بين الفوز الأخير للنادي الرياضي على غورغان الإيراني وسيره بثبات نحو خوض نهائي جديد في بطولة لبنان لكرة السلة، أصبح الحديث أوسع حول ذهاب بطل الموسم الماضي باتجاه إحراز لقبٍ محلي جديد بعدما أكد قوته من خلال احتفاظه بلقب الدوري السوبر لمنطقة غرب آسيا «وصل».اللقاء الأخير للأصفر أمام فريقٍ إيراني قوي كشف مدى القدرات الكبيرة التي يمتلكها، إذ تمكّن من الفوز بفارق 22 نقطة (100-78)، ليحسم السلسلة النهائية (2-1)، ويقدّم نفسه مرشحاً قوياً للقب الكبير عند خوضه مرحلة الـ«فاينال 8» التي ستحلّ ضيفةً على العاصمة القطرية الدوحة.
كيميائية رهيبة
لكن هذه النتيجة ليست ما يعكس الصورة المميّزة للرياضي التي تجعل الكلّ يرشحه لكل الألقاب بل الطريقة التي يؤدي بها على أرض الملعب حيث وصلت الكيميائية بين لاعبيه إلى أعلى مستوياتها.
هنا قد تكون تلك الكرة الساحقة التي سجّلها العملاق الأسترالي ثون مايكر قبل انقضاء دقيقتين على بداية الربع الثاني أمام غورغان، المثال الأبرز حول ما يسمّى بالفريق، إذ يبدو وكأنّ لاعبي الرياضي لا يكترثون لأرقامهم الشخصية بل للعبة الجماعية التي تكون أحياناً استعراضية فتحلّ المتعة، تماماً كما هو حال اللقطة المذكورة التي تنقّلت خلالها الكرة بين أكثر من لاعب قبل أن يمرّرها النجم وائل عرقجي إلى مايكر الذي فعل ما يهواه عادةً تحت السلة بتسجيله الـ«دانك».
أسبابٌ عدة تترك قناعة بأن الرياضي يسير نحو موسمٍ مثالي
وبالحديث عن مايكر، يمكن الإسهاب في الكلام عن حجم الكيميائية التي بلغها القادة في الرياضي على أرض الملعب، فباتت مهمتهم بالتالي أسهل في نقلها إلى أي لاعبٍ أجنبي جديد، وهو ما يمكن لمسه من خلال أداء مايكر الذي بدا وكأنه يلعب مع الفريق منذ فترةٍ ليست بقصيرة. والأمر عينه ينطبق على الأميركي جوناثون سيمونز الذي يبدو مرتاحاً مع المجموعة، فترجم هذه الراحة إلى أرقامٍ تهديفية لافتة.
هنا يحسب لإدارة الرياضي وجهازها الفني أيضاً معرفة اختيار العناصر الأجانب الذين يمكنهم الانغماس والاندماج في المجموعة من دون عناء، لتكون النتيجة الإيجابية حاضرة بشكلٍ سريع، إذ بعدما خيّب الأميركي ماني هاريس الآمال، وبدا الفلسطيني ساني ساكاكيني غير قادرٍ على العطاء أكثر، وقع الخيار على مايكر وسيمونز، فأكملا القوة الضاربة التي تضمّ أجنبياً مميزاً آخر هو البوسني علم الدين كيكانوفيتش.
المحليون الأفضل
الواقع أن ما يميّز الفريق البيروتي العريق عن غيره من منافسيه على اللقب المحلي هو أنه يضمّ عناصر محليين قادرين على صناعة الفارق، فيصبح صعباً على أي منافس كبح جماح المفاتيح الهجومية، بحيث إن إيقاف أي لاعبٍ بخطة دفاعية معيّنة لا يُفقد الفريق توازنه الهجومي، وخصوصاً أنه يملك مقعداً احتياطياً معزّزاً بلاعبين يمكنهم اللعب كأساسيين في أي وقت، ويمكنهم أيضاً الاضطلاع بمهامٍ قيادية في أي مرحلة حساسة.
من هنا، بات أداء الرياضي ممتعاً أكثر من أي وقتٍ مضى، ليعيد التذكير بتلك الهيمنة التي فرضها هذا الفريق على الموسم الماضي، إذ لم يفلت منه لقب «فاينال8» WASL إلا بسبب ظروفٍ قاهرة واجهته، فكان المنعطف في إصابة عرقجي وبديله علي منصور، ليتمّ استبعادهما عن «الفاينال 8»، فتركا فراغاً لم يكن بالإمكان تعويضه، ولو أن الفريق تمتّع بوجود لاعبٍ استثنائي وقتذاك هو الأسترالي دويوب ريث الذي انتقل منه لاحقاً إلى الدوري الأميركي للمحترفين مستنداً إلى أدائه المميّز مع الرياضي محلياً وخارجياً، ليشرع في بناء مسيرةٍ على أعلى مستوى حيث يبرز اليوم مع فريق بورتلاند ترايل بلايزرز.
هي تفاصيل دقيقة بلا شك قد تغيّر من صورة أي فريقٍ بين ليلةٍ وضحاها، وقد يتطلّع إليها الخصوم كرهان وحيد لردم الهوة التي تفصلهم عن الفريق البطل الذي يسير حتى الآن نحو موسمٍ مثالي يأمل أن يجمع اللقبين المحلي والإقليمي في ختامه، وهي مسألة تتوقف أيضاً عند مدى القدرة الذهنية والبدنية للاعبين لتحمّل ضغوط المواجهات القوية المقبلة، فهناك في «وصل» ستجتمع أقوى فرق المنطقة مدركةً بأنه الفريق الأقوى بينها. أما في نهائي بطولة لبنان فلم تكن أبداً أي سلسلة مجرد نزهة لأنه عندما يلعب أي فريقٍ في مواجهة الرياضي يعرف لاعبوه بأنها مناسبة خاصة لرفع أسهمهم على الصعيد الفردي ولتعزيز حجم نجوميتهم، فيضعون ثقلهم سعياً إلى إنزال البطل عن عرشه.