الرئيسيةمجتمع ومنوعات

رمضان شهر صفاء الروح والبركات

بقلم الشيخ عمر فاكهاني

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يكثر الحديث عن الاستعداد لهذا الشهر الفضيل على الصعيد الروحي والتعبديّ لما يحمل في طياته من المعاني السامية، فهو فرصة لتجديد الإيمان وتقويته وفي هذا السياق، نستضيف اليوم الشيخ عمر الفاكهاني، مدير أكاديمية المنهاج للدراسات الإسلامية ليحدثنا عن هذه المناسبة الإسلامية العظيمة.

السؤال الأول: ما هو أول شيء يخطر في بالك عند ذكر رمضان؟
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، أول ما تسمع كلمة رمضان تخطر ببالك معاني الرحمة والصفاء والمودة والتحابب، فرمضان شهر ليس كباقي الشهور وفيه ليلة ليست كباقي الليالي، ليلة القدر خير من ألف شهر، ورمضان موسم الخيرات والصدقات والعطف على الأرامل والمحتاجين والأيتام، شهر تعظم به الأجور وتتضاعف به الحسنات، شهر القرآن والصلاة والبر، وأول ما تسمع بكلمة رمضان يخطر ببالك هدوء النفوس حيث تصفد كبار الشياطين وتحبس، فيعم الخير بين الناس وتهدأ القلوب، وتتذكر أنه شهر الإحسان والعطف على الناس وإطعام المساكين والمحتاجين، حيث يكثر فيه أصحاب اليد البيضاء بالصدقة وإعانة المحتاج ومساعدة الفقراء، ويخطر ببالك كذلك أهمية حفظ اللسان في هذا الشهر الكريم فإنه من معاني الصوم حيث يصير كثير من الناس يضبطون لسانهم أكثر، بل ويستبدلون كلامهم بذكر الله سبحانه والذكر الطيب.
السؤال الثاني: كيف تستعد لاستقبال شهر رمضان؟
هناك أمور كثيرة نفعلها لاستقبال رمضان من أهمها:
١- إبراء الذمة من قضاء واجب لمن كان قد أفطر قبل من رمضان في السنة التي مضت سواء أفطر بعذر أو بغير عذر، العذر كمن كان مسافرا أو من كانت حائضا أو في نفاس مثلا، أو بغير عذر فهذا عليه القضاء ويجب عليه التوبة عما صدر منه من إفطار بغير عذر لأن هذا من الكبائر، فمن أفطر بعذر أو بغيره يلزمه قضاء ما فاته.
٢- التوبة من جميع الذنوب فهي واجبة في كل حال، لا يؤخر المذنب نفسه لرمضان بل يجب عليه التوبة من كل ذنب فورا، لكن إذا كان بعده لم يتب فليسرع التوبة فورا، والله يحب من عبده المذنب أن يتوب، قال سبحانه: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
٣- التزود بالعلم لمعرفة أحكام الصيام كيف يكون الصيام صحيحا يتعلم المفطرات ليتجنبها ويتعلم كيف تكون النية صحيحة للصوم وكيف يحافظ على صيامه، ويتعلم كذلك أحكام زكاة الفطرة إن كان ممن يلزمه شرعا أن يدفعها، ونحو ذلك من أمور الدين العظيمة.
٤- ينهي الأعمال التي قد تشغله في رمضان إن كان هناك أشياء يستطيع أن ينهيها قبل رمضان، فلينهها ليتفرغ في هذا الشهر المبارك للعبادات العظيمة ليغترف قدر ما يستطيع من بركات هذا الشهر العظيم.
السؤال الثالث: كيف تختلف أجواء رمضان عن باقي أشهر السنة؟
أجواء رمضان مخلفة كثيرا عن الأجواء في غيره، لأن رمضان شهر الصفاء والعبادة والذكر، فترى المؤمنين يعيشون حالة من الروحانيات الجميلة والأجواء الصافية فيه، وتراهم يُسرعون للتوبة فيه وطلب المغفرة من الله، هذا على صعيد الجانب الديني والنظام اليومي كذلك، فنظام الأكل والنوم يختلف عند أكثر الناس حيث يكون الإفطار في وقت معلوم والتوقف عن الأكل في وقت معلوم بخلاف الأيام الأخرى، وكذلك على صعيد الجانب الاجتماعي الأمر مختلف عن غير رمضان، فتكثر الولائم والزيارات ويزداد التواصل بين الأهل والجيران والأقارب حتى صلة الرحم إذا كانت انقطعت خلال السنة فإنها تعود أوصالها فيه.
السؤال الرابع: ما هي أبرز العادات والتقاليد التي تحبها في رمضان؟
الأجواء الرمضانية بشكل عام جميلة جدا، فمع بداية استقبال هذا الشهر يبدأ الناس في تزيين بيوتهم وشوارعهم فرحا وتعظيما لهذا الشهر الكريم، وتبدأ الأسواق بعرض المنتجات التي تحمل شعارات هذه المناسبة، بالإضافة إلى تنوع المشروبات الرمضانية والحلويات الشعبية، ومما يلفت الأنظار دخول كثير من الشباب المساجد حيث لا يدخلونها في غير رمضان، فالكثير منهم يشاركون في الدروس الرمضانية أو ختمات القرآن أو التراويح أو يساعدون لجنة المسجد في تنظيم الإفطارات ونحو ذلك. وكذلك من أبرز ما يلفت النظر في رمضان الأجواء التي تكون قبل الإفطار والتي تكون بعده، فبالرغم من أن كليهما يُشعرانك بهذا الشهر، إلا أن ما يكون قبل المغرب له نكهته المختلفة عن التي تكون بعد الإفطار، حيث يخرج الناس إلى الشوارع ويتسامرون، وتمتلئ الأزقة، والسهرات الرمضانية التي يكون فيها إنشاد ديني وذكر طيب.
السؤال الخامس: كيف يكون اليوم الأول من رمضان مختلفًا عن الأيام الأخرى؟
يتميز اليوم الأول بجو من الترحاب والفرحة، حيث يستعد المسلمون للشهر الكريم بتحضير الأطعمة الخاصة وتنظيف المنازل واستقبال الشهر ببهجة وفرح، ويُعتبر اليوم الأول هو اليوم الأصعب ربما لكثير من الناس حيث إنه اليوم الذي تبدأ فيه عادة جديدة تركوها منذ زمن، فتنقطع الأنفسُ عن الطعام والشراب.
على مدار الأشهر قبل رمضان يستيقظ الكثير من الناس على شراب البن أو الشاي أو على فطور خفيف ثم يبدأون نهارهم، هذا ما لا يحصل في رمضان، فيجدون ثقلا خاصة في اليوم الأول حيث يكون من الصعوبة التعود على هذا الوضع الجديد، فتسمع من الكثيرين أنهم يشعرون بأعراض متنوعة بسبب ترك الأكل والشراب، ولكن سرعان ما يتعودون عليها في الأيام التالية.
السؤال السادس: ما هي أهمية الصيام برأيك، إلى جانب كونه عبادة؟
كونه عبادة عظيمة وفرض من الله سبحانه هذا أمر لا يختلف فيه المؤمنون، ومن المهم التحدث باختصار عن أهمية الصيام سواء في رمضان أو في غير رمضان، للصيام فوائد كثيرة من أهمها ضبط النفس وقهرها وتعليمها الصبر وقوة التجلّد، فالصيام يعزز قدرة الإنسان على التحكم في رغباته ويقلل من التوتر والقلق، وكذلك ينظف الجسم من السموم لأن الامتناع عن الطعام لفترة طويلة يسمح للجسم بالتخلص من السموم العالقة فيه في الجهاز الهضمي مما يساعد على تنظيفه وتخليته من الأشياء العالقة المضرة به فيتنشط الكبد بدوره وتتحسن الدورة الدموية، وكما هو معلوم أن الحمية خير من الدواء، فالصيام ليس مجرد عبادة بل أسلوب حياة متكامل يعود بالنفع على الروح والجسد.
هل من كلمة أخيرة قبل الختام؟
في الختام، يُعتبر شهر رمضان فرصة عظيمة للسلام لا ينبغي أن نُهملها بل علينا أن نتعلق بها أشدّ تعلّق، إنه الشهر الذي يحمل في طياته معانٍ عظيمة من التضحية والصبر والتراحم بين الناس، فلنستقبل رمضان بقلوب مفتوحة وعزيمة قوية للتقرب إلى الله سبحانه، لنجعل من هذا الشهر فرصة لنكون أفضل مما مضى، ولنساهم في نشر الحب والسلام في مجتمعنا، وأسأل الله أن يبارك لنا في هذا الشهر الكريم، وأن يجعلنا فيه من المقبولين، وأن يوفقنا لصيامه وقيامه إيمانا واحتسابا. وأسأل الله أن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى