اخبار محليةالرئيسية

الوطني الحر يصرّ على مقاعد جزين الثلاثة

ارتسمت قائمة المرشحين في دائرة صيدا ـ جزين، ودخلت القوى والتيارات السياسية والحزبية في متاهة تبلور اللوائح، التي يُتوقع ان تكون اربعا، وسط مروحة واسعة من اللاعبين المؤثرين التي تبدأ بـ «تيار المستقبل» والتنظيم الشعبي الناصري في صيدا، مرورا بـ«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» والعائلات السياسية في جزين، وصولا الى حركة «أمل» و«حزب الله» على امتداد الدائرة، ما يلقي الوزن السياسي لتلك القوى بثقله على مسار الانتخابات ونتائجها التي يعجز اي طرف الجزم بها، بالرغم من حجم الطموحات التي يضعها البعض، فيما الهواجس من المفاجآت تكبر… فالجميع، سيقرأ المشهد اكثر… من الانتهاء من صياغة التحالفات الانتخابية، بعد «ترسيم الحصص» الذي سيخضع بالضرورة لحسابات معقدة وحساسة.

كل القوى السياسية التي لم تُنجِز تحالفاتها الانتخابية بعد، برأي اوساط متابعة، تنتظر ان «يبق» الرئيس سعد الحريري… بحصته التي حُمِّل بها خلال زيارته الاولى الى السعودية، بعد ازمة الاقالة ـ الاستقالة «المتلفزة»، والتي جرت بتوقيت انتخابي، داخل «البحصة» خارطة جاهزة بكل تفاصيلها التي اُعِدَّت بعناية سعودية فائقة، تحاكي الرؤية المستقبلية للنفوذ الملكي في لبنان، بعد سلسلة طويلة من الاخفاقات والانكسارات، لم يكن آخرها تصدع العلاقة مع الرئيس الحريري والتداعيات التي تركها على العلاقة مع الشارع السني في لبنان، وباستثناء امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد الذي بكَّر في رسم مساره الانتخابي، بالتحالف مع المرشح عن المقعد الماروني في جزين المحامي ابراهيم عازار الذي يشكل تحديا حقيقيا لـ«الوطني الحر» في «عروس الشلال»، فان القوى والتيارات الحزبية والسياسية التي اعلنت عن مرشحين لها عن مقعدي مدينة صيدا السنيين، ما تزال منشغلة بترتيب اوضاعها وحسم ملف تحالفاتها الانتخابية، بما ينسجم مع الحصص المتوقع الحصول عليها، فـ «تيار المستقبل» ما زال يحافظ على مروحة واسعة من الاتصالات والجلسات مع «الجماعة الاسلامية» و«التيار الوطني الحر»، الذي يصر على التمسك بالمقاعد الجزينية الثلاثة، وهو عاد ليرجح كفة المرشح الكاثوليكي سليم الخوري الذي تلقى اشارات ايجابية من «الوطني الحر»، جعلته يتحدث عن «معركة اعادة احياء التمثيل الكاثوليكي في قضاء جزين، الذي تعرض لانتكاسات عديدة في الماضي»، وهمز من قناة «من يعنيهم الامر» اليوم.. ان من حق ابناء الطائفة الكاثوليكية ان يختاروا من يمثلهم اسوة بباقي المذاهب في هذه الدائرة»، في مقابل انكفاء واضح للمرشحين الكاثوليك المحسوبين على التيار، في ظل تقديرات لاوساط جزينية متابعة، تتحدث عن ابتعاد المسافة التي كانت قائمة بين التيارين، قبل زيارة الحريري الى السعودية وما حمل معه من اشارات في التقارب مع «القوات اللبنانية».

المتابعون ينظرون الى انتخابات الدائرة الاولى في الجنوب، التي تمتد خارطتها الجغرافية من مدينة صيدا دون قرى وبلدات قضائها، وجزين بقرى وبلدات قضائها، على انها تتجاوز بدلالاتها الحدود السياسية للدائرة، حيث ينطلق اللاعبون المؤثرون من ثابتة «كسر» الخصم السياسي ضمن الدائرة وعلى المستوى العام، سيما وان الحصة النيابية لجزين، خضعت لـ «نزاع» في دورات انتخابية سابقة، واستقرت في انتخابات صفقة الدوحة عام 2009 على استئثار «التيار الوطني الحر» بالمقاعد الجزينية الثلاثة، بعد ان اخرجت تأثير الناخب الشيعي في الجنوب من دائرة التأثير المباشر على التمثيل النيابي لجزين، بعد ان كان النواب الجزينيون، ومنذ اول انتخابات نيابية جرت بعد اتفاق الطائف في العام 1992 في عداد الكتلة النيابية التي يرأسها الرئيس نبيه بري، وهي اعتبارات حساسة لدى الطرفين، تحضر بقوة في المعركة الانتخابية في دائرة صيدا ـ جزين، بالتزامن مع سخونة تطغى على العلاقات المتوترة تارة والمتأرجحة تارة اخرى، بين الممسكين بالسلطة، وبخاصة بين الرئيس بري وحركة «أمل» من جهة و«التيار الوطني الحر»، فيما تشير اوساط صيداوية متابعة الى ان مساع من اصدقاء مشتركين نشطت مؤخرا، للبحث في امكانية ضم الدكتور عبد الرحمن البزري الى اي لائحة يكون فيها «تيار المستقبل» مع احد «حليفيه» «التيار الوطني الحر» او «القوات اللبنانية»، من دون ان تظهر مؤشرات حاسمة في هذا السياق، وتشير الى ان الحديث عن اجواء ايجابية تسود العلاقة بين النائب بهية الحريري والدكتور عبد الرحمن البزري من جهة، والمشاورات التي لم تنقطع بين «التيار الوطني الحر» و«الجماعة الاسلامية»، يندرج في سياق «تقطيع الوقت» والحفاظ على خطوط مفتوحة مع تحالفات قد تُفرض، فلا مصلحة لاحد باقفال ابوابه امام ما يمكن ان تفرضه ظروف الايام القليلة التي تسبق موعد تشكيل اللوائح كشريك في اللائحة .. كل ذلك سيكون مرهونا بـ «بق البحصة» الانتخابية الوافدة من خارج دائرة صيدا وجزين.

سيكون «تيار المستقبل مسكونا بهاجس حجم قوته التجييرية في صيدا، وسط قناعة اثبتتها قراءات متعددة خلصت الى ان «التيار» سيفقد بعض عناصر القوة التي كانت متوفرة في انتخابات العام 2009، ويقول متابعون في هذا السياق، ان «التيار» الذي حصد ما يفوق الـ 25 ألف صوت، نجح في جذب قواعد شعبية من خارج «التيار»، ويعرف القاصي والداني ان جمهور الشيخ احمد الاسير المحكوم بالاعدام على خلفية احداث عبرا عام 2013، صبّ اصواته الى لائحة «المستقبل» واقترع لثنائية النائبة بهية الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، كما نجح في توافق انتخابي اثمر اقتراعا في صيدا في مقابل ترشيح نائب للجماعة في بيروت، وهو امر متعذر اليوم، الا اذا حدثت متغيرات جوهرية على المسار الانتخابي لـ «المستقبل» تعيد مثل هذه المقايضة مع الجماعة»، اضافة الى استخدام امكانيات مالية لاطلاق اسطول جوي من بلاد الاغتراب الى بلاد الاقتراع، يومها قُدر عدد المقترعين الوافدين من الخارج بـ 4500، وبالتالي، فان «المستقبل» لن تغريه اصوات انتخابات العام 2009، وهو يدرك حقيقة انه لا يمكنه التعويل على نتائجها، سيما وان قانون «النسبية» مع «الصوت التفضيلي»… وجغرافية الدائرة الانتخابية وتعدد اللاعبين المؤثرين… كل ذلك سيُبعد المقعد السني الثاني في صيدا عن «المستقبل».

 

 

محمود زيات – الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى