
لا تزال أصوات عشرات آلاف المغتربين الذين تسجلوا للتصويت في الانتخابات النيابية المقبلة في مهب الريح. اذ أُقفل باب التسجيل ليل الخميس على مشهد مُلبّد وحالة ضياع لدى كل القوى السياسية في مقاربة الملف.
اذ إن “الثنائي الشيعي” استدرك قبل ساعات من اقفال باب الاقتراع أن إحجام المغتربين الشيعة كليا عن التصويت قد يلعب ضده، لذلك نظّم حملة متأخرة لتشجيع من يعتقدون أنهم قادرون على التصويت لمصلحته دور التعرض لأي ضرر في الدول التي يعيشون فيها للتسجيل.
بالمقابل، فإن القوى التي تُعرّف عن نفسها بـ “السيادية” والتي كانت تحمّس المغتربين على التسجيل والتصويت بكثافة من الخارج واعدة اياهم بتعديل القانون ليصوتوا لـ ١٢٨ نائبا، ظلت تخشى أن يبقى قانون الانتخاب على حاله ويقتصر تأثير هؤلاء على مصير نواب الاغتراب الـ ٦، لذلك وضعت في حساباتها أن عدم اقدام، من يستطيعون أن يحضروا الى لبنان للاقتراع مباشرة، على التسجيل للتصويت من الخارج، قد يكون هو السيناريو الأفضل لها.
وبالمعطيات الراهنة، يوضح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أن “باب التسجيل للمغتربين أُقفل ليل الخميس على 152050 ألف ناخب مسجل مقارنة بـ 244442 عام 2022، وهو رقم انخفض الى 225 ألفا بعد أن دققت فيه وزارة الداخلية وبالتالي الرقم الحالي مرشح للانخفاض الى 120 أو 130 ألفا، اي سيكون أقل بحوالى 100 ألف عن الانتخابات الماضية”.
ويتحدث شمس الدين لـ “الديار” عن ٣ أسباب أدت إلى تراجع أعداد المسجلين، “أولا حصر حق تصويت المغتربين بـ ٦ نواب وهو ما يرفضه قسم كبير منهم. أما الامر الثاني، فهو تخطيط أعداد كبيرة منهم للحضور للاقتراع في لبنان للنواب الـ ١٢٨. أما الامر الثالث فهو الاحجام نتيجة عدم الثقة واليأس من الطبقة السياسية”.
وعن مصير تصويت المغتربين، يشير شمس الدين الى عدة سيناريوهات، أولا، الذهاب لانتخابات وفق القانون الحالي أي لـ ٦ نواب بعد أن يصدر مرسوم عن مجلس الوزراء يوزعهم على القارات الـ ٦. ثانيا، الغاء حق الاقتراع كليا بالخارج وتأجيل الانتخابات حتى شهر آب المقبل بحيث يأتي ما بين 400 و 450 الف مغترب ليشاركوا في الاقتراع في دوائرهم الانتخابية. أما الاحتمال الثالث، فيقول بتعديل القانون الحالي بحيث يصوت المغتربون من الخارج للنواب الـ ١٢٨ ويُفتح باب التسجيل من جديد كما طلبت الحكومة حتى نهاية العام الحالي”.
ويعتبر مصدر سياسي معني بالملف في حديث لـ “الديار” أن “الكرة راهنا في ملعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لا يبدو أنه بصدد التراجع قيد أنملة في معركة تصويت المغتربين ما يرجح عدم عرضه مشروع قانون الحكومة على التصويت واحالته الى اللجان. وفي ظل اعلان الوزارات المعنية استحالة وضع أطر تنفيذية تسمح بتصويت المغتربين لـ ٦ نواب حصرا، يتقدم سيناريو حصر اقتراع المغتربين في الداخل (عبر السفر الى لبنان) على غيره من السيناريوهات بانتظار التوقيت السياسي المناسب لاعلان ذلك”.
بالمحصلة، سيدفع المغتربون مرة جديدة فاتورة الصراع السياسي الداخلي المحتدم والاهتزاز غير المسبوق الذي يشهده ميزان القوى الحالي، على أن تحسم نتائج الاستحقاق النيايي في أيار المقبل دفة الميزان والاكثرية النيابية الجديدة التي ستحكم البلد.




