اخبار محليةالرئيسية

سُنّة العاصمة غير راضين على «ائتلاف الأحزاب»: هل تستقطب لائحة الجمل «المستقبليين»؟

لينا فخر الدين - الاخبار

كلّما اقترب موعد الانتخابات البلدية والاختياريّة في بيروت، ازداد التشكيك في القدرة على الحفاظ على عُرف المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي، فيما يُتخوف من انسحاب غياب التمثيل المسيحي في بلدية طرابلس، على العاصمة.

ما يعزّز هذه القناعة، هو انخفاض نسبة الاقتراع تقليدياً في بيروت، والتي لا تصل إلى أكثر من 24% (نحو 115 ألف ناخب). ويزيد من احتمال انخفاض نسبة الاقتراع، عدد المرشحين المرتفع وتوزّعهم على ست لوائح (بعضها غير مكتمل)، لكنّ العامل الأهم، يبقى متمثلاً في غياب الرئيس سعد الحريري عن المشهد الانتخابي. وهو ما انعكس على التصويت في عددٍ من المناطق السنيّة.

عزوف الحريري عن الترشّح سيحُول دون صبّ القوّة التجييريّة الأكبر بين الناخبين السنّة لصالح اللائحة الائتلافيّة «بيروت بتجمعنا» برئاسة إبراهيم زيدان، والأرجح أن تتقاسم «الصحن» مع اللائحة المدعومة من الجماعة الإسلامية والنائب نبيل بدر، والتي أُطلق عليها اسم «بيروت بتحبّك» برئاسة العميد المتقاعد محمود الجمل.

ويُعد الأخير، من الرموز البيروتيّة الشعبية وواحداً من قياديي «المستقبل»، ولديه علاقات قوية مع عائلات المدينة، كما له خدماته في أحياء العاصمة.

ويضاف إلى ذلك، سيرته الحسنة وسيرة عائلته، ومنها العميد الشهيد نور الدين الجمل، ما سيُحصّن موقعه الانتخابي لدى «البيارتة»، على غرار ما حصل في الانتخابات النيابيّة الماضية، حينما تمكّن الجمل من الحصول على 3500 صوت.

الحريري يُعمّم على منسّقيّة «المستقبل» في بيروت عدم
التدخل في العملية الانتخابية وعدم تشغيل أي ماكينة

وإلى جانب الجمل، تمكّن بدر من «طبخ» توليفة بيروتيّة مضادة للائحة الأحزاب، عبر ترشيح بعض الشخصيات البيروتية التي لها حيثيتها المستقلة في العاصمة (كمروى غزيري). كما أخذ في الاعتبار التوازنات العائليّة، كاستغلاله عدم ضمّ مرشح من آل عيتاني (التي تُعدّ من العائلات البيروتية الأساسيّة) إلى لائحة «بيروت بتجمعنا»، ليضمها إلى لائحته عبر المحامي رامي عيتاني. كما عمل بدر كذلك على تشتيت أصوات عائلات ممثّلة على لائحة الأحزاب، عبر اختيار مرشحين آخرين لها على لائحته، كمشاقة وأندريا وسنّو. هذا معطوفاً على حضور مقبول للجماعة الإسلامية في العاصمة.

الشرعية الشعبية
وإذا كانت «توليفة بدر – الجماعة» قادرة على خلق «مزاج سنّي» داعم، فإنّ الجمل الذي تسلّم منسقية بيروت في «المستقبل» على مدى سنوات طويلة، يعرف تماماً مكامن «القوة»، وهو يسعى إلى الغرف منها عبر زياراته اليومية في شوارع المدينة وأزقتها. وهو الرجل الذي يجلس في المقاهي والمحالّ في الأحياء الشعبية، ويتحدّث عن المشاريع الإنمائية التي يحملها، على وقع «الزفات» والأهازيج الشعبيّة.

ويُركّز على زيارات رمزيّة إلى بعض البيوتات التقليدية، بدأها من وجوه أساسيّة من المشايخ، كمدير الشؤون الإداريّة في دار الفتوى الشيخ صلاح الدين فخري. كما زار «مسجد علي بن أبي طالب» في طريق الجديدة، حيث كان في استقباله إمامه، الشيخ حسن مرعب.

مكوكيّة «بيروت بتجمعنا»، إضافةً إلى «اللوبي السني» الدّاعم لها، الذي ظهر خلال حفل إطلاق اللائحة منذ يومين، يشيان بـ»شرعيّة شعبية سنيّة»، لا يحظى بها النائب فؤاد مخزومي، الذي يُعد عرّاب اللائحة الائتلافيّة الحزبيّة. مع العلم أن «جمعيّة المشاريع الخيرية الإسلاميّة» تُعبّئ بيئتها البيروتيّة ليوم الانتخاب، خصوصاً أنّ قدرتها التجييريّة لم تتزحزح.

تجييشٌ ضد «المشاريع»
في مقابل ذلك، تشهد الجلسات الانتخابيّة البيروتية ومواقع التّواصل الاجتماعي تحريضاً على جمعية المشاريع ومخزومي، وبدرجة أقل على مرشحي حزب الله وحركة أمل، لعدم قبول الشارع بهذا التحالف «الانتخابي الظرفي القائم على التناقضات». وأفضت الحملة المُمنهجة ضدّ «الأحباش» إلى تعميم أسماء المرشحين للانتخابات البلدية والاختياريّة، المحسوبين عليها، بهدف تشطيبهم لاعتبارات عقائدية – سياسيّة، مقابل تعميم لوائح تُنشر من دون معرفة مصدرها، وتتضمّن أسماء تمتلك مقبوليّة لدى الشارع، وهي «كوكتيل أسماء» منتقاة من أكثر من لائحة. ويُضاف على هذا الجو حملة ضدّ مخزومي أيضاً، تتضمن إعادة بث بعض تصريحاته التي يهاجم فيها الرئيس رفيق الحريري، وتصويره على أنّه يريد فرض زعامته على جمهور «المستقبل» والبيارتة.

ويُستخلص من هذه الأجواء، تعزيز فرضية التشطيب ضمن جمهور لائحة الأحزاب، وهو ما ينسحب، وإن بدرجة أقل، على الشارع المسيحي، خصوصاً أن لا صورة جامعة للمسؤولين الحزبيين كمسؤولي «القوات اللبنانية» وحزب الله مثلاً، بهدف تنفيس الاحتقان الشعبي على خلفيّة الانقسامات السياسيّة.

مع العلم أنّ الأحزاب المسيحية استنفرت لمنع تعميم هذا الجو داخل الجمهور المسيحي، وتأكيد التزامها باللائحة على اعتبار أنّ التخلّف عن ذلك يطيح المناصفة، وهو ما لا يريده شارعها. وهو أيضاً ما عمّمه «الثنائي» على مناصريه بضرورة التقيّد باللائحة بجميع مرشحيها باعتباره «التزاماً أخلاقياً» قبل أن يكون التزاماً سياسياً، داعياً في رسائل إلى المشاركة في الانتخابات الأحد المقبل، كي يكون الحزب والحركة «لاعبَين أساسيَّين في العاصمة وقوّة ناخبة، خصوصاً أنّ مشاركة الثنائي في هكذا لائحة ليست جديدة على اعتبار أن التعاون بين الأحزاب في الملفات التي تخصّ قضايا الناس قائم». كما أشار إلى أن «حرص الجميع بل اضطرارهم إلى التمسّك بدور الثنائي كضامن للمناصفة، يجب أن يكون دافعاً لتجاوز بعض المُلاحظات والمشاركة».

وبالتالي، فإنّ الحديث المنتشر عن التشطيب، في حال صح، يهدّد إمكانية وصول لائحة «بيروت بتجمعنا» بكامل مكوّناتها، خصوصاً أنّ لائحة ائتلاف الأحزاب في عام 2016 لم تتمكن من تسجيل فارق كبير (مقارنةً بالدورات السابقة) في الانتخابات البلدية، في ظلّ وجود الحريري في الاستحقاق، إذ حصل رئيسها جمال عيتاني في حينه على 45874 صوتاً، فيما نال المرشح للرئاسة على لائحة «بيروت مدينتي»، النائب الحالي إبراهيم منيمنة، 31933 صوتاً.

