوة. وهنا كما في أي مكان في العالم يجب أن يكون هناك متابعة من الإعلام ومنّا (نواب) أيضاً، بالإضافة إلى ضرورة أن يُنشئ المزارعون كونسورتيوم أو تعاونيات ليحموا أنفسهم».
وأمام هذه التحدّيات، قد تتفرمل آمال مزارعي القنّب الهندي في الهرمل أمام وجود عشرات الآلاف من مذكّرات التوقيف وبلاغات البحث والتحرّي بحق أبناء القضاء، بينما يفرض القانون أن يكون المزارع المتقدّم للحصول على ترخيص صاحب سجل عدلي نظيف.
وعلمت «الجمهورية»، أنّ أكثر من نائب حضروا المؤتمر في السراي، لمّحوا إلى أنّ مساعي تُعقَد لشمل عدد من المطلوبين بقانون العفو العام إذا ما طُرِح في الهيئة العامة لمجلس النواب، من دون أي تمييزٍ بين «تاجر (مخدّرات) ومزارع»، تحت ذريعة شمولية بأنّ كل أبناء الهرمل كانوا مضطرّين إلى زراعة الحشيشة لإيجاد مَورد عيش والهروب من الفقر، فيما أنّ ذلك سيكون بمثابة مقايضة بينهم وبين الموقوفين الإسلاميِّين وبين اللبنانيِّين المُبعَدين قسراً إلى إسرائيل، أي أنّه بمثابة تعادل سياسي-طائفي بين المسيحيِّين والمسلمين.
وهنا يوضّح حبشي بأنّ «هذه المذكرات لا تعني أنّها لـ46 ألف شخص أو للمزارعين، لذلك لا يجب ربط مسألة تطبيق قانون القنّب الهندي بالعفو العام. ومن المؤكّد أنّه يجب نقاش هذه المذكّرات من دون التعميم وربطها بأي توازنات سياسية».
بدورها، تشير النائبة بولا يعقوبيان لـ«الجمهورية»، إلى أنّه «يجدر دراسة الملف قبل ربطه بالعفو العام وتأييده أو معارضته. الأهم هو أن تكون هناك إرادة في تطبيق القانون».
المشكلة الثانية التي تقف عائقاً أمام إمكانية استفادة المزارعين، هي وجود صقّ ملكية أو ما يُعرَف بسند الملكية الخضراء، نتيجة غياب المسوحات وتسجيلات الأراضي، وهي أحد الشروط الرئيسة لنَيل «ترخيص المزارع»، ممّا يتطلّب عملاً إضافياً من مخاتير وبلديات القضاء، وصولاً إلى الدوائر العقارية في القضاء.
ad
وأوضح وزير الزراعة نزار هاني لـ«الجمهورية» إلى أنّه «قرّرنا بشأن سجل المزراعين وضع تسهيلات، بالتالي بدلاً من الإفادة العقارية، اعتمدنا على العلم والخبر الموقّع من المختار والقائمقام من بعد تحقيق الدرك ضمن آلية رسمية تحدّد معلوماتها الكاملة الهيئة في وقتٍ لاحق».
ويشرح حبشي بأنّ «بعض الأراضي متوارثة لم يُعمَل لها حصر إرث، وهنا دور رؤساء البلديات والمخاتير بالمساعدة في إيضاح عدم وجود نزاع على الأرض للمزارع المتقدّم للحصول على ترخيص».
كما أنّ نوعية التربة في القضاء ونوعية النبتة المزروعة طيلة السنوات الماضية قد تتغيّر تبعاً لمتطلبات القانون والسوق الصناعي، ممّا يُرتِّب أكلافاً إضافية على وزارة الزراعة والمزارعين، بالتالي يتأجّل الحديث عن أرباح عالية إلى فترة أطول ممّا أشيع عنه.
وكشفت يعقوبيان، أنّها سألت في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب عمّا وصل إليه قرض بقيمة 200 مليون دولار من البنك الدولي للزراعة وأسباب التأخّر والمراسيم، فجاء الردّ «بأنّنا نعمل عليه».
وتضيف يعقوبيان، بأنّ «حزب الله» كان رافضاً لتشريع القانون استخدام القنّب الهندي ولم يُطبَّق إلى حدّ اليوم «فنأمل أن يُبصر تطبيقه النور مع هذه الحكومة، لأنّه يُدرّ أموالاً طائلة بملايين الدولارت سنوياً للخزينة».
وختاماً، رداً على سؤال عن أنّ مداخيل منح التراخيص من قبل الهيئة الناظمة تُحدِّد إيراداتها ورواتب أعضاءها في القانون بدلاً من أن تكون ملحقة بالموازنة العامة، بموجب مبدأ الشمول ليصار بعد إلى فتح اعتماد لصرف الرواتب والأجور، أكّد الوزير هاني بأنّه «موضوع لم يناقَش، ويجب أن يتبع قانون المؤسسات العامة بموجب مبدأ شمولية الموازنة لتصرف الهيئة بوضوح وشفافية. سأتبع الأمر مع رئيس الحكومة».