ينعقد مؤتمر روما ـ ٢ الدولي بعد غد الخميس، لدعم الجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية. وقد اجرى لبنان اتصالات دولية مكثفة تمهيداً لتحقيق المؤتمر نتائج جيدة على صعيد دعم الجيش، لا سيما وانه يمثّل بالنسبة الى هذه الدول، الاستقرار، وسلطة الدولة، ومكافحة الارهاب. كما اجرت دول صديقة للبنان اتصالات دولية لهذه الغاية.
وتكشف مصادر ديبلوماسية غربية، ان الولايات المتحدة الاميركية تدفع بقوة نحو دعم الجيش، وهي اجرت اتصالات عربية تصب في هذا الاتجاه، بحيث تكون للدول العربية البارزة مساهماتها المتمايزة في مؤتمر روما ـ ٢، والمؤتمرات الاخرى. على ان واشنطن مستمرة في برنامجها الموجود لتسليح الجيش، وسعى لبنان عبر اتصالاته معها لتوسيع نطاق هذه المساعدات. ولم تكشف المصادر عن تفاصيل في الدعم الاميركي المتوقع، لكنها اشارت الى الدعم الاميركي المطلق للجيش والقوى الامنية. ولفتت الى ان الادارة الاميركية تريد من الدول العربية ان تُبقي على دعمها ومساعداتها للبنان، وبالتالي ان تُبقي على مظلتها حوله. وهذا موقف لا يتعلّق فقط بالمساعدات، إنما ايضاً له بعده السياسي القوي.
وسيمثّل الولايات المتحدة في مؤتمر روما ـ ٢، نائب مساعد وزير الخارجية السفير ديفيد ساترفيلد ومعه وفد ديبلوماسي، وآخر عسكري رفيع من وزارة الدفاع الاميركية.
وقالت المصادر الغربية، ان الاتصالات الفرنسية ـ العربية والدولية صبّت ايضاً في اطار هذا المنحى.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان المؤتمر في الاساس ينبثق عن مجموعة الدعم الدولية للبنان والتي انشئت العام ٢٠١٢ والتي تقوم على اربع ركائز هي:
– دعم الاستقرار
– دعم الاقتصاد
– دعم الجيش اللبناني
– مساعدة لبنان في ايواء النازحين السوريين.
والمجموعة في الاساس تشكلت من الدول في مجلس الامن، والامم المتحدة، لكنها باتت مفتوحة، بحيث ان كل دولة تريد ان تكون جزءاً منها، يفترض ان تستضيف على اراضيها مؤتمراً لتنفيذ احدى الركائز الاربع التي يقوم عليها عمل المجموعة. وايطاليا باتت جزءاً من المجموعة لانها استضافت عدداً من المؤتمرات لدعم الجيش على مستويات مختلفة، مثلما ان المانيا باتت جزءاً منها ايضاً كونها استضافت مؤتمرين للمساعدة في مسألة النازحين السوريين.
وتشير المصادر، إلى انه في المؤتمرات السابقة حول دعم الجيش، كانت قضية الهبة السعودية بأربعة مليارات دولار تطغى على اعمالها، بحيث ان كل الدول كانت مدركة انه مهما بلغت مساهماتها ومساعداتها للجيش، لن تستطيع ان تصل الى هذا المستوى من الدعم. لكن في ما بعد عادت الدول لتعلن عن التزاماتها بغض النظر عن مصير هذه الهبة.
ويبدو وفقاً للمصادر، ان منطق مساعدة الجيش لتقوية سلطة الدولة مهما كانت التحديات الداخلية المرتبطة بالسلاح غير الشرعي هو الغالب في التعامل الدولي مع تمويل الجيش. لانه في السابق كان يسود منطقان: الاول، يقول بأن هناك قلقاً من دعم الجيش طالما “حزب الله” يسيطر في البلد، وطالما انه مسلح، وطالما ان الجيش لا يقوى على استلام سلطة الدولة بالكامل، وان هناك تخوفاً من ان يستفيد الحزب من السلاح الذي يحصل عليه الجيش. والثاني يقول، اذا اراد المجتمع الدولي ان تتم تقوية سلطة الدولة، يفترض مساعدة الجيش. اذ يجب مساعدته في البداية ومن ثم محاسبة الدولة. وبالتالي، غلب المنطق الثاني بضرورة تقوية الدولة ثم مراقبة ادائها على صعيد بسط سلطتها سياسياً وامنياً على كامل البلاد.
الآن يبقى التنفيذ، اذ ان الاتصالات التي اجريت لتوفير تمويل ودعم للجيش كانت نتائجها ايجابية، مع الاشارة الى ان معظم الدول تواجه صعوبات مالية. ولمس لبنان ايجابيات اذ ستتركز مساعدة الجيش على قطع السلاح والتجهيزات وتبادل الخبرات والتدريب. وسيتوزع التمويل على الدول المشاركة. لا شك ان هناك اهتماماً دولياً كبيراً بدعم الجيش خصوصاً بعدما اثبت قدراته في محاربة الارهاب وبعد معركة الجرود تحديداً. كذلك هناك اهتمام كبير بالاستقرار في لبنان وسط اللهيب من حوله في المنطقة. ودعم الجيش يمثل هذا الاستقرار. وبالتالي، خطة لبنان موجودة وستطرح على المؤتمر لدعم الجيش وكافة القوى الامنية الاخرى والمهم مدى الالتزام، لان مبدأ الدعم متوافر. انه جهد دولي من اجل ان يقف لبنان على رجليه. هناك بوادر مشجعة، لكن من الضروري انتظار المداولات خلال انعقاد المؤتمر، واعلان النوايا لدعم الجيش اللبناني وكافة القوات المسلحة.
مؤتمر روما الاول انجز الكثير على الرغم من التشكيك. ويتوقع من مؤتمر روما ـ ٢ انجاز آخر، لا سيما وان دعم الجيش والقوى الامنية يرتبط، بالهدف الاساسي لمجموعة الدعم الدولية وهو تطوير الاقتصاد ودعمه، ولن يكون هناك اقتصاد قوي من دون الاستقرار. وبالتالي ان المؤتمرين الدوليين اللاحقين الاول في باريس لدعم الاقتصاد في ٦ نيسان المقبل، ومؤتمر بروكسل الدولي حول مساندة لبنان في ايواء النازحين السوريين الذي يليه فضلاً عن مؤتمر روما ـ ٢، ستشكل ثلاثتها حلقة متكاملة هدفها دعم لبنان. وساهم في انعقادها التوجه الجديد الذي اعتمدته الحكومة في النأي بالنفس عن اوضاع المنطقة ومشكلاتها وحروبها.
ثريا شاهين – المستقبل