«المستقبل» يميل إلى بدر؟
وما يزيد الأمور بلّة هو عدد من الإحصاءات التي أشارت إلى إمكانية أن يصبّ جمهور «المستقبل»، في صالح لائحة الجمل من دون تعليمات رسمية. وهو ما بدا واضحاً عبر نجاح الأخير في استقطاب المفاتيح الانتخابيّة المحسوبة على «التيار الأزرق» بعدما رافقه بعضهم إلى عدد من الزيارات، إضافةً إلى عملهم على الأرض لصالح «بيروت بتحبّك».

وعليه، تخشى لائحة «بيروت بتجمعنا» من إمكانيّة إطلاق المستقبل إيعازاً من تحت الطاولة لصالح الجمل، للوصول إلى نتيجة تُؤكد أهمية الحريري في اللعبة الانتخابية، كضامنٍ وحيد للمناصفة في العاصمة.

هذا الأمر تنفيه أوساط بيروتيّة متابعة للانتخابات، إذ تؤكّد أنّ الحريري أبلغ رسمياً منسّقيّة بيروت والمسؤولين فيها بعدم التدخّل في الانتخابات، فرادى أو مجموعات، وعدم انضوائهم في إطار أي ماكينة انتخابيّة، حتّى لا يُحرج نفسه أو يحرج الإماراتيين الذين تعهّدوا للسعوديّة بالتزامه قرار العزوف عن الاستحقاق الانتخابي. كما يظهر احترام «الحريريين» لقرار رئيسهم بالغياب الكامل لرئيس «جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة»، أحمد هاشمية، الذي كان من المتوقّع أن يعمل بشكلٍ منفصل عن «المستقبل» ولا يلتزم بقرار الحريري، باعتباره غير منظّم في التيّار، ومن منطلق أنّه ابن العاصمة.

وأدّى الكلام المنقول عن الحريري إلى ارتياح لدى ماكينات الأحزاب ضمن «بيروت بتجمعنا»، التي تبدو أيضاً مطمئنّة للوضع العام، بعدما اجتمع المسؤولون الحزبيون على كلمة واحدة تؤكّد أنّ التشطيب هو عدوّهم الوحيد الذي سيؤدّي إلى «تطيير المناصفة».

وتعهّدوا بالتقيد باللائحة، خصوصاً أنّ تحالف ائتلاف الأحزاب مردّه إلى تحاشي الاستقالات والاعتراضات والطعن في الانتخابات في اليوم التالي لصدور النتائج.

وهو أمر يتطابق مع ما كشف عنه من أن الأحزاب المسيحية هدّدت بالاعتصام والإيعاز إلى مرشحيها بالاستقالة في حال وصولهم إلى مجلس لا يحترم المناصفة، فيما التزمت مع حزب الله بأنّها لن تعمد إلى تشطيب مرشحيه، وهو ما التزم به النائب فؤاد مخزومي أيضاً. وقد أوعزت، بنتيجة ذلك، جميع الأطراف الداعمة للائحة «بيروت بتجمعنا» إلى جماهيرها بضرورة التصويت للائحة كاملةً منعاً لأي خرق، وبالتالي المسّ بالمناصفة.

وتعتقد هذه الماكينات بأنّها قادرة على تحشيد نحو 45 ألف صوت، كما حصل في عام 2016، ما سيمكّن مرشحيها من اكتساح المعركة في حال عدم ارتفاع نسبة الاقتراع عن الدورة الماضية، وبالتالي ضمان المناصفة.

وهم يرجّحون أنه لن يكون بمقدور اللوائح المنافسة تشغيل ماكيناتها الانتخابية بطريقة مثالية وتأمين وصول «البيارتة» القاطنين خارج العاصمة، إلى مراكز الاقتراع، في ظلّ إشارة جميع المتابعين إلى أنه لا توجد مظاهر إنفاق مالي من أي طرف حتّى الآن، وهو ما يتبيّن في غياب المكاتب الانتخابية في ضواحي بيروت، حيث يتركّز سكن أهالي بيروت. كما يؤكّد هؤلاء أنّ جميع اللوائح الأخرى ستأكل من صحن بعضها، إن كان من لائحة بدر أو لوائح المجتمع المدني، ما سيصبُّ في صالح لائحة «بيروت بتجمعنا».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى