اخبار عربية ودوليةالرئيسية

تعثر المساعي الخليجية لمقايضة التريليونات بالضغط الأميركي لإنهاء حرب غزة

تعمّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب عدم ذكر “إسرائيل” في كل خطاباته التي ألقاها خلال جولته الخليجية، بعكس ما فعل في زيارته السابقة قبل ثماني سنوات، عندما كرّسها لتسويق التطبيع الخليجي الإسرائيلي وصفقة القرن، وسيكون حدثاً له معانٍ وأبعاد أن يكون الرئيس الأميركي في المنطقة في اليوم الذي تحتفل فيه “إسرائيل” بيوم ميلادها الذي تسميه يوم الاستقلال في 15 أيار، ولا يقوم بزيارتها ومشاركتها احتفالاتها، كذلك كان لافتاً أن الرئيس الأميركي لم يشترط على السعودية في كثير من الصفقات ذات الخصوصيّة مثل المفاعلات النووية والاسلحة الحديثة، ان تذهب إلى التطبيع مع “إسرائيل”، تاركاً انضمام السعودية إلى ما أسماه الخيار الإبراهيمي لتوقيت تختاره السعودية وتراه مناسباً، بينما تعمّد الرئيس ترامب عند الحديث عن المفاوضات حول الملف النووي الإيراني إظهار تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق مناسب، مشيراً إلى احتمال الفشل في التوصل إلى اتفاق دون التهديد بالحرب بل بالعودة إلى العقوبات ولما يصفه بالضغوط القصوى. وعندما تحدث عن لبنان أعاد توصيف حزب الله بالإرهاب العقبة أمام تقدّم لبنان، لكنه لم يتحدث عن نزع سلاح حزب الله كشرط لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار أو كشرط لإعادة الإعمار، ولم يضمّن كلامه أي إشارة للحديث عن انضمام لبنان إلى مسار التطبيع، بينما تعمّد أن يشير في بيان البيت الأبيض عن لقائه برئيس سورية الانتقالي احمد الشرع إلى أنه طلب من الشرع التطبيع والانضمام الى الاتفاقات الإبراهيميّة، مضيفاً أنه سمع جواباً إيجابياً من الشرع.
في لقاء ترامب الشرع بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومشاركة حلقة فيديو للرئيس التركي رجب أردوغان، طلب ترامب ضمانة السعودية وتركيا لالتزام النظام الجديد في سورية بالشروط الأميركية لرفع العقوبات، وأبرزها التطبيع مع “إسرائيل”، وملاحقة المقاومة الفلسطينية، وإنجاز مصالحة وشراكة كاملة في الحكم مع جماعة قسد، بعدما أنهى قرار حل حزب العمال الكردستاني ذريعة تركيا لاستبعاد قسد عن بنية مؤسسات الدولة الجديدة، وترحيل المقاتلين الأجانب وإبعاد رموزهم عن مراكز الجيش والأمن العليا، والتعاون في ملاحقة المطلوبين على لوائح الإرهاب الأميركية والشراكة في الحرب على داعش، والالتزام بعدم بناء جيش يسبب القلق لـ”إسرائيل”.
بالتوازي كانت محاولة القمة الخليجية ومن بعدها سعي أمير قطر، للاستثمار على البعد المعنوي لزيارة ترامب للدفع باتجاه وقف الحرب على غزة، وحتى ما بعد منتصف الليل كانت مساعي التوصل إلى صفقة تتعثر، بينما تتعالى الصرخات المحذرة من كارثة مجاعة حقيقيّة تتفشّى في غزة وتهدّد حياة المئات بالموت جوعاً.

وفيما خطفت الأضواء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج والقمم التي عقدها في الرياض والقرارات الصادرة عنها، برز ما قاله ترامب في خطابه حول لبنان بأن «هناك فرصة في لبنان للتخلّص من سطوة حزب الله»، مشيراً إلى أن «فرصة لبنان تأتي مرة في العمر ليكون مزدهراً وفي سلام مع جيرانه»، مشيراً إلى أنه «يمكن للرئيس اللبناني جوزاف عون بناء دولة بعيدًا عن حزب الله»، بينما أعلن وليّ العهد السعودي دعم المملكة لاستقرار لبنان. مؤكداً «ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية»، مجددًا دعم المملكة للجهود الرامية إلى إحلال الاستقرار في لبنان.
ورأت مصادر سياسيّة أن كلام ترامب ينطوي على رسالة ترهيب وترغيب للبنان للسير بالمشروع الأميركيّ بالسلام والتطبيع العربي – الخليجي مع “إسرائيل”، وذلك بعدما تحدثت المعلومات أن رئيس المرحلة الانتقالية في سورية أحمد الشرع وافق خلال لقائه في قمة الرياض الأميركية – السعودية الخليجية على الشروط الأميركية – الإسرائيلية وفي مقدمتها الانضمام الى الاتفاقات الإبراهيمية. وحذرت المصادر عبر “البناء” من تشديد الضغوط السياسية والدبلوماسية والمالية والاقتصادية على لبنان لفرض الشروط الخارجيّة وأخطرها الضغط الأميركي لنزع سلاح حزب الله بالقوة تحت تهديد عودة الحرب الإسرائيلية ولحاق لبنان بسورية بموضوع السلام والتطبيع مع “إسرائيل”. ولفتت المصادر إلى أن وقائع قمم الرياض ستترك تداعياتها الكبرى على المنطقة برمّتها، ومن ضمنها لبنان، وبالتالي الأشهر القليلة المقبلة ستكون حافلة بالتطورات الداخلية، لكن أي ضغط على لبنان في هذه الملفات سيهزّ الاستقرار والسلم الأهلي، ما يستوجب من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة احتواء هذه الضغوط ومعالجة الأزمة بحكمة ووطنية. وتوقعت المصادر أن تبدأ جبهة داخلية – خارجية بإثارة ملف سلاح المقاومة والتطبيع مع “إسرائيل” بشكل واسع جداً للضغط بهذا الاتجاه بموازاة تكثيف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.
في المقابل، جدّدت مصادر مطلعة على موقف المقاومة استعدادها للحوار مع رئيس الجمهورية حول استراتيجية الأمن الوطني وليس على قاعدة ما يريده البعض بنزع أو سحب سلاح حزب الله، وذلك بعد الانسحاب الإسرائيلي من التلال الخمس والنقاط المتنازع عليها إلى الحدود الدولية المعترف بها في الأمم المتحدة، وضمانات بأن لا تكرّر “إسرائيل” عدوانها على لبنان. وأوضحت المصادر لـ”البناء” أننا لا زلنا في حالة الحرب من خلال الاحتلال والاعتداءات على المواطنين في القرى وانتهاك السيادة عبر المسيّرات المستمرة من دون أي رادعٍ وبالتالي أي عاقل يمكن أن يسلّم أوراق القوة التي يملكها لبنان في أي مفاوضات تحصل في وقت لاحق على الحدود البرية وحقوق لبنان.
وكشفت المصادر أن التواصل مع رئيس الجمهورية مستمر ويجري البحث حول أفكار عامة بما يخص الأخطار والتهديدات التي تواجه لبنان واستراتيجية مواجهتها، لكن لا حديث عن مصير السلاح في ظل استمرار العدو الإسرائيلي في احتلال جزء من الجنوب والاعتداء عليه، موضحة أن حزب الله مستعد لبحث دور ووظيفة المقاومة في الدفاع عن لبنان ضمن إطار مشروع الدولة الدفاعيّ، وبالتالي لا تسليم للسلاح كما يحلم أو يراهن بعض الداخل والخارج.
ولفتت إلى أن “المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس حاولت حشر الدولة اللبنانيّة والحكومة بمهلة معينة لحل مسألة السلاح، لكن رفض قيادة المقاومة والموقف اللبنانيّ الموحّد والتطوّرات التي شهدتها المنطقة تجاوزت تلك المهل وفرضت واقعاً جديداً على الأميركي والإسرائيلي، لا سيما أن هذه المعطيات والتطوّرات على الساحة الإقليمية لا تصبّ في مصلحة رئيس الحكومة الإسرائيلية، حيث إن الولايات المتحدة الأميركيّة تحاول فرض مشروعها في المنطقة وتحقيق مصالحها الحيويّة والاستراتيجيّة وبالتالي لم تعُد تستطيع تغطية مشروع نتنياهو المستند الى الحروب وإشعال الوضع في الشرق الأوسط”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى