التعميم الذي اصدره مصرف لبنان بدفع ثلاث دفعات في شهر تشرين الاول الحالي للمستفيدين من التعميمين ١٥٨ و١٦٦ اراح الجميع اولا المودعين وثانيا المصارف وثالثا مصرف لبنان ورابعا سوق القطع الذي حافظ على ثبات سعر الصرف وخامسا عزز مرحلة الصمود المعيشي في هذا الظرف العصيب الذي يمر به البلد.
واذا كان الجميع راضيا فثمة من يطالب مصرف لبنان بتأمين دفعة ثانية من مستحقات المودعين في شهر تشرين الثاني ليشمل كل المودعين الذين وضعوا اموالهم قبل تشرين الاول ٢٠١٩ وما بعده فهل يلبي مصرف لبنان النداء ؟ كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل يقوّم هذه التجربة فيقول :
لقد جاء قرار مصرف لبنان لدعم المودعين خلال هذا الظرف الصعب خصوصا بعد اشتداد الحرب وتوسعها في لبنان وارتفاع حاجات اللبنانيين بالنتيجة. إن ما يستطيع فعله مصرف لبنان هو دعم المودعين من خلال سحوبات شهرين اضافيين للمودعين المشاركين في التعميمين ١٥٨ و١٦٦ اي أن من يحق له بسحب ٤٠٠ دولار سوف يسحب ١٢٠٠ ومن يسحب ٣٠٠ دولار شهريا سيسحب ٩٠٠ ومن يسحب ١٥٠ سيحق له سحب ٤٥٠ دولارا. أما النقطة الثانية في هذا الموضوع فهي أن ذلك سيساعد على ضخ ١٣٠مليون دولار الى ١٥٠ مليون دولار تقريبا في الاقتصاد من خلال استخدام المبالغ لحاجات الناس الأساسية والملحة في هذا الظرف العصيب . أيضا النقطة الثالثة الجيدة هي أنه من الممكن أن يكرر مصرف لبنان هذا القرار مرة أخرى دون أن يوجد أي مؤشر يدل على ذلك الآن لكن إذا بقيت الأوضاع على ما هي عليه فربما يكرر الأمر. المهم الآن أن نذكر أن هذين الشهرين الاضافيين سيدفعهما مصرف لبنان من الاحتياطي المتوافر لديه بالعملات الأجنبية وهو عمليا الودائع المصرفية الموجودة لديه وقد بلغت ١٠مليار و٧٠٠ مليون دولار حتى آخر ايلول، وقد ارتفعت بمعدل ٢ مليار دولار من آخر شهر تموز ٢٠٢٣ الى آخر ايلول ٢٠٢٤. ان هذا القرار لا يتعدى على سيولة المصارف الشحيحة لأنه كما هو معروف أن التعميم ١٥٨يتم تسديده بالمناصفة بين مصرف لبنان والمصارف التجارية . لكن هذا القرار الأخير لا يضغط على السيولة لدى المصارف التجارية إذ ان ليس كل المصارف كما نعرف جميعا لديها سيولة مريحة لكنها رغم ذلك تلتزم بالتعميم. ان قرار المصرف المركزي الأخير جاء نتيجة الحرب التي يعيشها لبنان حاليا.
الا تعتقدون أن هذا القرار قد أراح المصارف التجارية خصوصا انها كانت تدفع ما يترتب عليها في التعميمين ١٥٨ و١٦٦مناصفة مع مصرف لبنان وهو يتحمل اليوم دفع المبلغ وفق قراره وحده؟ هذا صحيح لكنه يدفع المبلغ الخاص بالشهرين الاضافيين بينما تدفع المصارف نصف قيمة الشهر الأساسي والنصف الباقي يدفعه مصرف لبنان.
الا تعتقدون أن هذه المبالغ التي تساوي ١٣٠مليون دولار ستساعد في دعم ثبات سعر الصرف ؟ أجل أن هذا من ضمن النتائج فقد ضخ المصرف المركزي دولارات اضافية في الاقتصاد لكن الأولوية كما سبق وقلت هي لمساعدة الناس. عندما توجد سيولة اضافية في الاقتصاد فذلك سيساعد نوعا ما على تحقيق الاستقرار ونحن نعلم أن مصرف لبنان منذ عام ٢٠٢٣ رفض تمويل الدولة لسد الحاجات والعجز، كما أنه سحب كتلة نقدية من السوق يبلغ مجموعها ٢٣ تريليون ليرة في العام ٢٠٢٣ اي أنه قلص الكتلة النقدية بالليرة وهو مستمر في هذه السياسة من خلال لجم الكتلة النقدية، كما أن آخر رقم يبين أن الكتلة النقدية في آخر شهر أيلول بلغت ٥٣ الف مليار ليرة اي ما يوازي تقريبا أقل من ٦٠٠ مليون دولار وهذا يشكل ٦% من مجموع الاحتياطي السائل لدى مصرف لبنان اي أن مصرف لبنان قادر عمليا أن يضخ في السوق بالليرة اللبنانيه، كما يوجد سبب آخر وهو دولرة السوق . لقد كان الدولار متوافرا في السوق قبل توسع الحرب بشكل أكبر من الليرة. اليوم مع توسع الحرب والضغوطات الناشئة نحن نضع نقاط استفهام على الحاجات وكيفية سدادها . لقد حققت الدولة في العام ٢٠٢٣ فائضا بماليتها العامة وكانت تتوقع تحقيق المزيد من هذا الفائض خلال هذا العام لكن مع توسع الحرب ونزوح أكثر من مليون شخص ستزيد حتما نفقاتها وستنخفض الإيرادات لذا هل ستستطيع المالية تحقيق الفائض المتوقع؟ هذه نقاط استفهام نطرحها لأن نفقات الحكومة سترتفع والايرادات بسبب الحرب ستتراجع لذا هل ستلجأ الحكومة لمصرف لبنان كي يمول النفقات الملحة؟…
لكنه يرفض ذلك منذ العام ٢٠٢٣ فهل سيتغير الأمر؟ لقد رفض ذلك حتى آخر شهر ايلول٢٠٢٣ لكن اصلا يوجد تنسيق بين الطرفين ولنتذكر أن الدولة لديها ودائع في مصرف لبنان توازي ٥ مليار دولار و٩٠٠ مليون حتى آخر أيلول ٢٠٢٤ في أربعة حسابات أحدها بالدولار الفريش . لقد عدلت الدولة الرسوم والضرائب بحيث أصبحت تستوفيها على سعر السوق مما مكنها من زيادة ايرادات الخزينة إلى جانب التمهل بالنفقات اثر نصائح صندوق النقد بضرورة عدم وجود عجز بالموازنة وهكذا تراكمت ايرادات الخزينة. اليوم لدى الدولة في مصرف لبنان ما يوازي ٥ مليار و٩٠٠ مليون دولار في آخر شهر أيلول ٢٠٢٤ . أيضا من غير المعروف نسبة الدولار الفريش في حساباتها. انا اعتقد ان مصرف لبنان سيتعاون إلى أقصى حد مع الحكومة لكن ضمن الحفاظ على استقرار سعر الصرف.
“ضربة معلم “نفذها حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري ارضت الجميع، فهل يكررها ؟ ولكن مصادر اعتبرت هذا التعميم كابرة بنج لن تؤثر في الاحتياطي كونه مؤخرا.
جوزف فرح – الديار