رغم حسم جائزة أفضل لاعب كرة قدم في العالم مساء الاثنين بتتويج متوسط ميدان مانشستر سيتي، الإسباني رودري، بالكرة الذهبية، لا يزال الوسط الرياضي مشغولاً بخبايا حسابات التصنيف.
اختيار رودري قسمَ الوسط الرياضي بين مؤيدٍ ومعارض. جهات مختلفة دعمت التتويج نظراً لأداء اللاعب الإسباني الثابت ومساهمته في رفع لقب الدوري الإنكليزي الموسم الماضي مع مانشستر سيتي، إضافةً إلى حصده رفقة منتخب إسبانيا بطولة أمم أوروبا (يورو) ونيله جائزة أفضل لاعب في المسابقة… ترافق الأمر مع تسجيل رودري 12 هدفاً وصناعته 14 في مختلف المسابقات، وهي أرقام تفوق ما حققه متوسطي ميدان سبقَ لهم وأن توجوا بالكرة الذهبية، منهم لاعب ريال مدريد، الكرواتي لوكا مودريتش (2018).
لا يخفى على أحد الحرب «الباردة» بين رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز من جهة وبين فيفا وويفا من جهةٍ أخرى
أما بالنسبة للآراء المعارضة، فشملت ريال مدريد ومناصريه والصحافة التابعة له وبعض المحايدين، الذين أشعلوا مختلف وسائل التواصل استنكاراً لعدم تتويج لاعب النادي الملكي، البرازيلي فينيسيوس جونيور، بالكرة الذهبية. وتجلّى الاعتراض بمقاطعة ريال مدريد حفل الجوائز، بعد تسريباتٍ أكدت تتويج رودري على حساب أي لاعب من ريال مدريد، وعلى رأسهم المرشح الأبرز «فيني».
وسطَ هذه العاصفة، كثرت الفرضيات واتهامات المؤامرة، ليتجاوز حفل الكرة الذهبية إطاره الفني إلى حدثٍ لتصفية الحسابات.
أشار بعض القيّمين في الوسط الرياضي إلى تعمّد كل من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، جياني إنفانتينو، ورئيس الاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا)، ألكسندر تشيفرين، إيهام ريال مدريد بتتويج فينيسيوس بالكرة الذهبية، قبل «صعق» النادي وحتى اللاعب على منصة التتويج بإعلان رودري. وتعود هذه الفرضية لاعتبارَين أساسيين.
لا يخفى على أحد الحرب «الباردة» بين رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز من جهة وبين فيفا وويفا من جهةٍ أخرى، خاصةً بعد قيادة بيريز مشروع «سوبر ليغ» كبطولة منفصلة، مع دعوته كبار أندية القارة العجوز للانضمام إليه. ورغم إفشال المخطط من قبل فيفا وويفا قبلَ إبصاره النور عبر تهديد الأندية وجميع من يشارك بهذا المشروع بعقوبات وخيمة، مع لجوئهما إلى ضغوطات من حكومات دول كبرى، استمر الصراع بعد أن رفعَ بيريز وآخرين دعاوى قضائية ضد احتكار فيفا وويفا تنظيم البطولات.
وللحؤول دون تفاقم الوضع، قامت ويفا بتعديلات على بعض مسابقاتها، وخاصةً البطولات القارية الثلاث الكبرى على صعيد الأندية: دوري أبطال أوروبا، الدوري الأوروبي، دوري المؤتمرات، على أن يؤدي الشكل الموسّع الجديد إلى منافسات أكثر عدلاً تضمن تباعاً عائدات مالية أعلى بالنسبة للأندية المشاركة.
أشار بعض القيّمين إلى تعمّد كل من جياني إنفانتينو وألكسندر تشيفرين إيهام ريال مدريد بتتويج فينيسيوس بالكرة الذهبية
الاعتبار الثاني يطاول الجانب الفردي، إذ يعتقد اللاعب البرازيلي فينيسيوس جونيور أن محاربة العنصرية أدت إلى هزيمته في حفل الكرة الذهبية.
وبعد احتلاله المركز الثاني في التصويت على الجائزة المرموقة خلف رودري، نشرَ فينيسيوس على مواقع التواصل الاجتماعي «سأفعل ذلك 10 مرات إذا اضطررت إلى ذلك. إنهم غير مستعدين».
وعند السؤال عما يعنيه فينيسيوس بمنشوره، قالَ طاقم اللاعب الإداري لوكالة «رويترز» إن فينيسيوس كان يشير إلى معركته ضد العنصرية، وأنهم يعتقدون أنها كانت السبب في عدم فوزه بالجائزة، قائلين إن «عالم كرة القدم غير مستعد لقبول لاعب يقاتل ضد النظام».
تجدر الإشارة إلى أن فينيسيوس لعب دوراً أساسياً في التتويج بثنائية دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني لريال مدريد… مسجلاً 26 هدفاً وصانعاً 11 في مختلف المسابقات على صعيد النادي والمنتخب، إلى جانب الإنكليزي جود بيلينغهام الذي دوّنَ موسم أول رائع رفقة «الميرينغي» وساعد إنكلترا في الوصول إلى نهائي يورو 2024 ليحتل بذلك المركز الثالث في ترتيب الكرة الذهبية.
لا يجب إغفال ظهير ريال مدريد أيضاً، الإسباني داني كارفاخال، الذي جمع بين إنجازات اللاعبين الثلاثة الأوائل في التصنيف من حيث الألقاب القارية (دوري الأبطال واليورو) مع فوزه بالدوري الإسباني. رغم ذلك، احتل كارفاخال المركز الرابع في سباق الكرة الذهبية وهو ما جعل مصدر داخل نادي ريال مدريد يقول لموقع «The Athletic» في يوم حفل الجوائز «إذا لم تُعلن معايير الجائزة عن فينيسيوس جونيور فائزاً، فيجب أن تُعلن نفس المعايير عن فوز كارفاخال. نظراً لأن هذا لم يكن الحال، فمن الواضح أن جائزة الكرة الذهبية الأوروبية لا تحترم ريال مدريد، وريال مدريد لن يتواجد في مكان لا يُحترم فيه».
إذاً، هي حربٌ مستمرة بين جهاتٍ حاكمة متهمة باحتكار مسابقات كرة القدم، ورئيس نادٍ يُزعم من خلال طرحه مشروع «سوبر ليغ» حصر اهتمامه بمصالح الأندية الكبرى على حساب البقية. أما الرابح الوحيد ربما، فهو لاعب مميّز يُمثّل فريقاً عليه 115 تهمة احتيال والتفاف حول القوانين.