الرئيسيةمجتمع ومنوعات

الدولة ترضخ لـ«كارتيل» المدارس

فاتن الحاج - الأخباربكركي تحتضن الـ«كارتيل» لإيجاد مخرج من القانون قبل انتهاء العطلة

«تريّث» رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، في نشر قانون دعم المتقاعدين في الجريدة الرسمية، استجابة لضغوط المدارس الكاثوليكية المغطاة من البطريرك بشارة الراعي، فهل يستمر التمييع في النشر وتنفيذ القانون حتى تمرّر المدارس لوائحها الاسمية وموازناتها التي تقرر على أساسها أقساطها حتى 31 كانون الثاني المقبل؟

مرة جديدة، هدّد كارتيل المدارس الخاصة الدولة التي لم تسائله يوماً عن تضخّم أرباحه، فضغط لعدم نشر قانونيْن صادريْن عن المجلس النيابي لدعم صندوق التقاعد لأساتذة التعليم الخاص. «الكارتيل» لم يطعن في القانون وفق الأصول أمام المجلس الدستوري ولم يقدّم قانوناً لتعديله، بل «منع» نشره في الجريدة الرسمية، رغم أن مجلس الوزراء وافق، وكالة عن رئيس الجمهورية، في 19 الجاري، على إصدار 14 قانوناً أُقرت في الجلسة التشريعية الأخيرة، ومن ضمنها هذان القانونان.

وتجدر الإشارة إلى أن الاعتراض الأساسي لإدارات المدارس هو على براءة الذمة التي يشترط القانون الحصول عليها كي تُقبل موازنات المدارس ومعاملاتها في وزارة التربية.هكذا رضخ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لضغوط المدارس الكاثوليكية التي أعلنت الإضراب المفتوح قبل يوم واحد من عطلة الأعياد، ولم يوقّع القانونين بحجة المراجعات التي وردت إليه والمشاورات التي قام بها في هذا الشأن. وفي هرطقة دستورية، قرّر ميقاتي التريث في النشر، أو كما ورد في بيان للمديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء «عدم النشر لتتسنّى إعادة عرض القرار المتصل بإصدارها مجدداً على أول جلسة لمجلس الوزراء للبحث في الخيارات الدستورية المُتاحة بشأنها».
وعلى خطّ مواز، انعقد «الكارتيل»، أمس، تحت خيمة بكركي برئاسة البطريرك بشارة الراعي وفي غياب ممثلين عن اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، وتقرّر تأليف لجنة من ممثلين عن وزارة التربية وصندوق التعويضات واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ونقابة المعلمين لمناقشة الاعتراضات على القانون وإيجاد حلول للمدارس الكاثوليكية كي لا يأتي الثامن من كانون الثاني، موعد العودة من عطلة الأعياد، قبل أن تُعالج أسباب الإضراب.
المدارس الكاثوليكية، كما قال أمينها العام يوسف نصر، «تسعى إلى تجميد العمل بقانون غير قابل للتطبيق لكونه يتعارض مع كل القوانين الموجودة، لا سيما قانون تنظيم الموازنة المدرسية الرقم 515 وقانون التعويضات وغيرها»، سائلاً المشرعين: «من يتحمل مسؤولية عواقب هذا التشريع على الأستاذ الذي سيخسر نسبة من راتبه قد تصل إلى 25 في المئة، وعلى الأهل الذين سيتكبدون زيادات على الأقساط في منتصف العام الدراسي وعلى تعويض نهاية الخدمة الذي سيكون بالدولار الأميركي؟ّ». وفيما نفى نصر أن يكون المتقاعد قادراً على الاستفادة من القانون المطروح، لان «الاشتراكات لا تدفع إلا بالليرة اللبنانية»، رأى أن المدارس «شريكة في إنصاف المتقاعدين، لذا ستطرح الأمانة العامة واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في الاجتماع مع نقابة المعلمين الكثير من الحلول منها أن تتحمل كل مدرسة مسؤولية متقاعديها». وعن الاعتراض على براءة الذمة، قال نصر: «المدارس الكاثوليكية تسدد اشتراكاتها بنسبة 110 في المئة ولا مشكلة لدينا في هذا الموضوع، إنما تأخير إعطائنا براءات الذمة الناتج عن النقص في الإمكانات البشرية (يوجد 20 موظفاً لـ 1500 مدرسة) سيؤدي إلى تأخير في تسليم الموازنات لمصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية ما سيرتب علينا غرامة بنسبة 10 في المئة من قيمة الأقساط، وفي ذلك مسؤولية وليست مزايدات».

ونفى نصر أيضاً أن تكون المدارس قد ناقشت القانون، «فهي حضرت مرة واحدة في 26 حزيران الماضي جلسة لجنة التربية النيابية وقدمت للنواب كتاباً خطياً بالأخطاء الواردة في القانون، وفي كل الأحوال ما أقر في الجلسة التشريعية لا سيما لجهة أن تكون النسبة المقتطعة المفروضة على المدارس بالدولار أضيف خلال جلسة إقرار القانون».
وأشار الأمين العام للمدارس الإنجيلية نبيل القسطا إلى أن اللجنة التي تنتهي مهمتها في 8 كانون الثاني ستعقد اجتماعها الأول صباح اليوم، في وزارة التربية. وأضاف أن اجتماع بكركي كان إيجابياً لجهة أن «كل المكوّنات أقرت بأن قانون دعم متقاعدي التعليم الخاص ولد سريعاً ولم يخضع لدراسة وافية»، علماً أن اتحاد المؤسسات كان مشاركاً في جلسة لجنة التربية النيابية التي أقرت القانون مع التعديلات، كما عكس المدير العام للتربية رئيس مجلس إدارة صندوق التعويضات، عماد الأشقر، ملاحظات الاتحاد في جلسة اللجان النيابية المشتركة. ورفض القسطا الخوض في الجدل القانوني بشأن صلاحية رئيس الحكومة بعدم التوقيع والنشر في الجريدة الرسمية أو ردّ القانون إلى المجلس النيابي. وفي أجواء اجتماع بكركي، لفت القسطا إلى أن وزير التربية عباس الحلبي شارك في تبريد الجو، ولا سيما أن المدارس الكاثوليكية أبدت جدية تامة بالمضي في الإضراب بعد العطلة إذا لم تُحل مشكلة القانون.
من جهته، يؤكد رئيس نقابة المعلمين نعمه محفوض أن قانون دعم المتقاعدين بات نافذاً، ولا يحق لرئيس الحكومة عدم توقيعه، ولا سيما أن مجلس الوزراء مجتمعاً وافق عليه، كما أنه لا يستطيع ردّه إلى المجلس النيابي، «لكن ما يمكن أن يحصل، هو أن تناقش لجنة بكركي تسهيل تنفيذ القانون، مثل تأخير تطبيق بند الحصول على براءة الذمة، أو إعفاء نسبة الـ2 % الإضافية التي ستدفعها المدارس لصندوق التعويضات من ضريبة الدخل أو تعديل قانون الموازنة».
وفيما أشار محفوض إلى أنه طلب من وزير التربية دعوة اتحاد لجان الأهل إلى جلسات اللجنة المنبثقة عن اجتماع بكركي، أكّدت رئيسة الاتحاد لمى الطويل «أننا لم نتبّلغ بأسباب استثنائنا من حضور الاجتماع»، وسألت: «لماذا انتظرت المدارس الكاثوليكية صدور القانون كي تعترض عليه، وهل النواب الذين أصدروه غير ذوي كفاءة؟ ولماذا أتى الاعتراض من المدارس الكاثوليكية دون بقية مدارس اتحاد المؤسسات؟».
وأثار موقف رئيس الحكومة استهجان النواب ومنهم النائب إدغار طرابلسي الذي قال للمعترضين على القانون «إن المشكلة ليست في القانون الذي أقرّه البرلمان بالإجماع، وبعد التشاور مع كل أطياف العائلة التربوية بمن فيهم المعترضون، بل في آلية تنفيذه من الصندوق والتي يُشكّل المعترضون جزءاً من مجلس إدارته». وقال النائب بلال عبدالله: «أفهم أن يُطعن في القانون وفق الأصول أمام المجلس الدستوري، أو أن يتقدّم أحدهم باقتراح قانون للتعديل، أما أن ترضخ الدولة بأكملها ولا يصدر القانون فهو أمر غير مقبول». ووصفت النائبة حليمة القعقور قرار ميقاتي بالهرطقة الدستورية، مشيرة إلى «أننا في بلد محكوم من لوبيات المصالح الخاصة على حساب حقوق الناس».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى