اخبار عربية ودولية

قوى المقاومة لا تنتظر تغييراً… والحلفاء يتوجّسون

الاخبار

على رغم تفجّر أزمة الرأسمالية العالمية بفعل تكاثر تناقضاتها، وإنتاجها المزيد من الحروب في عهد جو بايدن، لا يبدو أن فوز دونالد ترامب بمنصب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، وخروج بايدن المرتقب من البيت الأبيض، سيمثّلان فارقاً لدى عواصم كثيرة، إذ يدرك كثيرون أن ترامب لن يستطيع – على غرار ما جرى في ولايته السابقة – ضبط إيقاع تلك التناقضات التي اشتدّت أخيراً، نظراً إلى أنه سيواجه تحديات وصعوبات داخلية وخارجية، ليس أقلها محاولة حماية الداخل الأميركي من التبعات الحتمية لذلك النهج نفسه، اقتصادياً واجتماعياً. ويأتي هذا وسط توقعات بأن تشهد علاقات واشنطن مع حلفائها التاريخيين توترات جديدة، وتوقعات بحتمية المواجهة بين القوى العالمية – على ما يبدو، في ظل بحث أي إدارة أميركية عن سبيل لترميم مكانة «الإمبراطورية» المتصدّعة، من دون أكلاف باهظة.
بالنسبة إلى الأوروبيين، الذين اتّهمم ترامب، المعروف بسياسة «أميركا أولاً»، باستغلال المظلّة الأميركية الدفاعية، مشكّكاً في جدوى الـ«ناتو» الذي يُعدّ حجر الزاوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ الحرب الباردة، جاء الترحيب من غالبية المسؤولين على قاعدة «التعاون»، مع تلميح واضح إلى ضرورة عدم تغليب المصلحة الأميركية على الأوروبية. وهنّأ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ترامب، قائلاً إنه «مستعد للعمل معاً كما تمكّنا من فعله لمدة أربع سنوات». وأضاف: «سنعمل من أجل أوروبا أكثر اتحاداً وقوة وسيادة في هذا السياق الجديد». كما بعث المستشار الألماني، أولاف شولتس، بتهنئة إلى ترامب، مؤكداً رغبته في العمل مع الولايات المتحدة «من أجل تشجيع الازدهار والحرية على جانبي الأطلسي. سنواصل القيام بذلك من أجل مصلحة مواطنينا». وتابع: «معاً، يمكننا أن ننجز أكثر بكثير مما يمكن أن يفعله كل منا على حدة». أيضاً، هنّأ رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، ترامب على ما وصفه «نصره التاريخي»، لافتاً إلى «(أننا) كوننا أقرب الحلفاء، نقف جنباً إلى جنب دفاعاً عن قيمنا المشتركة المتمثلة في الحرية والديمقراطية».

كما وجّهت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، تهانيها «الحارة» إلى ترامب، مجددة تأكيد أهمية «الشراكة بين الشعبين» الأوروبي والأميركي. وحذا حذوها رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، قائلاً إن «الاتحاد الأوروبي يتطلّع إلى مواصلة تعاونه البناء» مع الولايات المتحدة. وبالمثل، هنّأ الأمين العام لـ«الناتو»، مارك روته، ترامب، واعداً بالحفاظ على «وحدة» الحلف.
لكن ما تقدّم، بطبيعة الحال، لا ينطبق على كلّ من روسيا والصين «الحذرتين» تجاه الإدارة المقبلة. فالأولى، التي يُعرف ترامب بكونه «صديق» رئيسها، فلاديمير بوتين، يبدو أنها لا تعوّل كثيراً على الرئيس الجديد في كبح العدائية الأميركية ضدها. ولذا، قال الكرملين، في بيان، إنه سيحكم على رئاسة ترامب الجديدة بناءً على «أفعاله»، لافتاً إلى أن بوتين لا يعتزم تهنئته. كما أكدت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو «ليست لديها أي أوهام» في شأن ترامب، لكنها «ستعمل» معه، توازياً مع مواصلة سعيها إلى تحقيق «كل أهدافها» من العملية العسكرية في أوكرانيا، مضيفة أن «شروطنا تبقى من دون تغيير وهي معروفة جداً في واشنطن». أما الصين، فأكدت على لسان الناطقة باسم الخارجية، ماو نينغ، مواصلة «مقاربة العلاقات الصينية الأميركية وإدارتها على أساس مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون للمنفعة المتبادلة»، لافتةً إلى أن «سياستنا تجاه الولايات المتحدة كانت دائماً ثابتة»، علماً أن ماو لم تعلّق بشكل مباشر على فوز ترامب، بل قالت: «نحترم خيار الشعب الأميركي». وفي المقابل، هنّأ الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ترامب، بـ«انتصاره المذهل»، مبدياً أمله في أن يساعد انتخابه أوكرانيا في تحقيق «سلام عادل». وقال زيلينسكي :«أقدّر التزام الرئيس ترامب بنهج السلام من خلال القوة في الشؤون العالمية. وهذا بالضبط المبدأ الذي يمكن أن يجعل أوكرانيا أقرب إلى السلام العادل».
وفي ظلّ العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والضفة ولبنان، وما يتلقّاه الكيان من دعم أميركي، نبّهت حركة «حماس» إلى أن «موقفنا من الإدارة الأميركية الجديدة يعتمد على مواقفها وسلوكها العملي تجاه شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة»، داعية ترامب إلى «وقف الانحياز الأعمى إلى الاحتلال الصهيوني». ومن جهتها، أبدت إيران عدم اكتراثها بنتائج الانتخابات، رغم التوقعات المتصاعدة بأن ترامب قد يشدد العقوبات على الجمهورية الإسلامية، أو يمكّن الكيان الصهيوني من ضرب مواقعها النووية وتنفيذ اغتيالات فيها، وسط ترقّب الردّ الإيراني على العدوان الإسرائيلي في الـ25 من الشهر الماضي. وقالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهجراني، إن «الانتخابات الأميركية لا تعنينا حقاً. سياستنا ثابتة ولا تتغير بناءً على أفراد»، لافتة إلى أن «التدابير اللازمة تم التخطيط لها مسبقاً. ولن يكون هناك تغيير في معيشة الناس».
أما الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، فرحّب بانتخاب «صديقه» ترامب، آملاً أن «تتعزّز العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة وأن تنتهي الأزمات والحروب الإقليمية والعالمية، خصوصاً القضية الفلسطينية والحرب بين روسيا وأوكرانيا». ومن السعودية، بعث الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان، برسالتي تهنئة إلى ترامب. وأشاد سلمان بـ«تميّز العلاقات التاريخية الوثيقة القائمة بين البلدين والشعبين الصديقين، والتي يسعى الجميع لتعزيزها وتنميتها في المجالات كافة». كما هنّأ الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، ترامب ونائبه جاي دي فانس على فوزهما، قائلاً إن الإمارات تتطلع إلى مواصلة عملها مع شركائها الأميركيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى