زيارة مقام النبي شعيب.. الدروز آخر من يتم تخوينهم

لا تزال تداعيات الزيارة الدينية التي قام بها عدد من مشايخ قرى جبل الشيخ الى مقام النبي شعيب عليه السلام ترخي بظلها على المشهد في ظل حملة اعلامية وتحريضية بهدف تشويه صورة الموحدين الدروز بشكل عام، عبر اتهامهم بالتطبيع مع الكيان المحتل للاراضي الفلسطينية، حيث ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بحملات التحريض على الموحدين الدروز.
بالمقابل هناك جملة من الحقائق التي تناساها او يتناساها البعض والتي تؤكد على عمق ارتباط الموحدين الدروز بالهوية الوطنية، ويكفي ان نذكّر بوثيقة الجولان قبل عقود من الزمن والتي أكدت على التمسك بالهوية العربية السورية، وهنا لا بد أن نستذكر بعضاً من أبناء الجولان المحتل امثال سيطان عبد الولي وصدقي المقت وآخرين من الذين كانوا في طليعة المدافعين عن الارض.
ولا بد أن نذكّر أيضاً بأن ابناء طائفة الموحدين الدروز ليسوا اصحاب مشاريع تقسيم او انفصال، والتجارب عبر الزمن اثبتت ان الموحدين الدروز هم اكثر المدافعين عن الهوية والعروبة، وهم جاؤوا الى هذه البلاد منذ حكم الدولة الفاطمية وقبلها وكانوا حماة للثغور ومدافعين عنها بوجه الغزاة والمحتلين، كما ان النداءات التي تصدر عن المرجعيات الروحية لدى طائفة الموحدين الدروز وفي مقدمهم سماحة الشيخ ابو يوسف امين الصايغ تؤكد دائماً على حفظ الوطن وعدم التفريط به، ورفض اي مشاريع انفصالية او الخروج من الإطار الوطني الجامع في دول تواجدهم.
لا شك ان الزيارة التي قام بها الوفد الديني هي دينية بامتياز ولا تحمل في طياتها اي بذور للتطبيع، فاللقاء حصل بين رجال دين دروز من الاراضي السورية مع اخوان لهم من الطائفة الدرزية من عرب ٤٨، يتقدمهم الرئيس الروحي للطائفة سماحة الشيخ موفق طريف، الذي أكد ان هذه الزيارة هي “دينية محض” ولا تحمل في طياتها اي خلفية سياسية.
ورب سائل لماذا لا يخوّن أهل السنة الذين يزورون المسجد الأقصى وكذلك الامر بالنسبة للأخوة المسيحيين الذين يزورون كنيسة القيامة وباقي مقدساتهم في القدس ولا يتم تخوينهم، بينما يسارع الإعلام المؤيد للجولاني ومناصريه، لا سيما أولئك داخل الطائفة الدرزية الى تحميل زيارة الوفد الديني الدرزي مسؤولية التطبيع مع اسرائيل وجلد اهلهم وتخوين بيئتهم ، خدمة لحسابات شخصية وسياسية ضيقة، بينما هناك انظمة عربية واسلامية من المحيط الى الخليج، لديها علاقات كاملة مع “اسرائيل” وتوجد لديها سفارات اسرائيلية على اراضيها.
واللافت أيضا ان بعض الجهات الدرزية التي كانت في طليعة المستفيدين من الدعم والغطاء من دروز عرب ٤٨ ابان الحرب الاهلية في لبنان، كانت في طليعة منتقدي زيارة الوفد الديني الدرزي الى اخوانهم بعد طول انقطاع، وذلك خدمة لاجنداتهم السياسية المستجدة مع الفئة الحاكمة في دمشق حاليا، وكذلك الامر بالنسبة للمستفيدين السابقين من دعم سماحة الشيخ موفق طريف داخل السويداء نفسها حيث كانوا في طليعة الحاصلين على الدعم، قبل ان يتغير النظام في سوريا ويتسلم الشرع او الجولاني مقاليد السلطة حيث اصبحوا بين ليلة وضحاها من اشد مؤيدي الجولاني.
ختاما لايمكن الفصل بين حملة التخوين لطائفة الموحدين المسلمين الدروز ورموزها ومرجعياتها الروحية في بلاد الشام، عن هذا التحريض الممنهج من قبل أبواق الجولاني وعملائه على هذه الزيارة الدينية التي تبينت معالمها وتفاصيلها للقاصي والداني إنها زيارة دينية روحية بعيدة كل البعد عن السياسية، ودحضت افتراءات واكاذيب هؤلاء المأجورين الذين عملوا على تحريف وتشويه الزيارة التي ظهرت عبر الإعلام.