اخبار محليةالرئيسية

هل تنجح الديبلوماسية الأميركية في احتواء التصعيد أم تزيد نيرانه؟!

كتب مدير “مركز بيروت للأخبار” مبارك بيضون:

في جديد التطوّرات المتسارعة على الساحة اللبنانية، وتزامناً مع هبوط طائرة “نائبة” المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في بيروت ليل أمس، مرَّ الداخل اللبناني بأزمة كادت أنْ تكون “رأس الفتيل” المُشعِل لما لا يُحمد عقباه، من اتصالات تهديد ووعيد هاتفية، تماهت مع تسريبات مضامين جولة اللقاءات التي قامت بها الضيفة الأمريكية على رؤساء الجمهورية، مجلس النواب والحكومة، إضافة إلى قائد الجيش وشخصيات سياسية.

وإذ نقلت أورتاغوس “رسائل هز العصا” حول صورة المرحلة المقبلة لـ”لبنان الجديد” في “زمن الوصاية الأمريكية”، فإنّ المشهد الأصعب كان تناغم التسريبات الإعلامية حول ما ستطرحه الزائرة من إملاءات “إدارة دونالد ترامب” على الحكم اللبناني، مع ترهيب لبنان بالعودة إلى معزوفة “ابتعدوا أكثر من 500 متر عن المبنى المذكور”..

أجواء إيجابية.. ولكن!!

رغم إعلان “القصر الجمهوري” عن أنّ أجواء لقاء أورتاغوس مع الرئيس جوزاف عون كانت إيجابية ومهمة، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ”مركز بيروت للأخبار” أنّ “الأجواء لم تكن أبداً بتلك الإيجابية المنشودة، بل ما طُلِبَ من لبنان يتعدّى ما تمَّ تداوله إعلامياً”، لافتة إلى أنّ “أبرز ما نُقل عن الموفدة الأميركية هو الإصرار على سحب سلاح المقاومة، وتطبيق القرار 1701 بشكل كامل، إضافة إلى ما يشبه التلويح ببند إضافي من القرار 1559، الذي يدعو إلى نزع السلاح من كامل الأراضي اللبنانية”.

وإذ أسفت المصادر لـ”ملاقاة هذا الطرح تأييداً من بعض القوى السياسية اللبنانية، وتحديداً “القوّات اللبنانية”، التي تطالب بتنفيذ القرار بغض النظر عن خلفياته الدولية أو موقف الدولة اللبنانية الرسمي منه”، اعتبرت أنّ هذه “المسألة شأنٌ داخلي لا يمكن البتّ به، إلا ضمن استراتيجية دفاعية وطنية شاملة، كما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية”.

لا لسحب السلاح حالياً

في المقابل، “من شأنّ الإصرار الأميركي على فرض هذه الأجندة تعميق الانقسام الداخلي، في ظل الواقع الأمني الدقيق، والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي اللبنانية، والتي وصلت مؤخّراً إلى بيروت وضواحيها وصيدا، عبر اغتيالات مدروسة تزيد من تعقيد المشهد”، حسب ما رأت المصادر.

من هنا، لا يمكن الحديث في هذا التوقيت عن سحب السلاح دون توافق داخلي شامل، لاسيما أنّ السلاح المتفلّت داخل المخيّمات الفلسطينية لا يزال يُثير هواجس بشأن مستقبل مشحون بالتوتّرات والانقسامات، ويُهدّد بزعزعة الاستقرار في مختلف المناطق اللبنانية، ورغم ذلك، تأتي الموفد الأمريكية حاملة تحذيراتها، التي استقبلها لبنان بـ”إيجابية حذرة”، حيث تتّجه كل الأنظار إلى ما تحمله من ملفات، بدءاً من الوضع الحدودي مع فلسطين المحتلة وسوريا، مروراً بملفات الأسرى، ووصولاً إلى إعادة الإعمار.

الضغط على العدو

لكن العاصفة السياسية التي كان يُخشى أنْ تُحدِثها هذه الزيارة بدت أقل حدّة من المتوقع، وهو ما أظهره الموقف الرسمي اللبناني الموحّد، والرافض لنقل الأزمة إلى مسارات غير وطنية، إلا أنّه حتى الساعة لم يتبلور المشهد المقبل، وللساعات القليلة المقبلة “كلمة الفصل لاتضاح الصورة”، وهو ما سيتجلّى بعد لقاءات “أورتاغوس” بالرئاسات الثلاث، مع العلم بأنّ الرئيس نبيه بري أكد لضيفته الأميركية “ضرورة الضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف عملياته وخروقاته واعتداءاته على كامل الأراضي اللبنانية وتنفيذ كل ما جاء في اتفاقية الهدنة والتي لم تلتزم بها إسرائيل”، حسب ما ذكرت المصادر المطلعة.

بلبلة التهديد بالإخلاء!!

وفي المعلومات المؤكدة – وفقاًَ للمصادر – طلبت “الرئاسة الثانية” من “أورتاغوس” عدم التهديد بشكل مباشر أو غير مباشرة، ولا حتى من خلال الاتصالات “الصهيونية” التي تلقتها مراكز حزبية، في أكثر من منطقة لبنانية ولاسيما في الضاحية، محدّد مواقيت معيّنة بضرورة الإخلاء، ما أسفر عن حالة من البلبلة كون العدو الإسرائيلي معروف بغدر، وهو ما يعني – ودائماً حسب ما نُقِل عن الرئيس بري – تخطّياً لكل “الخطوط الحمر” بهكذا أفعال، لأنها قد تتسبّب بخروج الأمور عن السيطرة بسبب التهديدات، ولن تكون عندها الأمور على ما يرام، بل قد تنحو باتجاهات تصعيدية لخروقات أمنية هنا وهناك، لا سيما في منطقة الشمال الجنوبي وتحريك بعض “الخلايا النائمة”، ولا ننسى أنّنا نمر مرحلة من الفوضى والنزاعات العرقية والطائفية، بسبب وجود ديموغرافية جديدة فرضتها الحرب على سوريا، وسبقها الوجود المُسلّح الفلسطيني في لبنان، عندها قد لا نحتاج إلى أي مقرّرات دولية وننتقل إلى “لغة الشيطان الكامنة في التفاصيل”، التي لا تتناسب مع أي حل من الحلول لأي مفاوضات مستقبلية.

فهل ما أتت به “أورتاغوس” يُطرح بـ”لغة تعجيزية” لا يمكن الخضوع لها؟، أم إنّها تساعد للوصول إلى “نقطة تلاقٍ” يتم الاتفاق عليها بعد التصعيد غير المُبرّر عسكريا وسياسياً؟!.. فلننتظر ونرى!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى