بعيداً عن السيناريوات التي يمكن أن تسلكها تطورات الميدان في غزة ولبنان، يعكس تأكيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أمس، جهوزية حزب الله لأسوأ الاحتمالات بأنه يأخذ بالحسبان فرضية أن يخطئ العدو في تقديراته وخياراته، رغم أن المعطيات ومجريات الحرب في غزة كشفت محدودية قوة جيشه الذي تورط في معركة رفح منذ أكثر من شهرين، ولم ينجح في حسمها، “فكيف سيكون قادراً على تنفيذ تهديداته باجتياح جنوب الليطاني حيث ينتظره المقاومون بصواريخهم المتنوعة والقادرة على استهداف آلياته من مسافة 10 كيلومترات، وهي الآن تفتش عنهم داخل الجليل لاستهدافهم”. وهذه القراءة الواقعية لمعادلات القوة والظروف الداخلية في كيان العدو، تفرض أن يكون قادته أكثر عقلانية في خياراتهم. ومن المؤشرات على هذا الاتجاه، حتى الآن، الابتعاد عن السقوف العالية وخفض سقف طموحاته عبر المطالبة بإبعاد قوات الرضوان عدة كيلومترات، فيما قوات حزب الله في جنوب الليطاني لا تقتصر على “الرضوان”. والأهم، كما أكد نصر الله، أن ذلك “لن يحلّ مُشكلته”.وفي كلمة له في الاحتفال التأبيني الذي أقامه حزب الله للقيادي محمد نعمة ناصر (الحاج أبو نعمة) في الضاحية الجنوبية، تناول الأمين العام لحزب الله أيضاً جانباً من المكاسب اللبنانية لمعركة طوفان الأقصى، مشيراً الى أن صمود المقاومة الفلسطينية ومنع العدو من تحقيق نصر سريع في قطاع غزّة، حالا دون أن يكون لبنان “الأوّل في دائرة التهديد”، بينما اليوم، وبعد الحرب التي دخلت شهرها العاشر، و”فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أيّ نصر”، فإن “ما جرى في غزة أدّب الجيش الإسرائيلي، وصمود المقاومة حمى كل الجبهات من أيّ هجوم إسرائيلي”. وأكد أن “الفشل هو عنوان هذه المعركة بالنسبة إلى العدو الذي لم يحقق أياً من أهدافه المعلنة. والأطراف الدولية تدرك أن وقف إطلاق النار في شمالي إسرائيل مرتبط بوقف العدوان على غزة، والعالم كله سلّم بأن إسرائيل غير قادرة على الحسم العسكري ويجب وقف إطلاق النار، وبالنسبة إلينا حركة حماس تفاوض عن نفسها وعن كل محور المقاومة، وما تقبل به حماس نقبل به جميعاً، وما ترضى به نرضى به جميعاً”.
وبعد أيام من تهويل وزير الأمن في كيان العدو يوآف غالانت الذي أعلن قبل أيام أن وقف النار في غزة لا يعني وقف النار مع لبنان، أكد نصر الله أنّه إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزّة، فإنّ جبهة الإسناد في لبنان “ستوقف إطلاق النار بلا مفاوضات”، محذّراً من الاستمرار في الاعتداء على جنوب لبنان بعد ذلك، “وإلا فسندافع عن لبنان ولن نتسامح مع الاحتلال”. أما “من يهددنا باجتياح جنوب الليطاني، فلينظر إلى ما يجري في رفح بمساحتها الضيقة حيث فشل في تحقيق نصر”. وتوجّه إلى الجيش الإسرائيلي بالقول: “عندما تطلّ دباباتك تعرف من ينتظرها… رماتنا ماهرون، وإذا اعتدى علينا الإسرائيلي فنحن جاهزون للرد، وإذا أراد نتنياهو الاستمرار بالمعركة فسيأخذ كيانه للخراب”. لكنه لفت إلى أن “العدوّ يعيش في هذه المرحلة أسوأ أيام في تاريخه، وجيشه غير قادر على إخلاء الشمال بسبب خوفه من تسلّل مجموعات المقاومة، ولا سيما مع خسارة تجهيزاته التجسسية. وهو يعاني نقصاً في العديد، ما اضطرّهم إلى محاولة إجبار الحريديم على التجنيد، وأهداف استنزاف العدو في الاقتصاد والعديد والواقع الاجتماعي محققة وهذا ما سيضطرّه إلى وقف الحرب”.
وأكد نصر الله أنه “يجب أن نسجل للمقاومة الفلسطينية الوحدة والشجاعة، ولأهل غزة ونسائها وأطفالها الشموخ والصمود والإرادة والعزم، وما جرى في غزة أدّب الجيش الإسرائيلي، وصمودها حمى كل الجبهات من أي هجوم إسرائيلي، وخفّض سقف الأهداف الإسرائيلية المعلنة تجاه الجبهات الأخرى ولا سيما في لبنان، إذ لم يعد الإسرائيلي يهدد بالقضاء على المقاومة في لبنان والحرب الشاملة عليه”.
وأشار نصر الله إلى أنّ “الشهيد القائد أبو نعمة، مجاهد، أسير، مقاتل وجريح لمرتين وقائد. وفي نهاية المطاف، نال النهاية الجميلة والعاقبة الحسنة”، مشيراً إلى أنّ “أبو نعمة كان في كل الأوقات في الخطوط الأمامية. اختار طريق المقاومة في ريعان شبابه وقضى كل عمره في ميدان المقاومة”.