مرة جديدة، حال تمسُّك رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، برفض الانسحاب من محور «فيلادلفيا» على الحدود بين مصر وقطاع غزة، إلى الآن، دون تحقيق اختراق في المفاوضات التي انعقدت في القاهرة أمس، بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر، حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع المقاومة في قطاع غزة. وبينما أشير الى استمرار الاتصالات، نقلت وكالة «رويترز» ليل أمس عن مصدرين أمنيين مصريين قولهما ان المحادثات انتهت من دون اتفاق، وان اسرائيل وحماس رفضتا مقترحات التسوية التي قدمها الوسطاء.
ويأتي ذلك على رغم الضغط المتزايد على نتنياهو لعقد اتفاق، والذي ازداد بشكل ملحوظ بعد الرد الذي نفّذه «حزب الله» ضد إسرائيل، ولمس معه الإسرائيليون والدول الغربية والعربية الحليفة لها، المخاطر التي يمثلها توسّع الحرب إلى الإقليم إذا ما استمرت الحرب في القطاع، أو هذا على الأقل ما عكسته تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين، ولا سيما وزير الحرب، يوآف غالانت، الذي اعتبر أن الكيان يقف اليوم على مفترق طرق استراتيجي، يحتّم عليه التوصل إلى صفقة في غزة، ومن خلالها فتح إمكانية «التوصل إلى اتفاق مع حزب الله» في الشمال.
وقبيل إعلان عودة الوفد الإسرائيلي المفاوض، والذي ضم رئيس جهاز «الموساد»، ديفيد برنياع، ورئيس جهاز «الشاباك»، رونين بار، من القاهرة، مساء أمس، بعد ساعات قليلة من توجّهه إليها، من دون تحقيق أي اختراق، نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصادر قولها إن «احتمال التوصل إلى اختراق في مفاوضات القاهرة ضئيل»، مضيفة أن «التفويض الذي حصل عليه الوفد الإسرائيلي لا يسمح بالتوصل إلى تسوية بشأن محور فيلادلفيا». وعلى رغم أن نتنياهو ما زال يعارض التسوية، خشية سقوط حكومته بانسحاب الوزراء المتطرفين منها، إلا أن الحدث الشمالي، أمس، رتّب عليه المزيد من الضغوط الداخلية والخارجية، سواء من قبل وزراء مثل غالانت، أو من عائلات الأسرى، أو من الأميركيين الذين بدوا معنيين بعدم توسيع الحرب، وهو السبب الأساسي وراء إحياء المفاوضات التي كانت متوقّفة، بعد تهديد إيران وحلفائها في «محور المقاومة» بالرد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شكر في بيروت.
وفي هذا السياق، جاءت تصريحات غالانت الذي اعتبر أن «علينا النظر بطريقة إجمالية إلى الحرب. نحن على مفترق استراتيجي ونحتاج إلى اغتنام المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن، ومن خلال ذلك لفتح احتمال اتفاق في الشمال لتهدئة المنطقة». وأضاف: «نحن نعمل عسكرياً ونستعد كما لو أننا لن نتوصل إلى اتفاق. ونحن جاهزون في أي لحظة لحرب في الشمال، لكن ليس هذا ما نفضّله، وما زلنا نعطي فرصة لاحتمال التوصّل إلى اتفاق».
في المقابل، جددت حركة «حماس»، التي كانت قد أرسلت وفداً إلى القاهرة برئاسة خليل الحية، للاجتماع مع الوسطاء المصريين والقطريين قبل انعقاد جولة المفاوضات بغير مشاركة الحركة، رفضها الشروط الإسرائيلية، وأهمها عدم الانسحاب من محور «فيلادلفيا». وقال القيادي في «حماس»، أسامة حمدان، لقناة «الأقصى» التلفزيونية، إن «حماس ملتزمة باقتراح وقف إطلاق النار في غزة والذي طُرح في الثاني من تموز، وترفض الشروط الإسرائيلية الجديدة لوقف إطلاق النار»، مضيفاً: «الحديث عن اتفاق وشيك غير صحيح». كما أعلن عضو المكتب السياسي للحركة، عزّت الرشق، أن وفدها غادر القاهرة بعدما التقى الوسطاء في مصر وقطر، واستمع منهم إلى نتائج جولة المفاوضات الأخيرة. وشددت مواقف الحركة على ضرورة أن يتضمّن أيّ اتفاق وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاباً كاملاً من قطاع غزة، وحرية عودة الفلسطينيين إلى مناطقهم، والإغاثة والإعمار وصفقة تبادل جادة.
من جهته، نقل التلفزيون «العربي» عن مصدر قوله إن «الوسطاء يعملون مع حماس لقبول انسحاب تدريجي من محور فيلادلفيا، مقابل مرونة في ملف عودة النازحين، وهم ناقشوا مع إسرائيل الانسحاب من المحور المذكور على مراحل تنتهي مع المرحلة الأولى للاتفاق». كما نقل عنه أن الحركة «تطالب بضمانات مكتوبة وملزمة للتنفيذ وغطاء أميركي كامل لما يتم الاتفاق عليه». وأشار المصدر إلى أن «الولايات المتحدة عرضت مقترحات جديدة بشأن فيلادلفيا نوقشت مع الوسطاء وإسرائيل»، وأكد أن «مصر تتمسّك بانسحاب إسرائيل من معبر رفح مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ»، وأن «الوفد الإسرائيلي سيعرض على نتنياهو مناقشات محور فيلادلفيا ويعود بردّ إلى الوسطاء» اليوم.