الراعي سيطرح أزمة النزوح السوري في لقائه مع ماكرون
لا يوفّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي فرصةً للمطالبة بحلِّ الأزماتِ الداخلية والخارجية التي تؤثّر على «بلد الأرز»، وهو يدعو عبر «الجمهورية» الى «استعجالِ تأليف الحكومة للانصراف الى معالجة مشكلات الناس».
قد تكون بكركي إحدى أهمّ المراجع الأساسية التي يلجأ إليها المواطن اللبناني لكي يشكيَ همَّه، بعد تخاذل السلطات السياسية عن القيام بدورها، خصوصاً أننا نعيش في بلدٍ مليءٍ بالمشكلات.
ومهما كبرت الأزمات، فإنّ «مجدَ لبنان أُعطيَ لها» وحدها من دون سواها، وبالتالي فإنّ بكركي تحاول إيصالَ صوت الناس على الرغم من أنّ بعض المسؤولين يصمّون آذانهم عن سماع الحقيقة.
يجلس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي يراقب الوضع عن كثب، فهو، وعدا عن نشاطه السياسي، يهتمّ بشؤون الرعية والكنيسة، ويعطي وقتاً مهمّاً للأنشطة التربوية والثقافية والإجتماعية، لأنّ الموارنة كانوا روّادَ الحضارة والعلم والنهضة الفكرية العربية، وإهمالُ هذه الناحية تُفقد الموارنة جزءاً أساسياً من دورهم، لذلك يعطي الراعي كل تلك المجالات الاهتمامَ التام والكامل.
بين الإهتمام بشؤون الرعيّة في لبنان وبلاد الإنتشار، ومتابعة الشؤون السياسية الوطنية، يؤكّد الراعي لـ»الجمهورية» أنه «آن الأوان للإلتفات الى شؤون الناس، وآمالي كبيرة في تأليف حكومة وحدة وطنية تضمّ جميع الأفرقاء السياسيين وتنصرف الى معالجة الشؤون الحياتية والأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد».
ويثير الراعي هذا الموضوع مع كلِّ مَن يلتقيهم في بكركي أو يزورهم، ويقول إنّ «تأليف حكومة الوحدة الوطنية بحثتُها مع فخامة الرئيس العماد ميشال عون خلال زيارتي له (أمس الأول) في بعبدا، وكانت وجهاتُ النظر متّفقة في هذا الشأن لأنّ الرئيس يريد انتظامَ عمل المؤسّسات».
ومع طرح عقباتٍ أمام ولادة حكومة العهد الثانية، وسط التأزّم الإقليمي الأميركي- الإيراني، وفرض واشنطن ودول خليجية عقوباتٍ جديدة على «حزب الله»، يتمنّى البطريرك الراعي «إستعجالَ القوى السياسيّة كافة تأليفَ الحكومة المرجوّة»، مطالِباً إياها «بأن تنصرف بعدما تتألّف وتنال ثقة البرلمان الجديد، الى حلّ مشكلات الناس لأنّ الوضع لم يعد يُحتَمَل، ولا يمكن الاستمرارُ في إدارة البلد بالطريقة التي يُدار فيها، فهمومُ الناس ومشكلاتُهم أولويّة لا يمكن تأجيلُها».
يستعدّ الراعي للسفر الى باريس الأسبوع المقبل للقاء الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون في زيارة وُصفت بأنها «مهمّة» نظراً الى الموضوعات التي ستتناولها.
وفي هذا السياق، يؤكّد الراعي لـ»الجمهورية» أنّ «زيارة فرنسا طبيعية وتأتي بعد انتخاب ماكرون رئيساً للجمهورية». ويشدّد على «أنّ العلاقات بين لبنان وفرنسا، وبين البطريركية المارونية وفرنسا مميّزة جداً، ونعمل على حمايتها وتحصينها لما فيه خير البلدين». ويضيف: «عندما انتُخب ماكرون رئيساً لفرنسا دعانا لزيارته، والعرف يسري أيضاً على بكركي، فعندما يُنتخب بطريركٌ مارونيٌّ جديد ندعو رئيس جمهورية فرنسا لزيارتنا، ونحن نعمل للحفاظ على أطيب العلاقات مع باريس».
لا شكّ في أنّ الملفات التي ستُناقش في الإليزيه ستكون دسمة، إن كانت داخلية أو إقليمية، لأنّ لبنان يتأثّر بأحداث المنطقة بمقدار كبير، لكنّ هناك أزمةً وجوديّةً تُرهق لبنان، وترفع بكركي الصوت من أجل حلّها وهي أزمة النزوح السوري.
ويشدّد الراعي في معرض حديثه على «أنّ كل الملفات ستُطرح مع ماكرون، وبالطبع سنبحث في ملفّ النزوح السوري، ونأمل من باريس أن تساعدنا في حلّه لأنّ الأمرَ ينعكس سلباً على تركيبة لبنان، وبالتالي تقع مسؤولية على الدول الكبرى من أجل إنقاذ لبنان وعدم تركه يواجه المجهول، كذلك إيقاف الحروب في المنطقة».
وتحظى زيارة الراعي لفرنسا باهتمام بروتوكولي كبير حيث سيُستَقَبل في الإليزيه بحفاوة كبيرة تتخطّى كونه رجلَ دين، في حين لا توفّر فرنسا مناسبةً لتأكيد علاقاتها الوطيدة مع البطريركية المارونية والتي تُعتبر جزءاً من تراثها لا يمكنها التخلّي عنه.
الان سركيس – الجمهورية