أيّ سرّ خلف عدم مشاركة “صرخة وطن” في انتخابات الشوف ـ عاليه؟
لا تزال مجريات العملية الانتخابية في دائرة عاليه ـ الشوف موضع اهتمام ومتابعة من الأوساط السياسية والحزبية والإعلامية على اختلافها، لأنّ النتائج التي تمخضت عنها جديرة بالدراسة، ولا بدّ من التمعّن بها جيداً ووضعها في ميزان السلبيات والإيجابيات لاستخلاص العِبر، ولكي يُبنى مستقبلاً على الشيء مقتضاه.
النتائج باتت معروفة والنواب الذين انتُخبوا صاروا اليوم نواباً كاملي المواصفات، والأمل في أن يكونوا على قدر الثقة الشعبية التي وَضعت أحمالها على أكتافهم.
وللتذكير فقد تنافست على المقاعد الـ 13 في دائرة عاليه ـ الشوف ست لوائح خرجت أربع منها من السباق نتيجة عدم نيلها الحاصل الانتخابي، ولم يبق إلا لائحتي “المصالحة” برئاسة النائب تيمور جنبلاط التي فازت بتسع مقاعد و”ضمانة الجبل” برئاسة الوزير طلال أرسلان التي فازت بأربع مقاعد، وكادت لائحة “الوحدة الوطنية” أن تفوز بمقعد لرئيسها الوزير السابق وئام وهّاب الذي تفوّق بالأصوات التفضيلية على الوزير مروان حمادة لكن اللائحة بقيت بحاجة إلى 240 صوتاً لكي تصل إلى الحاصل. وهذا كان أيضاً حال لائحتي المجتمع المدني لو كانتا موحّدتين.
وكما هو ملاحظ فإنّ المتنافسين توزّعوا على مختلف الأحزاب والتيارات السياسية في الجبل، لكن المتابعين عن كثب يعرفون أنّ هناك تياراً سياسياً ناشئاً لم يشارك في العملية الانتخابية، وهو تيار “صرخة وطن” الذي فضّل رئيسه جهاد ذبيان عدم المضيّ بترشيحه في هذه الدورة رغم إلحاح القيّمين على أكثر من لائحة لكي ينضمّ إليهم، لأنّ معظم الدراسات الإحصائية أكدت أنّ لتيار “صرخة وطن” قاعدة شعبية لا تقلّ عن 2500 ناخب، وقد ترك التيار لهؤلاء المناصرين الحرية في اختيار اللائحة التي تعبّر عن تطلّعاتهم وكذلك المرشح الذي يودّون تفضيله.
وفي حساب بسيط يتبيّن أنّ انضمام تيار “صرخة وطن” إلى أيّ من اللوائح الثلاث الأساسية كان سيُحدث فوارق كبيرة في النتائج. فلائحة “الوحدة الوطنية” كانت ستضمن بالتأكيد نيل الحاصل وبالتالي كان رئيسها الوزير السابق وئام وهّاب نائباً اليوم، وهذا ما كان سيشكل في الجبل انقلاباً تاريخياً في موازين القوى. كذلك لو انضمّ تيار “صرخة وطن” إلى لائحة “ضمانة الجبل” لكانت ضمنت ربما مقعداً خامساً.
وفي ضوء هذه المعطيات فإنّ هناك مَن بدأ يطرح التساؤلات عن الأسباب الحقيقية الكامنة خلف قرار رئيس تيار “صرخة وطن” جهاد ذبيان عدم المضيّ بترشيحه، وكذلك عدم توجيه مناصريه باتجاه معيّن من أجل تحقيق النتائج الواردة آنفاً، ولعلّ أبرز هذه الأسئلة وربما أكثرها خبثاً، تلك التي تغمز من قناة اتفاق ما حصل في الخفاء بين ذبيان وبين دار المختارة؟