اخبار عربية ودوليةالرئيسية

“تحالف” سوريّ جديد في واشنطن يُطالب بإبقاء العقوبات على دمشق

جواد الصايغ - نداء الوطن

تدرك الإدارة السورية الجديدة أن الحصول على المباركة الأميركية يعدّ أمراً أساسياً في سبيل تثبيت دعائم حكمها، والانطلاق في مسيرة بسط سلطتها على كافة الأراضي السورية، وجذب الاستثمارات وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.

لطالما شكلت العقوبات الأميركية ولا تزال، سواء تلك التي كانت مفروضة على النظام السوري، أو حتى تلك التي تستهدف فصائل المعارضة المسلّحة، كـ “هيئة تحرير الشام” و”الجيش الوطني”، وقادتها، عقبة رئيسية أمام حكّام دمشق الجدد، ولم ينفع الانفتاح الأوروبي والعربي حتى اللحظة في تغيير قناعة واشنطن والالتحاق بالدول الأخرى عبر رفع العقوبات، بل جاءت القرارات الأخيرة بخصوص خفض مستوى التأشيرات للبعثة السورية في الأمم المتحدة لتدق ناقوس الخطر أكثر بالنسبة إلى دمشق.

وبعد سقوط النظام السابق، نشطت جماعات سورية – أميركية على خط واشنطن للعمل من أجل إقناع الكونغرس وإدارة الرئيس دونالد ترامب برفع العقوبات عن دمشق بحجة أنها كانت مفروضة على نظام أسقطته السلطة الجديدة، كما عملت هذه الجماعات المعارضة للنظام الساقط بالأصل على محاولة الإضاءة على نقطة مهمّة في سبيل إقناع المشرّعين الأميركيين بضرورة احتضان الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وهي دور جماعته في إسقاط النفوذ الإيراني في سوريا وقطع الطريق الذي كان ممتدّاً من طهران مروراً ببغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت.

وبلا أدنى شك، نقلت بعض الشخصيات السورية العاملة على خط واشنطن – دمشق أجواء إيجابية إلى الشرع وفريقه، مبشّرة بقرب رفع العقوبات، غير أن جرعات التفاؤل هذه سرعان ما اصطدمت بالتصريحات الأميركية والشروط التي وضعها البيت الأبيض للبدء في مسار الاعتراف بحكومة دمشق الحالية وإخراجها من خانة حكومة أمر واقع، ثمّ يأتي ملف التفاوض حول العقوبات في مرحلة ثانية.

الساحة الأميركية كانت خالية أمام أنصار السلطة السورية الجديدة في الأشهر الثلاثة الأولى التي أعقبت سقوط النظام، ولكن منذ وقوع المجازر في الساحل السوري، بدأت تتشكّل جماعات مناهضة لحكم الشرع، ويبدو أنها اتحدت في تحالف واحد خلال الأسابيع الأخيرة، وتوّج هذا التحالف بزيارات إلى الكونغرس والخارجية الأميركية في الأسابيع الماضية، حيث عرض مسؤولو هذا التحالف الجديد وجهة ونظرهم ورؤيتهم لما يحدث في سوريا.

وبحسب المعلومات، فإن هذا التحالف الذي يضمّ شخصيات علوية ومسيحية ودرزية وسنية، ويلقى دعماً من مجموعات شرق أوسطية تجتمع دورياً بشخصيات في الإدارات الأميركية المتعاقبة، التقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب برايان ماست، والنائب داريل عيسى، كما التقى مسؤولين في الخارجية الأميركية يهتمّون بالشرق الأوسط.

مطالب الوفد تركّزت على ضرورة “إدانة المجازر والدعوة إلى إجراء تحقيقات في الساحل السوري”، حيث طالبوا بإصدار “بيان يدين المجازر ضدّ العلويين في غرب سوريا ويدعو إلى تحقيق دولي محايد. فالتحقيقات التي تجرى في عهد حكومة الجولاني (الشرع) تفتقر إلى الصدقية”.

كما دعا الوفد إلى “حماية مناطق غرب سوريا وجنوبها من خلال إنشاء منطقة حظر جوّي من دون نشر أي قوات برّية على الأرض”، لأنه وفق اعتبارهم، “بمقدور السكان المحلّيين إدارة أمنهم بأنفسهم، بما في ذلك قوات الشرطة وهياكل الحكم المحلّية”.

وشدّد هذا التحالف على ضرورة “الإبقاء على العقوبات المفروضة على حكومة الأمر الواقع لضمان المساءلة”. وفي هذا السياق، فإن الوفد نقل عن مستضيفيه قولهم إن إدارة ترامب لا تخطّط حالياً لدراسة رفع العقوبات، وهذا المسار مرتبط بأفعال السلطة السورية الموَقتة وأن الطريق لا يزال طويلاً أمامها.

إخراج المقاتلين الجهاديين الأجانب كان حاضراً على طاولة البحث، بحيث طالب الوفد، واشنطن، بحضّ السلطات في دمشق على اتخاذ إجراءات حاسمة لإخراج المقاتلين الجهاديين الأجانب، واللافت كان في مطالبتهم بدعم جهود الحوكمة اللامركزية التي تُعطي الأولوية للتنوّع وحق تقرير المصير للمناطق التي يسكنها العلويون والمسيحيون والدروز والكرد، كما طالبوا بـ “ضمان إنشاء ممرّ إنساني لإيصال الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء واللقاحات، إلى المناطق الغربية والجنوبية التي هي في أمسّ الحاجة إليها”.

الصراع السوري – السوري المستجدّ على الأراضي الأميركية، يكشف من دون أدنى شك أن تغيير وجهة النظر الأميركية إزاء حكم الشرع لن يكون بالأمر السهل، خصوصاً مع تصاعد الأصوات السورية المعترضة في واشنطن وعملها على تنظيم صفوفها وتقديم نفسها على أنها ممثلة للأقليات وتتحالف مع شخصيات سنية معتدلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى