ردّ لبناني مُوحّد بانتظار بارّاك: الكرة في الملعب «الإسرائيلي»
بولا مراد - الديار

أوصل حزب الله لمن يعنيهم الامر ردا سلبيا على ما ورد في ورقة المبعوث الاميركي توم برّاك، وبالتحديد بالنقطة المرتبطة بتسليم سلاحه شمالي الليطاني. الرد وصل عبر القنوات المفتوحة بين حارة حريك والرئاستين الاولى والثالثة، وبالتحديد من خلال رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كما بشكل مباشر وشديد الوضوح في خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في ختام مراسم يوم العاشر من محرم، اضافة الى خطابات مسؤولي الحزب في المناطق، ومفاده أن لا تسليم للسلاح قبل تنفيذ «اسرائيل» تعهداتها الواردة في اتفاق وقف النار وعلى رأسها وقف خروقاتها، الانسحاب من النقاط المحتلة، واعادة الاسرى.
وبحسب مصادر مطلعة فان الرئاسات الثلاث انتهت من صياغة رد رسمي لبناني موحد، سيتم تسليمه لبرّاك الذي يلتقي المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون اليوم الاثنين، لافتة الى ان «الرد يختصر واقع الامور الحالي، وبالتحديد عدم التزام «اسرائيل» باتفاق وقف النار، ويدعو للضغط عليها لتنفيذ تعهداتها، وبالوقت عينه يؤكد جهوزية لبنان لانجاز عملية حصر السلاح بيد الدولة، فور قيام «تل ابيب» بخطوة اولى تؤكد نياتها… وبالتالي، هو يلقي الكرة في الملعب الاسرائيلي».
وتضيف المصادر لـ «الديار»:»لا شك ان الرد يتعاطى بايجابية مطلقة مع ما ورد في الورقة من مطالب مرتبطة بالملف السوري، لجهة ترسيم الحدود البرية والبحرية، كما الملف الاصلاحي والمالي، مع التشديد على وجوب اطلاق عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم بأسرع وقت ممكن، كما على اهمية التعاون الدولي لإطلاق عملية اعادة الاعمار».
وتشير المصادر الى ان «الخشية هي عدم تعاطي واشنطن و»تل ابيب» بايجابية مع الرد اللبناني، نتيجة الاجواء الضاغطة المتواصلة من واشنطن، والحديث عن انتهاء المهل»، منبهة الى «اقدام اسرائيل على ممارسة ضغوط عسكرية اكبر على لبنان، او حتى الانصراف الى جولة جديدة من الحرب».
موقف حزب الله
وفي خطابه امام الآلاف الذين تجمهروا لاحياء ذكرى عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت، قال الشيخ قاسم:»نحن في لبنان نواجه العدو «الإسرائيلي» للدفاع عن بلدنا ومقاومتنا، وهذا الدفاع سيستمر، ولو اجتمعت الدنيا بأسرها من أولها إلى آخرها»، مضيفا: «يعملون على تهديدنا، ويروجون بأن علينا أن نخضع إذا لم يكن هناك اتفاق جديد، أو إذا لم تكن هناك خطوات منا إليهم. هذا التهديد لا يجعلنا نقبل الاستسلام. لا يقال لنا: لينوا مواقفكم، بل يقال للعدوان: توقف. لا يقال لنا: اتركوا السلاح، بل يجب على أولئك الذين يتفرجون أو يُضيقون علينا أن ينضموا إلى منظومة الدفاع برعاية الدولة، التي عليها أن تتصدى بكل الوسائل إن لم تنفع الديبلوماسية».
ولفت قاسم الى «اننا أمام مرحلتين متتاليتين: المرحلة الأولى الاتفاق، والمرحلة الثانية تطبيق القرار 1701. موقفنا أننا مع الانتهاء من المرحلة الأولى. أولًا، يجب على «إسرائيل» أن تُطبق الاتفاق: أن تنسحب من الأراضي المحتلة، أن تُوقف عدوانها، أن تُوقف طيرانها، أن تُعيد الأسرى، وأن يبدأ الإعمار. عندما تتحقق مفردات الاتفاق والمرحلة الأولى، نحن حاضرون للمرحلة الثانية، حاضرون لِنناقش الأمن الوطني والاستراتيجية الدفاعية، حاضرون لنرى كيف يكون بلدنا قويا في الاقتصاد والعسكر والأمن والسياسة وبناء الدولة».
واعلن أن حزب الله مستعد للخيارين، «مستعدّون للسلم وبناء البلد، وبذل أقصى الطاقة والتعاون بما التزمنا به، ومن أجل النهضة والاستقرار. ونحن جزء لا يتجزأ من سلام لبنان، وبناء لبنان، وعزّة لبنان، كما أننا مستعدّون للمواجهة والدفاع».
كذلك وفي كلمة له في مراسم احياء ذكرى عاشوراء، اعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن عز الدين أن «ما يريدونه من خلال هذه الورقة الجديدة التي قدمها المبعوث الأميركي ومن معه من الحلفاء من الأنظمة العربية او الدول الغربية، هو أن يفرضوا شروطهم علينا وعلى لبنان، ولكننا نقول لهم إن هناك اتفاقا جرى توقيعه لوقف إطلاق النار، قبلته الدولة اللبنانية ووافقت عليه والتزمت به المقاومة، ولكن العدو لم يلتزم به ولم يطبّقه بل خالف كل القوانين الدولية، وكل القواعد التي تُلزم من يوقع عليها بأن يحترمها، وخصوصا أن لجنة الاشراف على هذا الاتفاق هي أميركا وفرنسا، وهما الضامنان والراعيان له» .
ودعا الحكومة اللبنانية الى اتخاذ «موقف سيادي واضح ومستقل، ترفض فيه كل الذي يقدمونه ويضغطون من خلاله، ليبتزونا ويتدخلوا في شؤوننا الداخلية» ، مشددا على «ضرورة أن تصمد هذه الدولة، وأن يكون هناك موقف شعبي موحد إزاء هذه المسألة، لأن هذه هي القوة والقدرة التي نستطيع من خلالها أن نواجه كل هذا الابتزاز والتدخلات الخارجية، عربية كانت أو أجنبية» .
استياء «قواتي»
وبدا ان انصراف الرئاسات الثلاث لصياغة ردّ لبنان الرسمي على ورقة برّاك، لم يرق حزب «القوات اللبنانية» الذي اصدر رئيسه سمير جعجع يوم أمس بيانا استهجن فيه تخطي مجلس الوزراء، متسائلا:»هل عدنا إلى بدعة نظام الأسد في الترويكا اختصارًا للمؤسسات اللبنانية كلها، هذه البدعة التي خربّت لبنان؟
– ثانيا: من يقوم بالتفاوض في الوقت الحاضر؟ هل الدولة اللبنانية أصبحت بانتظار ما سيقوله حزب الله، أم ان العكس كان يجب ان يحدث، بمعنى ان يكون حزب الله بانتظار قرار الحكومة اللبنانية؟
– ثالثا: إن من يعمل على إضاعة هذه الفرصة سيتحمّل مسؤولية كبيرة امام اللبنانيين جميعا وأمام التاريخ».
وشدد جعجع على وجوب اجتماع الحكومة اللبنانية «من دون إبطاء، وان تحضِّر ردا وطنيا لبنانيا على المقترح الاميركي بما يؤمِّن فعليا، وليس خطابيا، الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ووقف اعتداءاتها، كما يؤمِّن قيام دولة فعلية تسهر هي على مصالح اللبنانيين ومستقبل أولادهم»، وأضاف: «كفى تلاعبا بمصير لبنان واللبنانيين تعزيزا لموقع إيران في المفاوضات الدولية المقبلة» .
مصادر وزارية: الا تمثل الرئاسات الـ3 بالنسبة لجعجع لبنان الرسمي؟
واستغربت مصادر وزارية تصريحات جعجع، لافتة في تصريح لـ<الديار» الى ان «اجتماع الحكومة حتمي لإقرار الرد اللبناني، الذي صاغته لجان منتدبة عن الرئاسات الـ3»، متسائلة:<الا تمثل الرئاسات الـ3 بالنسبة لجعجع لبنان الرسمي؟»
سلام: لا استقرار من دون انسحاب «إسرائيل» الكامل من لبنان
وكان رئيس الحكومة نواف سلام الذي زار البقاع الغربي وراشيا والبقاع الأوسط يوم أمس، شدد على ان «لا استقرار في البلاد من دون انسحاب «إسرائيل» الكامل من لبنان ووقف اعمالها العدوانية، كما ان لا استقرار دون شعور كل المواطنين بالأمن والأمان أينما كانوا في ربوع الوطن مما يتطلب بدوره حصر السلاح بيد الدولة وحدها». وأضاف:»لكن هذا نصف الحقيقة فقط لان ثبات الاستقرار في البلاد انما يتطلب ايضًا شبكات امان اجتماعي حقيقية تحفظ كرامة المواطنين». وقال:»استعادة الدولة تمرّ عبر استكمال اتفاق الطائف، وخصوصًا اللامركزية الموسّعة والإنماء المتوازن»، مضيفا «لا يمكن أن تقوم دولة من دون حصر السلاح بيدها».