هواء ” ما بعد الحرب” ..هل نتنشق سموماً أم أوكسيجين!!
انبعاثات سامة وروائح مزعجة وهواء مثقلٌ بالغبار، هي أبرز التداعيات التي خلّفتها صورايخ وقذائف الحرب القاسية التي شنّتها اسرائيل على لبنان.
فماذا يتنفس الناس بالضبط؟
لا شكّ أنّ الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب اللبناني والبقاع هم المناطق الأكثر استهدافاً بالقصف الاسرائيلي والهمجية الصهيونية الغاشمة، وتحديداً منطقة الضاحية بسبب الطبيعة الديمغرافية للمنطقة وبسبب المساحة الجغرافية الصغيرة نسبة إلى حجم لبنان ،وكذلك نسبةً لباقي الأماكن التي طالتها وحشية العدو.
تهديد بيئي حقيقي!!
آثار الغارات الإسرائيلية تتجاوز الدمار الاجتماعي والاقتصادي، لتترك وراءها تهديدات بيئية خطيرة تشمل تلوّث الهواء والمياه والتربة وكامل النظام الحيوي والإيكولوجي، ما ينعكس بدوره على صحّة المواطنين وخاصّة الناس المتواجدين في المحيط الجغرافي والقريبين من المناطق المستهدفة.
بحسب الباحثة في علم الكيمياء والتلوّث الدكتورة “نجاة عون صليبا” فإنّ النيران المنبعثة من القنابل أثناء وبعد الغارات تؤدي إلى تكتّل غيمة سوداء او حمراء(بحسب نوع القنايل المستخدمة)، هذه الغيوم التي تتكوّن تكون مشبعة بالمعادن الثقيلة والجزيئيات السّامة فتنتج غازات سامّة خطيرة تملأ الهواء.
هذه المواد تؤدي إلى تكسّر ذرّات الأوكسيجين في الهواء وتشكّل غاز “ثاني أوكسيد النيتروجين” ،والذي يعتبر خطيراً على توازن الغازات في الجوّ.
كذلك تواجد المعادن الثقيلة والرصاص وغيرها تؤدي إلى حصول خلل في نسبة الأوكسيجين في الجوّ وبالتالي إلى تأثّر معدلاته ما يؤدي إلى آثار خطيرة على الصحّة بسبب استنشاق هذه المواد السامّة ودخولها إلى جسم الإنسان عبر الجهاز التنفسي.
كيف يؤثّر تلوّث الهواء على الصحّة ؟
بحسب المدير الطبي في مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت الدكتور صلاح زين الدين فإنّ الفوسفور الأبيض الذي استخدمته اسرائيل في حربها هو أكثر ما يؤثّر على الجهاز التنفسي والجلدي لدى الإنسان بسبب مخاطره الكبيرة وتأثيراته السريعة والمباشرة على أعضاء وأجهزة الجسم.
أمّا الإنبعاثات من الغازات فإنّ آثارها تتفاوت بحسب الزمن، منها ما يظهر مباشرة ومنها ما يظهر مع مرور الأسابيع والأشهر والسنوات.
وأبرز العوارض التي تظهر هي ضيق التنفس وتضيّق في القصبات الهوائية وتقلّص الشعب الهوائية ونقص الاكسيجين في الدم ، وغيرها من العوارض..
ومن الآثار بعيدة الأمد هي حصول مشاكل وضعف في الصحة العامّة بسبب تراجع المناعة وإصابة الإنسان بأمراض مزمنة لا سيّما في الجهاز التنفسيّ كالربو وتليّف الشعب الهوائية وغيرها كالسرطانات مع مرور الوقت وعوامل أخرى.
الوقاية : واجب وليس ترف!
يعدّ الجهاز التنفسي أكثر الأعضاء تأثّراً بتلوث الهواء نظراً لأهميته ولدوره بإمداد الجسم بالأوكسيجين وبالتالي صحة الدورة الدموية التي تأثر بدورها على الصحة العامّة للجسم.
إنّ استنشاق المواطن للغازات وتحديداً خلال الحرب وبعدها مباشرة يعدّ الأخطر بسبب تكتّل هذه الغازات وتشبّعها في الهواء، لذلك من الواجب الالتزام بإرشادات الوقاية مثل: ارتداء الكمامات في المناطق التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي لا سيّما للأشخاص المتواجدين في المحيط الجغرافي القريب أو العاملين في اماكن الدمار.
وكذلك ارتداء النظارات والأقنعة لحماية العيون من تأثيرات الغازات السّامة.
العمل على تعزيز المناعة الذاتية عبر التغذية الصحية والسليمة وشرب كميات وافرة من المياه، ومزاولة الرياضة واعتمادها كنمط حياة.
إنّ تأثيرات تلوّث الهواء لا تقتصر على الإنسان فقط، بل تمتد أيضاً إلى البيئة، حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات الهواء السامّة إلى تلف النباتات والتربة، وتأثيرات طويلة الأمد تؤثّر على التنوّع البيولوجي والأنظمة البيئية.
هل هطول الأمطار يخفف تلوّث الهواء ؟وما هي تأثيراته؟
إنّ نزول الامطار لها دور هامّ في تنقية الهواء من الشوائب والجسيمات العالقة. فتلتقط القطرات الكبيرة هذه الجسيمات وتسحبها إلى الأرض، مما يقلل من تراكم الغبار والشوائب في الهواء. وتُعَدُّ الأمطار وسيلة طبيعية لغسل الملوّثات الجوية المتنوعة، مثل الغازات الضارّة والعوادم الصناعية. فعند نزول مياه المطر يؤدّي إلى الماء تفريغ هذه الملوثات من الهواء إلى الأرض، ما يسهم في تقليل مستويات التلوّث وتحسين جودة الهواء.
وتساهم قطرات المطر أيضاً في تحفيز التفاعلات الكيميائية في الهواء، ما يسهم في تحسين تركيبه الكيميائي. وهذه التفاعلات تعزز مستويات الأوكسجين في الهواء، مما يعزز صحة البيئة ويساهم في الحفاظ على توازن النظام البيئي.
بقلم: زينب نعمة