اخبار محليةالرئيسية

توصيات استراتيجيّة في لقاء بعدران: إستضافة المهجّرين من قيم بني معروف… ورفض الفتنة “الإسرائيليّة”

كمال ذبيان - الديار

شكّل لقاء بعدران السياسي ـ الروحي الدرزي في هذه المرحلة المصيرية، التي يواجه فيها لبنان الحرب “الاسرائيلية” التدميرية عليه، محطة مفصلية في تحديد موقع طائفة المسلمين الموحدين الدروز منها ومن تداعياتها الداخلية، لا سيما في موضوع المهجرين من مدنهم وبلداتهم ومنازلهم ومؤسساتهم قسراً من قبل العدو “الاسرائيلي”، الذي يقوم بالتدمير والابادة الجماعية، كما يفعل في غزة.

فاللقاء الذي دعا اليه رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، وفي خلوة القطالب كمركز ديني للموحدين، عقد تحت عنوان “التشاور في هذا الظرف العصيب والصعب”، وحضره الى جانب جنبلاط نجل ابنه تيمور فؤاد، وهو يظهر للمرة الاولى في لقاء عام، ورئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” طلال ارسلان والامين العام “لحركة النضال اللبناني العربي” فيصل الداوود، وهشام الاعور ممثلاً رئيس “حزب التوحيد العربي” وئام وهاب، والنائب مارك ضو، وشيخا عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى والشيخ ناصر الدين الغريب ، وحشد من المشايخ ونواب من “اللقاء الديموقراطي” وفعاليات درزية.

والهدف من اللقاء، هو الخروج بموقف درزي موحد، كان يحصل في اوضاع تشبه ما هو قائم حالياً، فانعقد لقاء بين المرحوم الامير مجيد ارسلان ووليد جنبلاط في خلدة قبيل الاجتياح “الاسرائيلي” للبنان صيف 1982، وحصلت معه احداث مفتعلة في الجبل ساهم فيها العدو “الاسرائيلي”، وادت الى اقتتال واعمال تهجير، وطويت صفحتها في المصالحة في الجبل رعاها جنبلاط والبطريرك الماروني الراحل نصرالله بطرس صفير في صيف 2001.

ففي لقاء بعدران، عبّر كل طرف عن رأيه وموقفه، فلم تظهر تباينات بين المجتمعين حول اهداف العدو “الاسرائيلي” من حربه على لبنان، واتفق الحاضرون واكدوا على احتضان المهجرين قسراً من اهالي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وهو موقف كان السبّاق اليه وليد جنبلاط ونجله تيمور في الدعوة الى استقبال المهجرين، الذين كانوا يأتون من الجنوب، قبل ان تتوسع الحرب في نهاية ايلول الماضي، فكان الجبل كله حاضنا للمهجرين، الذين ظهر اجماع في لقاء بعدران على حسن ضيافتهم وتقديم المساعدة والعون لهم، وهذه عادات بني معروف في تكريم الضيف، مستلهمين من تاريخهم، والتذكير في استضافة سلطان باشا الاطرش في منزله بالقريه ادهم خنجر، المطلوب من الاستعمار الفرنسي الذي كان يقاومه في جبل عامل بجنوب لبنان، وهو ما كان يمارسه الاطرش ايضاً في جبل العرب بسوريا.

فالانطلاق من القيم التي يتحلّى بها الموحدون الدروز، هو ما خلص اليه لقاء بعدران، الذي اوصى بالتكافل الاجتماعي مع المهجرين، ورفض زرع الشقاق معهم، من خلال حملات تحريض عليهم يقوم بها اشرار ، هدفهم اشعال فتنة مما يخدم العدو “الاسرائيلي”، وفق مصادر شاركت في اللقاء، الذي ركز على وحدة الموقف الدرزي في موضوع المهجرين، الذين لا يجب ان يشعروا الا وكرامتهم محفوظة، وهذا ما اكد عليه كل من حضر اللقاء، الذي وصف بالاستراتيجي في ظل حرب “اسرائيلية” قد تطول على لبنان، وهو ما تحدث عنه جنبلاط الذي اكد على رفض الانجرار وراء الاخبار الكاذبة والشائعات، والتي يتلقفها البعض ويروجها دون التدقيق فيها، مما يخلق شرخاً في البيئات الحاضنة للمهجرين سواء في الجبل او مناطق اخرى.

وابرز ما توصل اليه لقاء بعدران، هو رفضه “الامن الذاتي”، الذي يحاول البعض العمل له، اذ شدد اللقاء على ان الدولة بمؤسساتها هي المرجعية في كل الشؤون الامنية والايواء والغذاء والخدمات، ولا يحل مكانها اي طرف سياسي وحزبي وديني، وهذا ما اكدت وشددت عليه التوصيات التي خرج بها اللقاء، والتي سيعمل بها في الجبل، الذي اجمعت كل اطيافه ومراجعه عليها.

وهذا النموذج الوطني الذي قدمه الجبل بابنائه الموحدين، هو بوصلة يجب الاقتداء بها في كل المناطق، والكثير منها يحسن الضيافة للمهجرين، وظهرت وحدة وطنية يسعى الى تفكيكها العدو “الاسرائيلي”، فخرج الناطق باسمه افيخاي ادرعي داعياً اللبنانيين من غير المؤيدين لحزب الله، ان يساندوا “اسرائيل” في ازالته من امامهم، وجاء لقاء بعدران ليرد عليه بالاستضافة للمهجرين دون استثناء، ورفض الانصياع لمشروع الفتنة “الاسرائيلية” والاقتتال الاهلي بين اللبنانيين.

ولمواكبة استضافة المهجرين، والاهتمام بشؤونهم تم تشكيل ادارة ازمة في الجبل تتعاون فيها الاحزاب والمراجع السياسية والدينية والجمعيات، وسمى الرئيس نبيه بري نجله باسل ومسؤولين في حركة “امل” للتنسيق مع الحزب “الاشتراكي”، واحزاب اخرى في هذا الموضوع، الذي لاقى كل الشكر والتقدير من بري الحليف لجنبلاط، كما من كل المراجع من الطائفة الشيعية، التي تتعرض كما غيرها من طوائف اخرى موجودة على خارطة الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى