اخبار عربية ودوليةالرئيسية

أمير قطر في إيران: غزة وسوريا تتصدّران المباحثات

محمد خواجوئي - الاخبار

شكّلت ملفات غزة وسوريا ولبنان محور المشاورات التي أجراها أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، مع المسؤولين الإيرانيين في العاصمة طهران أمس. وخلالها، أعلن الرئیس الإيراني، مسعود بزشكيان، أن الجانيبن اتّخذا «قرارات جيّدة» في إطار تعزيز العلاقات بينهما، مضيفاً: «نحن نؤمن بأنه في إمكان دول المنطقة أن تعمل على تحقيق الاستقرار والأمن فيها».

وأشار بزشكيان إلى «أننا بحثنا الوضع في سوريا، وأكدنا خلال هذا اللقاء على وحدة الأراضي السورية وحقّ الشعب السوري في تقرير المصير»، شاكراً قطر «على ما بذلته في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين».

ومن جهته، أعرب تميم بن حمد، في المؤتمر الصحافي، عن ارتياحه للزيارة، التي قال إنها تأتي في ظلّ «ما تمرّ به منطقتنا من تطوّرات وتحدّيات، ونحن بحاجة إلى التنسيق والتشاور في ما بيننا في شأنها».

وتابع: «أكّدنا على أهمية متابعة نتائج اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة التي عُقدت أخيراً، وزيادة حجم التبادل التجاري بين إيران وقطر، فضلاً عن تأكيدنا على توسيع تعاوننا في جميع المجالات».

كذلك، رحّب أمير قطر بموقف بزشكيان بخصوص تعزيز العلاقات بين إيران ودول «مجلس التعاون الخليجي»، معتبراً أن «الحوارات والتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة وتعزّز ازدهار دولها وشعوبها». وشدّد أيضاً على «ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار في غزة، والاستمرار في تدفُّق المساعدات»، كما «تحدّثنا عن أهمية إنجاح العملية السياسية الشاملة في سوريا». وبعد لقائه الرئيس الإيراني، اجتمع أمير قطر إلى المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، في مكتبه في طهران.

وعلى خلفية الزيارة، أثيرت تكهّنات في إيران عن أن أمير قطر حمل على الأرجح رسالة من واشنطن إلى طهران، أو أنه تطرّق مع المسؤولين الإيرانيين إلى مستجدات العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، ولا سيما في ظلّ توجّهات إدارة دونالد ترامب، ودراسة إمكانية إحياء المحادثات بين الطرفَين. وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قال قبيل الزيارة، إن محادثات أمير قطر مع المسؤولين الإيرانيين ستغطّي القضايا الثنائية والإقليمية، بما في ذلك الوضع في «غزة وسوريا واليمن ولبنان»، مضيفاً في الوقت ذاته «(أنّنا) لم نتبلّغ ما إذا كان أمير قطر سيحمل خلال زيارته إلى طهران، رسالة خاصّة أم لا».

أثيرت تكهّنات في إيران بأن أمير قطر حمل على الأرجح رسالة من واشنطن إلى طهران

وفي هذا السياق، قالت الناطقة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، في مؤتمر صحافي، رداً على سؤال عمّا إذا كانت الزيارة ستفتح باب المحادثات مع واشنطن، إن «باب المحادثات كان مفتوحاً دائماً من جانب إيران، غير أن الطرف الآخر مارس الضغوط القصوى، وعندما يمارسون الضغوط القصوى، فإن المحادثات ستفقد مغزاها». وأضافت: «نرحّب دائماً بالحوار مع العالم، ونعتبر زيارة أمير قطر، مباركة». ووفقاً لبعض وسائل الإعلام الغربية، فإن ثمّة استعداداً من جانب السعودية للتوسّط بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة، علماً أن قطر وسلطنة عمان كانتا اضطلعتا، خلال السنوات الأخيرة، بدور أكبر في تبادل الرسائل بين إيران وأميركا. وتأتي هذه التسريبات في وقت تشير فيه تصريحات السلطات الإيرانية والأميركية إلى وجود هوة عميقة بين الطرفين، ما قلّص الآمال في إحياء المحادثات في المستقبل المنظور.

وكان المرشد الأعلى الإيراني اعتبر أخيراً أن المحادثات مع أميركا «غير مُشرّفة»، في تصريحات يبدو أنها جاءت رداً على توقيع ترامب مذكّرة الضغوط القصوى على إيران، وإعلانه بالتزامن الجهوزية لإجراء المحادثات معها. وفي الوقت ذاته، تبدو إسرائيل بصدد تشجيع إدارة ترامب على الدخول في مواجهة مع طهران، في أعقاب التطورات التي شهدتها ساحات غزة ولبنان وسوريا. وبناءً على ذلك، تعزّزت التكهنات بأنه في حال لم يحصل اتفاق حول الملف النووي الإيراني، فثمّة احتمال لأن تشنّ إسرائيل، بالتنسيق مع أميركا وبدعم منها، عملاً عسكرياً ضدّ المنشآت النووية الإيرانية. وبلغت هذه التكهنات حداً دفع المرشد الأعلى الإيراني إلى القول قبل ثلاثة أيام: «لا يوجد لدينا أيّ قلق ومشكلة من ناحية الدفاع الصلب والتهديد المادي الذي يطلقه العدو، وقدراتنا للتصدّي للتهديدات الصلبة بمستوى عالٍ».

وبغضّ النظر عن مدى إمكانية استهداف المنشآت النووية الإيرانية وحجم تأثيره في حال حدوثه، وكذلك احتمال اندراج تلك التهديدات في إطار الحرب النفسية، يبدو أن الدول الخليجية متخوّفة من تداعيات خيارات من مثل شنّ هجوم عسكري على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، إذ إن أيّ تصعيد بين إيران من جهة، وأميركا وإسرائيل من جهة أخرى، سيلقي بظلاله عليها أيضاً، خاصة أن بعض السياسات الأميركية الأخرى في المنطقة، بما فيها مشروع الترحيل القسري لأهالي غزة، عزّز من مخاوف تلك الدول من تبعات سياسات ترامب وتقاربه مع نتنياهو.

ولذلك، يبدو أن أمير قطر أجرى، خلال زيارته إلى طهران، محادثات مسهبة وتفصيلية مع المسؤولين الإيرانيين في شأن مستقبل غزة في ظلّ اتفاق وقف إطلاق النار، وكذلك خطّة ترامب. ومن ناحية أخرى، فإن الموضوع السوري شكّل أحد المحاور المهمّة للمحادثات، حيث تُعدّ إيران الخاسر الأكبر من التغيّرات الأخيرة في سوريا. ومع هذا، تحدّثت السلطات الإيرانية، خلال الأيام الأخيرة، عن إجراء اتصالات غير مباشرة مع حكام سوريا الجدد، فيما قطر التي تقيم علاقات وثيقة مع الطرفين، بوسعها أن تضطلع بدور مهمّ في تقليص المسافة بينهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى