بعد العدوان.. دعم الجيش أولوية وطنية لضمان حماية لبنان
بقلم: عمر سىليم رحيمة

يشكل الجيش اللبناني خط الدفاع الأول في الجنوب، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير الذي خلّف دمارًا واسعًا وأثار مخاوف من تصعيد جديد يهدد الاستقرار في لبنان والمنطقة. فقد تعرضت القرى والبلدات الحدودية لقصف مكثف، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، إضافة إلى موجة نزوح واسعة للسكان الذين تركوا منازلهم خوفًا من استمرار العمليات العسكرية. ورغم الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، والتي أثّرت بشكل مباشر على المؤسسة العسكرية، لا يزال الجيش اللبناني صامدًا في مواجهة هذه التحديات، حيث يواصل انتشاره في المناطق الحدودية، ويبذل جهودًا كبيرة للحفاظ على الأمن ومنع أي خروقات إضافية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع. فبعد الهجوم الإسرائيلي، ازدادت التحديات الأمنية التي يواجهها الجيش، حيث يعمل بشكل مستمر على توثيق الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية التي تتعارض مع القرار الدولي 1701، ويقوم بإبلاغ الجهات المعنية والأمم المتحدة بها في محاولة لحشد دعم المجتمع الدولي والحد من الانتهاكات المتكررة، إلا أن هذه الجهود تصطدم أحيانًا بتجاهل المجتمع الدولي وعدم اتخاذ خطوات رادعة بحق إسرائيل.
في موازاة ذلك، يعمل الجيش اللبناني بشكل وثيق مع قوات اليونيفيل المنتشرة في الجنوب، تنفيذًا للقرار 1701، إلا أن هذا التعاون يواجه تحديات عديدة، إذ يفرض الاحتلال الإسرائيلي قيودًا على عمل القوات الدولية ويواصل استفزازاته العسكرية، مما يزيد من تعقيد مهمة الجيش اللبناني ويضعه أمام اختبار صعب للحفاظ على الاستقرار ومنع أي تصعيد غير محسوب العواقب. وبالإضافة إلى المهام الأمنية والعسكرية، يتحمل الجيش مسؤوليات إنسانية كبيرة، حيث يقوم بمساعدة النازحين وتأمين عودتهم إلى قراهم بعد انتهاء العمليات العسكرية، فضلًا عن تأمين المناطق المتضررة من القصف ومعالجة تداعيات العدوان على البنية التحتية. إلا أن هذه المهام تتم وسط أزمة اقتصادية خانقة يعاني منها لبنان، والتي أثّرت بشكل كبير على المؤسسة العسكرية، سواء من حيث تراجع رواتب العسكريين أو نقص الإمكانات والعتاد، ما يزيد من حجم الضغوط التي تواجهها هذه المؤسسة الوطنية في ظل التحديات الداخلية والخارجية.
ومع استمرار التهديدات الإسرائيلية وتصاعد التوترات الإقليمية، يصبح من الضروري تعزيز قدرات الجيش اللبناني ليتمكن من أداء دوره الوطني بفعالية أكبر، سواء من خلال تأمين دعم مالي وعسكري دولي يعزز من جهوزيته الدفاعية، أو عبر مبادرات داخلية تسهم في رفع مستوى تجهيزاته وتحسين أوضاع أفراده. كما أن تحصين الجبهة الداخلية يبقى عنصرًا أساسيًا في مواجهة أي اعتداء محتمل، حيث يتطلب ذلك دعمًا سياسيًا موحدًا للمؤسسة العسكرية وإبعادها عن التجاذبات السياسية التي غالبًا ما تعيق عملها. فرغم كل التحديات، يبقى الجيش اللبناني رمز الصمود الوطني، وسدًا منيعًا في وجه أي محاولات لزعزعة الاستقرار، مما يجعل من دعمه وتعزيز قدراته أولوية وطنية لضمان حماية لبنان وسيادته في مواجهة التهديدات الإسرائيلية المستمرة.