في تقرير فصلي حديث تحت عنوان “تقرير التهديد المعادي”، كشفت شركة “ميتا” عن حملة إعلامية مضلّلة تديرها شركة فيتنامية تُعرف بـ “LT Media”. الحملة، التي تحمل شعار “لبنان لا يريد الحرب”، استهدفت دولًا عدة بما في ذلك لبنان، وبلغت تكلفتها الإجمالية نحو 1.2 مليون دولار.
وقد نسقت الشركة حملات إقليمية عبر منصات متعددة مثل “ميتا” و”يوتيوب” و”تليغرام” و”إكس” (تويتر سابقًا)، بالإضافة إلى ذلك، قامت بنشر إعلانات على لوحات في الشوارع الرئيسية في بيروت، مستخدمة وسم #لبنان_لا_يريد_الحرب، من أجل التحريض على المقاومة وبيئتها الحاضنة.
ويبرز التقرير أن الشبكة استخدمت حسابات مزيّفة مدعومة بصور مولدة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز ظهورها. ونتيجة للتحقيقات، أصدرت “ميتا” إنذارًا لـ”LT Media” طالبة منها وقف النشاطات المخالفة على منصاتها، في خطوة تهدف إلى حماية نزاهة المحتوى وتفادي التلاعب بالرأي العام الذي بات يمارس بأساليب جديدة من خلال استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق أهداف سياسية ومصالح خارجية.
الصحفي والناشط جمال شعيب أكد أن البداية كانت عبر ملاحظة نشاط مكثّف للحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب ظهور إعلانات على بعض المواقع الإلكترونية، حيث بدأ عدد من الصحفيين والناشطين متابعة الحملة والتحقق من مصدرها.
وفي حديث لموقع “العهد” الإخباري قال شعيب: “كشفت التحقيقات الأولية أن الحملة لم تكن عفوية أو تعبيرًا عن رأي شعبي حقيقي، بل كانت مدعومة من شركات فيتنامية ولم يتم الكشف عن اسمها أو تفاصيلها بشكل واضح في البداية”.
وبحسب شعيب، فإنّ أحد الأدلة البارزة التي ساعدت في الكشف عن الحملة المزيّفة هو استخدام عملة غير معروفة في المدفوعات المرتبطة بالحملة، كما تبين أن العديد من الحسابات التي كانت تروج للحملة لم تكن حقيقية، بل كانت حسابات مزيّفة أنشئت عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي وكانت تنشر المحتوى وتروّج للحملة بشكل واسع، مما أعطى انطباعًا زائفًا بأنها تحظى بدعم شعبي كبير.
وأضاف: “استخدمت الحملة تقنيات متطورة للتلاعب بالرأي العام واعتمد البعض منها على “استنساخ الحسابات”، حيث تقوم الحملة بجمع معلومات من حسابات حقيقية لتنسخها وتخلق حسابات مزيّفة تبدو حقيقية، إذ استخدمت هذه الحسابات المزيّفة لتضخيم التفاعل مع الحملة على منصات التواصل الاجتماعي، مما جعلها تبدو أكثر تأثيرًا وانتشارًا مما هي عليه في الواقع”.
وأشار شعيب إلى أن الأبحاث كشفت أن بعض كوادر الأحزاب اللبنانية، بما في ذلك “القوات اللبنانية”، كانوا متورطين بشكل غير مباشر في الترويج للحملة، ونشر المحتوى الذي يتماشى مع أهدافها، ما زاد من تعقيد الوضع وجعل من الصعب على الجمهور التمييز بين المعلومات الصحيحة والمزيّفة.
ومن أجل مواجهة هذا النوع من الحملات، رأى الناشط شعيب أنه يجب على الجهات المختصة اتّخاذ إجراءات سريعة وفعالة لحماية الأمن الرقمي، وينبغي للشركات والمنصات الاجتماعية تعزيز إجراءاتها لمكافحة التلاعب والحملات المضللة، واتّخاذ إجراءات قانونية ضدّ الشركات التي تقف وراءها، كما يجب أن يكون هناك عمل منسق بين السلطات اللبنانية ومزوّدي الخدمات الرقمية للتحقيق في مصدر الحملة ومقاضاة المسؤولين عنها.
وأوضح شعيب أن الحملة كانت تهدف للتأثير على مواقف الدول الأخرى تجاه لبنان عبر تصويره كمجتمع رافض للحرب وأن هذا النوع من الحملات يمكن أن يؤثر بشكل كبير على السياسات الدولية تجاه لبنان، ويعزز من موقف بعض الأطراف على حساب الآخرين، من خلال تصوير لبنان كداعم للسلام، وعزل الفئة الداعمة للمقاومة وتوجيه انتقادات دولية لها، مما يعقد الوضع السياسي.
وللتمييز بين الحملات الحقيقية والمزيّفة، دعا الصحفي جمال شعيب في ختام حديثه لـ”العهد” الجمهور إلى رفع مستوى وعي الثقافة الرقمية عبر البحث عن المصادر الموثوقة والتحقق من صحة المعلومات عبر استشارة المتخصصين في هذا المجال من أجل التعرف على الحسابات المزوّرة والتأكد من مصداقية الحملات الدعائية.
لبنان